علينا أن نكون جريئين وواضحين، ولا نخاف لومة لائم في قول الحق، فما عاد السكوت على هذه الأحوال من حسن السلوك والإيمان. فلا يوجد قائد أيا كان مستواه في مجتمعات الدنيا، لا يجيد التعبير السليم بلغة قومه إلا في مجتمعاتنا، التي تتعثر فيها الكراسي بالكلمات، ولا تجد من يستطيع الإتيان بعبارة خالية من الاضطرابات النحوية بأنواعها. وأكثرهم يتحدثون بلغة أجنبية سليمة ومنضبطة، أما العربية فإنهم مهرة في عدم القدرة على النطق بجملة سليمة نحويا وإعرابيا، وذات قدرة على إيصال الفكرة للناس بوضوح وقوة وتأثير.
ومن المعروف أن قادة الأمة عبر مسيرتها التأريخية كانوا خطباء مفوهين، ولديهم باع طويل في البلاغة وحسن التعبير والتأثير في المستمعين، وخطبهم بدائع بلاغية ولغوية، ذات قيمة معرفية وفكرية وقوة تعبيرية نافذة.
لو أخذتم أي قائد في الأمة أيام كانت ذات سيادة علمية ومعرفية وعسكرية، ستجدون خطبه من القوة والبلاغة والتأثير ما لا يضاهيه أحد من قادة الأمة المعاصرين.
ولا توجد شعوب تقبل أن يقودها من لا يجيد لغتها، ولو أخطأ أي قائد في الدنيا في لغته لفظا أو تعبيرا، لتعرض لنقد قاسٍ من الصحافة ووسائل الإعلام الأخرى.
أما في مجتمعاتنا فنهلل ونبرر أخطاء قادتنا، ونتفاعل معها على أنها لا يجوز الإشارة إليها، وبهذا نساهم في العدوان على اللغة العربية وإضعافها، والنيل من دورها في بناء العقل الجمعي القادر على صياغة البنى الحضارية المعاصرة.
فاللغة أداة الفكرة وآلة العقل، فإذا أهينت وترهلت فإن العقل لا يستطيع الإتيان بما ينفع، فالأفكار عليها أن تنسكب في أوعية تعبيرية قوية، ليكون لها دور وأثر في الحياة، أما أن تضيع في الكلمات المشوهة والعبارات الرطنة، فإنها لمصيبة حضارية ومأساة انتحارية نخوضها وكأننا في نوام. فهل من نقد لاذع للكراسي المستهينة بلغة الضاد، والتي لا تستطيع التعبير القويم عمّا تريده، بلغةٍ جدّدت فكر الوجود الإنساني؟!!
أيها العرب انتبهوا لكلام قادة العرب، فهم لا يجيدون النطق السليم بلغة العرب!!
ويا أصحاب الجلالة والسيادة والسمو احترموا لغة العرب!!!
واقرأ أيضاً:
الكراسي والجغرافية والتأريخ!! / الأمة ومدرسة الديمقراطية!! / الاقتدار المنهار!!