الحفاظ على سلامة أية لغة يتطلب قدوات فاعلة في المجتمعات، ومنها المذيعون، والقادة والمسؤولون والذين يتكلمون في المنابر، وأصحاب الأقلام.
فلا يوجد مذيع في لغات الدنيا يلحن في كلامه (لحن في كلامه: أخطأ في الإعراب وخالف)، فالمفروض أن يكون المذيع متدربا على النطق السليم، ومتمكنا من اللغة التي يتكلمها، ولديه ثقافة لغوية وافية.
ومع سهولة الظهور بفديوهات مسجلة، ومحطات شخصية متلفزة على اليوتيوب، أصبحنا أمام مَن يدّعون بأنهم إعلاميون، وتستمع إليهم يرفعون المنصوب والمجرور، وينصبون المرفوع، وما شئت من الأغلاط النحوية الفادحة، ولا ينتبهون ولا يراجعون أنفسهم ويقوِّمون نطقهم، فيكررون ذات الجرائم بحق لغة الضاد.
وأكثرهم يرطنون (رطن في كلامه: تكلم بلغة غير مفهومة فيها خليط من الأعجمية والعامية)، ويتوهمون بأنهم يقدمون مواد إعلامية ممتعة، وكأنهم يتقصدون النيل من العربية، وتمرير أخطالهم (خطل في كلامه: أتى بكلام فاسد لا معنى له. الخطل: الكلام الفاسد الكثير المضطرب).
وتجد ذات المشكلة في المحطات التلفازية، التي تعددت وتنوعت مراميها ومصادر تمويلها، وتسود فيها الأعجمية (الأعجمي: لا ينطق بالكلام الفصيح)، وتبدو ناشطة في تحويل الكلمات العربية إلى تجميع أحرف بلا قواعد وضوابط، ولا التزامات بقيمة الكلمة وبلاغة العبارة وتمام الجملة، لكي تنقل الفكرة بوضوح وسلاسة، وأكثرها تسعى للتشويش وكأنها تشن حربا ضروسا على اللغة العربية.
وفي هذه السلوكيات إضرار بالهوية، وتجهيل للأجيال بجوهر ذاتهم وموضوعهم، وإبعادهم عن نبع الفصاحة والبلاغة، والكمال التعبيري المسطور في الفرقان.
والعجيب في الأمر أن الناطقين باسم الدين لا يتورعون في ارتكاب الأخطاء ، ويتصرفون كأنهم أعداء "اقرأ"، وهذا نهج منافي لحقيقة الأمة، وفحوى رسالتها الإنسانية المنوِّرة.
فالمطلوب أن يتأهلوا لغويا، ويتدربوا على النطق السليم بصرامة وجدية، وعدم الاستهانة بأهمية الكلام ودوره في الحياة.
فلينتبه المذيعون والمنبريون والقادة والمسؤولون، فالعربية أمانة ومسؤولية ورسالة نور!!
واقرأ أيضاً:
أغاني أم كلثوم الخالدة!! / الحياة غرغرة!!