ثلاثية الأوطان الضرورية لقوتها وهيبتها وتحقيق إرادتها، فالثابت في الوطن هو الدولة والجيش والمتغير هو نظام الحكم. ولا يمكن لوطن أن يكون ويبقى إذا تحطمت فيه الدولة والجيش، لأن الهيكل العظمي للوطن يتحطم، ولا يمكن لمن يفقد هيكله العظمي أن يتمتع ببعض القوة والقدرة على الحياة.
ولو تأملنا العديد من الأوطان التي خاضت حروبا وواجهت شدائد واندحارات، فإن الواضح فيها ثبات الدولة والجيش، وتغير طبيعة أنظمة الحكم. وعندما تُستهدف الدولة والجيش، فإن الأوطان تدخل في مرحلة اضطرابات خسرانية مريرة تستنزف طاقاتها وقدراتها وتتحول إلى عصف مأكول.
والأمثلة متعددة، فليبيا فقدت دولتها وجيشها ونظامها فأصابها الذي أصابها، وكذلك العراق الذي جرى له ما جرى بسبب هذا السقوط المدوي الشامل، بينما مصر تغير نظام حكمها وبقيت دولتها وجيشها، وكذلك تونس، والسودان.
ولهذا فإن الشعوب الحية تحرص على دولها وجيوشها ولا تفرّط بهما، وفي بعض بلداننا نشأت حكومات بلا قدرة على بناء الدولة المعاصرة الوطنية الحريصة على مصالح الوطن، فجعلت من الفساد دعائم لها مما تسبب بخسائر وإحباطات ومقاساة متراكمة، استهدفت الشعب وأفرغته من قدرات الحياة الحرة الكريمة.
كما أنها ارتضت حل جيش الوطن وتفكيكه وتحويله إلى موجود ضعيف، وأوجدت المليشيات والفئات المسلحة كبديل عن الجيش الوطني، وفقا لرؤى طائفية وتوجهات مذهبية عقيمة، مناوئة للوطن والتعبير العملي عن صدق الوطنية وبناء الحياة العزيزة. وبسبب ذلك صارت الدولة عبارة عن كينونات تخضع لفصائل مسلحة تابعة للآخرين، الذين يسيرونها وفقا لما تقتضيه مصالحهم وأهدافهم المرسومة.
وبهذا فقدَ الوطن هيبته والدولة قيمتها والجيش دوره، وتمكنت من الواقع اليومي قوى ذات أجندات فئوية نفعية استحواذية لا تعنيها شؤون الوطن، وما تريده أن تغنم ما تستطيع، لكي تثرى وتتجبر وتهين المواطنين.
وعليه فإن الحكومات التي تدّعي الوطنية عليها أن تحافظ على كيان الدولة والجيش، وتعرف أن من واجبها خدمة المواطنين والحفاظ على سيادة الوطن، وأن يكون الجيش فيه يتمتع بصفة وطنية مستقلة خالصة للوطن.
فحافظوا على هيبة الدولة وقوة الجيش، لأنهما ثوابت القوة وأدوات تقرير المصير!!
واقرأ أيضاً:
نعم للوطن ولا للكراسي!! / أجيال منتهية الصلاحية!! / وأمرهم شورى بينهم!! / حقوق الإنسان يا أمة الإنسان!!