الوحوش تعزف على إسطوانة مشروخة مكررة وعلى أنغامها يؤدي أصحاب الكروش رقصاتهم وطقوس إفتراسهم بأنياب العازفين ومخالبهم الشرسة. فلا جديد فيما يجري ويحصل، فالكل يتثاغى ويرتع في مرابع الوعيد والزئير، فالذئاب تحرس فرائسها وتصونها حتى تقضي عليها أجمعين، وللصيد مهارات وفنون، وللافتراس مناهج وآليات ومبتكرات تضليلية خداعية متراكمة ومُتعلّمة.
قطط وفئران، أرانب وصقور وكلاب صيد وفرسان، ودجاج وثعالب في الميدان، وما أكثر الصيد في مهزلة الحكم بالمذاهب والأديان. هذا يصول وذاك يجول، وقنابل تتساقط لتحرق البشر الحيران، وسفن حربية تطلق صواريخها وحكام وجيوش، وطوابير أباليس تتظاهر بثياب إنسان، ولكل مسوغاته ومبرراته وما يؤجج سوءه ويطلق براكين شروره والجميع على صواب، والضحية طفل بريء أوعائلة لا حول ولا قوة لها إلا أنها وُجدت في مكان ما، في وقت تقرر فيه أن تكون مقبورة في بيتها وفراشها، الذي كانت تحلم فيه بيوم جديد.
ماذا يجري في عالمٍ يُسمى عربي وما فيه قطرة عروبة، في عالمٍ يدين بدين الرحمة وما فيه قطرة رحمة، في عالمٍ يدّعي الإنسانية ويفترس الإنسان، عالم يتمنطق بالخير والمحبة ويتدفق من جوارحه الشر والانتقام، وتجده مسعورا بالخطايا ومخمورا بالآثام.
عالم يُسمى عربي، والموت فيه مُشاع والفساد رب وكتاب ونبي ودين قويم، وكل دين فيه يقاتل دين، وما يدور في أروقته نواعير دماء وأنين. عالم عربي، يحسب الدمار انتصارا والخراب عمرانا، ومقاتلة ابن البلاد بطولةً وفخرا، ولا هم عنده إلا أن يُميت العربي في ديار العربي، ويستعين بأعدائه على أخيه العربي، ويطبل ويهلل لأي عدوان على العربي. فأي مهانة وذلة وإرادة انمحاق وغياب، هذه التي تفتك بالسلوك العربي المعمم بالإجرام؟!
عرب يتراقصون على معزوفات المفترسين لذاتهم وموضوعم وهويتهم وحاضرهم ومستقبلهم، ويسكرون بإعدام عروبتهم واغتصاب دينهم وقيمهم وأخلاقهم، فالعربي يرفع رايات أنا غبي، ليُدام الوجيع والضياع في أمةٍ كانت ذات لسان عربي!!
فهللوا لكل عدوان على بيت عربي، فهذه رسالتنا ومهمتنا التي جئنا لتنفيذها ولتقر عيون الطامعين بنا، وهنيئا للمعتدين الذين جعلونا من أفتك آلات عدوانهم على وجودنا، فلماذا نلوم الغير ولا نلوم أنفسنا، التي تعتدي على وجودنا وتمرغ رؤوسنا بأوحال المذلة والهوان؟!!
واقرأ أيضاً:
مرآة آثام القرون!!/ أبوة الأخطار!!/ الاستهلاكية الفكرية!!/ النفس الأمّارة بالسوء منبع السوء!!/ البحث عن المفقود!!/ الأصغرُ المتفاعلُ أكبرٌ متفائلُ!!/ الإدراك الديمقراطي!!/ لكل فضيحة واعظ أثيم!!/ العمود الفقري العربي المكسور؟!!/ تحيا مصر وتبتْ يدا مَن يعاديها؟!!/ هل تحولت هويتنا إلى قضية؟!!/ اكسروا الأقلام فالمشاريع على ما يُرام!!/ أولياء أمور العرب لا يقرؤون!!/ عرب أو عطب؟!!