الفرق بين التقدم والتأخر يتناسب طرديا مع الذخيرة المفرداتية للمجتمعات، فالتي يختزن أبناؤها مفردات لغوية أكثر تكون متقدمة على المجتمعات التي يفتقر أبناؤها للمفردات اللغوية.
ولهذا تجد الدول المتقدمة تضخ في عقول أبنائها ما تستطيعه من المفردات ومنذ بدايات التعلم، وحتى تجد المتخرج من الإعدادية قد امتلك كذا ألف مفردة، بل إن امتحان الدخول للجامعات يهتم بالمفردات، ويؤدي الطلبة امتحانات صعبة في الكلمة ومعناها ومشتقاتها.
وفي مجتمعاتنا يوجد إهمال كبير لهذا السلوك الحضاري الأساسي المهم، فعدد المفردات اللغوية المتداولة قليلة، لا تتوافق مع إرادة العصر ومتطلباته. ومن الظواهر التي لا بد من الإشارة إليها، أن علماء الأمة البارزين قد حفظوا القرآن في وقت مبكر، فنبغوا في ميادين العلوم والمعارف، والقاسم المشترك بينهم، أن القرآن قد زودهم بذخيرة لغوية منذ صغرهم، يتراواح عددها بأكثر من (130) ألف مفردة، جعلت عقولهم توظفها لولوج مقامات علوية في التفكير والإدراك.
إن الانتباه لأهمية المخزون اللغوي بمفرداته، من ضرورات صناعة الأجيال القادرة على الإمساك بناصية الحاضر والمستقبل للوصول إلى موانئ العطاء الأصيل.
ولهذا فإن التعليم عليه أن يركز على تدريس الكلمة ومعناها منذ أولى مراحله، لكي يتسلح المواطن بما يعينه على التفكير السليم، ويمتلك القدرة على الإبداع والتفاعل المتميز مع التحديات، ويستطيع أن يجد حلا للمعضلات.
إن الرؤوس الخاوية تندفع نحو انفعال انعكاسي فتاك يصيبها وما حولها بأضرار جسيمة ووخيمة.
ووفقا لذلك فإن المجتمعات الفقيرة لغويا لن تتجاوز حدود الذل والهوان، إلا بعقول ثرية لغويا، متمكنة من التفكير والتحليل والنظر العميق، والاستنتاج الدقيق!!
واقرأ أيضاً:
مفكرونا والدين والحياة!! / توفيق الحكيم رائد المسرح العربي!! / التنقيص والتعويص!!