الدول الحصيفة النابهة الحريصة على مقامها ومواطنيها تتخذ إجراءات وقائية صارمة لمواجهة التحديات ومنها الأوبئة، وأثناء ذلك تنطلق آليات الرعب والهلع والخوف لترافق الوقاية من أي داء.
وهذه ظاهرة سلوكية تشترك فيها البشرية جمعاء، وتدعو للحيرة والعجب!!
فلماذا يخشى الناس الوقاية ويذعنون للداء والوباء؟!!
المجتمعات المتقدمة اتخذت إجراءات احترازية شديدة، لكن الناس خيّم عليها الخوف والهلع، واندفعت تكنز ما تستطيعه من الطعام والشراب وغير ذلك من المفردات التي تمليها عليها المخاوف والتوجُّسات.
فهل أن التوقّي من طبع البشر؟
لا يبدو الجواب سهلاً، لأن أي دعوة للاحتراز وتجنب المؤذيات ووسائل العدوى لا تأتي بنتائج كبيرة كما نتصور، ولهذا فإن العديد من الأمراض السّارية والمُعدية مقيمة في المجتمعات البشرية ومستوطنة فيها عبر الأجيال.
ولي زميلٌ أصابه ما أصابه من التدخين ولا يزال مصراً على تواصله، وقد واجهني أحدهم هذه الأيام وأنا أحدثه عن ضرورة الالتزام بسلوكيات الوقاية من فايروس كورونا، فقال: أنا لا أهتم بذلك ليحصل الذي يحصل!!
فالبشر ربما عنده ميلٌ نحو تسويغ ما يقوم به وفقاً لقدراته على وضع المتنافرات في وعاءِ واحدِ وتعزيز ما يقوم به بآلية ذهنية تجعله رغم تقاطعه مع ما يراه على أنه عمل مقبول وصحيح.
وهذا السلوك ينطبق على الحالات الأخرى التي تتسبب بتداعيات قاسية في المجتمعات، مما يعني أن البشر يميل إلى استحضار السيئات وينأى بسلوكه عن الطيبات، فهو الساعي للتعبير عن تجبره وتكبره وطغيانه وأنانيته وفحشه.
وعليه فإن الدعوات الجادة والواضحة للوقاية من الوباء قد ترافقت مع هلع شديد ومخاوف متنامية سينجم عنها أضرار فادحة وستساهم في صعوبة الحد من انتشار الفايروس.
فهل لنا أن نؤمن بأن الوقاية خير من العلاج؟!!
واقرأ أيضاً:
المرآة تأكُلنا / الهواء يقتُلنا / مدارسنا الابتدائية مستقبلنا / أرصدة الكلمات