الأرض فيها قوانين فاعلة تفرض آلياتها ومعطياتها على خلقها، وهي متكررة وفقاً للحركة الدورانية الدائبة. والتاريخ الذي استطعنا أن نعرفه يزدحم بالتعبيرات المبيّنة لسلطة هذا القانون، وحتمية قبضته على الموجودات من أصغرها إلى أكبرها.
فالذين يقرؤون الأحداث بعيون قانون الفناء والبناء تتكشف لهم خارطة الآتيات ومآلات التفاعلات المحتدمة في مواقد الحاضر المتأججة. وقد صرّح العديد من الألباء بأن العالم يتجه إلى مسار آخر سيفنيه ليعيد بناءه من جديد، كما أن العلماء المتخصصون أشاروا إلى هجمة وبائية شديدة تستهدف البشرية وربما ستقضي على نسبة كبيرة منها.
ونُشِرت مقالات وتحذيرات، لكن ذوي القرار في مراكز القوى المتعددة أغفلوا ذلك وتجاهلوه لأنهم منهمكون في موضوعات تسمى اقتصادية وما هي إلا تعبيرات اندفاعية عن الأنانية والاستحواذية وتأكيد رغبات النفس الأمارة بالسوء. وعندما صال الوباء الكوروني وتوقفت الحياة، عمّ الذهول والارتباك والحيرة، وأصبح القادة الكبار بين مكذبِ ومصدقِ، ومترددِ ومتحيرٍ حتى تمدد الوباء واجتاح المجتمعات، عندها هبّ مَن هب مناديا بالدفاع عن الحياة، ومنازلة الوباء الذي كشف عورات الأقوياء قبل الضعفاء.
فتحولت الخطابات السياسية من العدوانية إلى الإذعانية والتسابق للحصول على الكممامات والمستلزمات والواقية من الوباء. فإذا بالقوة خواء وبالاقتدار بلاء، وراحت الدول القوية المتقدمة تطلب النجدة والاستغاثة من بعضها البعض، وهي تتمرغ في الجثث وبدفق المصابين الذين لا طاقة للمستشفيات على استيعابهم ومعالجتهم.
وتلك حالة فنائية تكررت وستتكرر ولن تستطيع البشرية القبض عليها وردعها.
لأن الوعاء الأرضي له إمكاناته المحدودة وقدراته المعدودة، فالأرض كالقِدر الفوّار الدوّار الذي يرمي ما لا يمكنه أن يحويه.
ومن مواصفات ما يدور أنه يرسّب ويطرد أي لديه قوة طاردة مركزية، وهذا ما تفعله الأرض بخلقها كلما استحضرَ ما يسيئ إليها ويؤذيها
واقرأ أيضاً:
يا كورونا ما اتعظنا!! / التفكير فريضة كُبرى!! / تلخيص الكلام في صحيفة الآلام!!