الكتابة عن الأوضاع العربية ضياع للوقت وثريد حول الصحون, وهذيانات مخمورين بالآمال والطموحات والتطلعات الإنسانية المعاصرة, ذلك أن الكتابة لا تمنع من خراب ودمار ولا تُغني من قهر وظلم وضياع وهجيج!! فالمرسوم على الورق يتم تنفيذه بحذافيره من قبل الموضوعين في الكراسي, ولا خيار عندهم إلا التنفيذ وإنجاز المشاريع بدقة وإحكام, وإلا سيتحولون إلى ركام وحطام.
وما دامت المجتمعات تلد المؤهلين للتعاون مع أعداء أوطانهم للنيل من أبناء الشعب ومقاتلتهم والفتك بهم, فإن الكتابة لا معنى لها ولا قيمة ولا دور ولا تأثير, فالقوة تؤكد وجودها وتفعل فعلها وتحقق منطلقاتها المفروضة على أي وطن وشعب.
وكأن الأقلام تتغافل عن حقيقة أن ما يجري في المنطقة يمضي وفقا لبرامج وخطط وخرائط ينفذها أبناء المنطقة أنفسهم ويمررون اللعبة على أصدق ما يكون, فهم اللاعبون والملعوب فيهم وبهم, وهم المستعبِدون والمُستَعبَدون, وهم آلة بوجهين كليهما مرُّ, فلا حرٌّ سوى الفاعل فيهم وبأوطانهم, والجميع عبيد تابعون قابعون متورطون بآثام وخطايا وتفاعلات مروعة, بل أنهم وبلا استثناء متوحلون بالفساد والإفساد والنهب والسلب وزهق أرواح الأبرياء, ومن كثرة السجود في جباههم طرر.
وكأن الأقلام ساذجة وتمعن بالغباء والبَقل, وتريد أن تبني حياة ديمقراطية وتطالب بحرية البشر وكرامته وتلبية أبسط حاجاته الإنسانية, وتريد للقيم السائدة في المجتمعات المتقدمة أن تتحقق في هذه المجتمعات التي يقتلونها بما تريد, ويسخرون دينها لتمزيقها, ويُحوّلون عمائمها إلى شياطين, ويخطفون أمنها وأمانها وقيمها وثرواتها, ونفطها المبتلاة بنيرانه وعائداته المسلحة بالقدرات الفتاكة الماحقة لكيانها ومعناها, حتى صار البشر فيها أرقاما والأقلام تكتب متوهمة بأنه إنسان!!
فلتنكسر الأقلام, والنصر للفساد والظلم والخطايا والآثام, فالمشاريع على ما يرام!!
واقرأ أيضاً:
مرآة آثام القرون!!/ أبوة الأخطار!!/ الاستهلاكية الفكرية!!/ النفس الأمّارة بالسوء منبع السوء!!/ البحث عن المفقود!!/ الأصغرُ المتفاعلُ أكبرٌ متفائلُ!!/ الإدراك الديمقراطي!!/ لكل فضيحة واعظ أثيم!!/ العمود الفقري العربي المكسور؟!!/ تحيا مصر وتبتْ يدا مَن يعاديها؟!!/ هل تحولت هويتنا إلى قضية؟!!