الأرض تتوطنها الأوبئة منذ الأزل وفيها الكثير من المخاطر ومضادات الحياة، وهي تدور وتأتينا بالمستجدات والمتغيرات التي لا قِبَل للعديد من المخلوقات على مواجهتها والتكيف معها لكن الأقوى يبقى وقدرات الأحياء الدفاعية تتأهب وتتسلح بالأجسام المضادة للمايكروبات بأنواعها.
وتوافدت على البشرية موجات من الأوبئة الفتاكة التي حصدت الملايين تلو الملايين لكنها صمدت وتعافت منها وتواصلت بسعيها التناسلي والإبداعي المتدفق، وما فتّت من عضدها أو أقعدتها بل إنها في كل مرة تنتصر عليها وتتحرر من قبضتها وتنطلق أقوى وأقدر.
ولا يمكن لهذا الوباء أن يكون أعتى من السابقات وأمَر، وإنّما هو الأول في زمن العولمة ذات التواصل الاجتماعي الخلّاق، وفي الوقت الذي تحوّلت فيه الأرض إلى قرية أو وعاء يمكن مراقبته على شاشة صغيرة تنقل لنا أحداثه في لحظتها أينما وقعت.
فوباء كورونا فايروسي ويمتلك قدرات الانتشار السريع والتأثير الشديد على الذين يصيبهم لأنه يهدف إلى تعطيل الجهاز التنفسي وتدمير الحويصلات الرؤية ومنع الأُكسجين من الوصول إلى الخلايا البدنية فيتحقق الموت.
ولا توجد قدرات علاجية مؤكدة للوباء لأنه باغت البشرية، وبعُنفوان مُتسارع يفوق قدرات بعض الدول في مواجهته فأرهق مؤسساتها الصحية، وما يجري هو محاولات التصدي لمضاعفاته وما يتسبب به من آثار على الجهاز التنفسي.
كما أن الجهاز المناعي للبشر لا يمتلك ذاكرة تؤهله للمواجهة والتصدي فهو لم يُصب البشر من قبل وإنّما كان يتوطن المخلوقات الأخرى التي لديها مناعة ضده.
ولا تزال الدنيا بلا لقاح ناجح ومؤكد لدرء أخطاره، لكن المحاولات تجري على قدم وساق للوصول إلى إنتاج اللقاح الكفيل بصده وتعويقه، وأظنها ستفلح بعد وقت .
فالبشرية لا تمتلك سلاحاً أمضى من الوقاية من الفايروس بعد أن عرفت سلوكه وكيف ينتقل، ومن الواجب الالتزام الصارم بالاحترازات الوقائية التي تمنعه من الوصول إلى البشر لأنه حالما يدخل إلى الجسم سيستفحل ويتأسّد ويفتك بالشخص المصاب ويحاول إفناءه خصوصاً الذي لديه أمراض أخرى مزمنة.
وعليه فإن التّوقّي والحذر هو السلاح الأمضى للمواجهة مع الفايروس والتحلي بالقوة والصبر والأمل على أن مختبرات الدنيا ستأتينا بلقاح فعّال ضده.
فهل لنا أن نتوقى ونتقي شر البلاء؟!
واقرأ أيضاً:
أرصدة الكلمات / الوقاية خيرٌ من العلاج يا كورونا / الوباء والبلاء / وجهة نظر في زمن الكورونا