تتصرف البنت كما بائعة الهوى، وتستنكر تماما هذا المسمى ويبدو الرجل داعرًا يوزع ذكورته على الإناث اللاتي يصطادهن من الإنترنت والشارع والكافيهات، فخورا بهرموناته، كأنه الفحل الأوحد أو "الطالوقة" (الثور الذي يكسر الإناث بدون مجهود).
أما البنت فلها تركيبة بنت الليل، تقفز من علاقة إلى أخرى، أساسها جنسي وظاهرها "حب"، تتم اللقاءات في الخفاء، مرةً في السيارة، ومرةً في مكتب، ومرةً في الصحراء، وأخرى داخل (غيط الدرة).
يدمن الرجل صيد النساء ولا يبقى مع واحدة غير تلك التي يحتفظ بها لسنوات، قد تكون زوجته أو محظيته أو مديرة أعماله. لكن لماذا تدمن المرأة الوقوع في الشَرك راضيةَ مُنتشيةً، مُشعلةً كيمياء السعادة في المخ ونيران الأنوثة في الجسد، وقد تصطادهن رجلًا أو آخر ليقع الرجل على الأرض، يرفس برجليه كالعبيط، مشاركًا في لعبة اللهو الخفي، وممارسًا سحر سرقة العشق، هتك الأسرار، الشدّ والجذْب، العضّ على النواجذ، والترقب.
لاعبُ الهوى ينتظر ضحيته في النادي، في الشارع، في المول، أو على النت، ليسقطها في بحر العسل، أما لاعبة الهوى فتنشر شباكها، صورتها، أو صورة أخرى أكثر إثارةً وجمالًا للإيقاع بمن يقع عليه الدور، مثل بائع الكلاب الأنيق الملابس ذو القبعة الأمريكية العالية والقفاز الأبيض، يستوقفها عند باب المطعم الفخم (مدام، مدموازيل، تشتري كلب، كلب لولو مُدرَّب).. يكون الكلب هنا هو حصان الرغبة. تمتطيه البنت مسرعةً كالفارس في الميدان، لتقع في الحبائل، مما يعني موت التحكم في اندفاع الرغبة، في فقدان الأنا العليا، موت الضابط والرابط في ظل أُسَر فقدت وظيفتها، فلا أب رادع، ولا أم تتمكن من صداقة بناتها.
وقد تقول البنت (من كتر الشباب اللي عرفتهم نسيت وشوشهم)، ويقول الولد ذو العضلات الذي يبدو كنصَّاب محترف (أنا معرفهمش هما بييجوا منين، مش فاكر ولا واحدة فيهم، أنا مش بتاع جواز)، كثير من هؤلاء بدون تعميم يعانون من أغلب الظن أن هؤلاء يعانون من اضطراب الشخصية الحدية Borderline Personality Disorder التي من علاماتها نمطٌ مستمر من عدم الثبات الانفعالي، والاهتزاز في العلاقات الإنسانية بشكل واضح وأساسي، اضطراب صورة الذات، اضطراب الوجدان مع الاندفاعية، والعنفوان الشديد.
الجنس هنا كلمة تحث على الرغبة، التوتر، الضجر، الخوف، الإثارة ومشاعر أخرى تختلف باختلاف الأشخاص.بينما الحديث عن الجنس مازال (تابو)، لكن لا نهرب منه حديثا صريحًا أو مُغطَّى، في التوك شو والمسلسلات والروايات وفي البيت والمدرسة وعلى الكافيه وفي الشارع، ولأن الجنس مسألة حميمية مُهمة من حياة الإنسان، فإن الصحة النفسية تؤثر وتتأثر سلبًا وإيجابًا على العلاقة الخاصة بين الرجل والمرأة، لهذا فإن الذين يعانون من BPD يؤثر الجنس عليهم وعلى حياتهم وأهمها علاقاتهم الخاصة، لذلك فإن هؤلاء المرضى رجالا ونساءً، وخاصةً النساء يتعطشن لاهتمام واعتراف مستمر من الجميع، من الجنس الآخر، تغذيه الرغبة الجنسية المحمومة، التي تصبح محور اهتمام الآخر ليتحقق لها الإشباع المطلوب، لهذا فإن التاريخ الشخصي للبنت المريضة بما قد يحتويه من تحرش جنسي أو صدمة انفعالية في الصغر يرتبط بأعراض BPD مما يجعل الشخص مُحمَّلًا بكل أعراض المرض، مختبئة تحت قناع (الجنس)، فتخاف النت (إلى درجة الهلع) من (الهَجر)، من (النَبذ)، ومن أن يتركها (لآخر)، لذلك (أحيانًا) ما تندفع إلى علاقات عابرة مع آخرين قد تجدهم على هنا أو هناك لأن (الضحية) لا تثق بنفسها وتتعلق بشدة بالآخر، لأنها فقدت (عزيزًا) وتحاول ملء الفراغ الهائل داخل نفسها وكيانها.
واقرأ أيضاً:
مصيدة الإحساس بالموت: اضطراب نوبات الهلع / من على الشيزلونج: ذات العينين الحمراوين / من على الشيزلونج: عيادة تفسير الأحلام