الفصام والاضطرابات الذهانية الأولية تتميز بإعاقات كبيرة في اختبار الواقع وتغيرات في السلوك تظهر في أعراض موجبة مثل الوهام المستمر، هلاوس، وتفكير غير منتظم (يتم ملاحظته على شكل كلام غير منظم)، سلوك غير منظم، تجارب تأثرية، وأعراض سلبية مثل الوجدان المسطح أو الأفول، اضطرابات نفسية حركية. تحدث هذه الأعراض بتوتر وشدة كافية للانحراف عن المعايير الثقافية، ولا تظهر هذه الأعراض كسمة لاضطراب عقلي أو سلوكي آخر. مثل اضطراب وجداني أو اضطراب ناتج عن تعاطي المخدرات. لا يجوز استخدام هذه المجموعة لتصنيف التعبير عن الأفكار والمعتقدات المسموح بها ثقافيا. هذا هو تعريف هذه المجموعة من الاضطرابات العقلية استناداً إلى التصنيف العالمي الحادي عشر لمنظمة الصحة العالمية الذي بدأ استعماله في عام ٢٠٢٢. تشمل هذه المجموعة خمس اضطرابات أساسية وهي الفصام، الفصام الوجداني، النمط الفصامي، اضطراب ذهاني حاد عابر، والاضطراب الوهامي، ويضاف إليها ثلاثة فروع أخرى: مظاهر أعراض اضطرابات ذهانية، اضطراب ذهاني غير معرف، فصام أو اضطرابات ذهانية غير معرفة1.
الفصام أو شيزوفرنيا هو مرض يتميز بوجود اثنين على الأقل من الأعراض التالية (أفكار وهامية، هلاوس، كلام غير منسق، سلوك غير منسق، وأعراض سالبة، تسطيح وجدانيAffective Flattening ، غياب الاندفاع والإرادة، عدم الشعور بالمتعة، عجر الانتباه، قلة الحديث والكلام (لفترة زمنية لا تقل عن شهر واحد "المرحلة الحادة")). تشخيص الاضطراب يتطلب عرض موجب واحد على الأقل (وهام، هلاوس، اضطراب الكلام). قد تكون طول مدة الأعراض الموجبة أقل من شهر واحد مع علاج المرحلة الحادة. التشخيص يتطلب عدم تفسير الأعراض باستعمال المخدرات أو نوبة اضطراب وجداني. قد يصاحب الاضطراب نوبات وجدانية، ولكن الفترة الزمنية الكلية لهذه النوبات يجب أن تكون أقل من المرحلة الحادة. المخطط أعلاه يوضح التصنيف العالمي الجديد للفصام والاضطرابات الذهانية الأولية.
لمحة تاريخية
شيزوفرنيا أو الفصام هو أهم مرض عقلي أو نفساني. يفضل استعمال شيزوفرنيا بدلاً من الفصام لشيوعه عالمياً. هذا المرض العقلي أشد قسوة من جميع الأمراض النفسية2، وفي جميع بلدان العالم يتم قياس مستوى الخدمات الصحية النفسية بمقدار رعايتها لهؤلاء المنكوبين بمرض عقلي لا يزال العلماء يلهثون وراء الجينات التي تتحكم فيه منذ عقود من الزمن.
الفصام له ظواهر وأعراض طبية مميزة ووبائيات المرض معروفة عالمياً. ينظر إليه هذه الأيام من مفهوم عصبي نفساني وهناك عقاقير متعددة لعلاجه تدعى بعقاقير الجيل الأول والجيل الثاني. نظرية الدوبامين هذه الأيام تواجه تحديات متعددة وهناك التركيز على مستقبلات مستقبل د أسبارتات ن ميثيل NMDA.
Depressive Dementia Praecox | خرف مبتسر اكتئابي |
Circular Dementia Praecox | خرف مبتسر دائري |
Agitated Dementia Praecox | خرف مبتسر متهيج |
Periodic Dementia Praecox | خرف مبتسر دوري |
Catatonia | تصلب(جامود) |
Paranoid Dementia | خرف زوراني |
Schizoaphasia | حبسة فصامية |
لا يزال مفهوم كربلين (Emil Kraepelin 1856-1926) للفصام والذي يتميز بإطار عصبي هو السائد في الطب النفساني. كان الفصام أيامها يُعرف بالخرف المبتسر(المبكر) Dementia Praecox لا يزال تصنيفه وتعريفه للفصام كما نعرفه اليوم يتصدر التصنيفات الحديثة حتى يومنا هذا. كانت نظرته للفصام بأنه ذهان أولي يتميز بفقدان الوحدة الداخلية للتفكير والعاطفة والإرادة. عرف مسار الاضطراب بأنه مزمن وتدهور مستمر وميز عدة أصناف فرعية وضعت الأساس للتصنيفات الحديثة.
وضح يوجين بلولير السويسري (Eugen Bleuler 1857-1959) مفهوم الفصام واستبدل مصلح الخرف المبتسر بمصطلح الفصام أو شيزوفرنيا. كانت نظرته غير نظرة كربلين ولم يتفق معه بأن مصير المصاب بالمرض تدهور مستمر. كان يقول بأن الفصام ليس مرضاً بحد ذاته وإنما مجموعة من أمراض عدة وكان يشير إليه بصفة الجمع وليس المفرد. لكن الأهم من ذلك كله استحداثه لمفهوم أعراض الفصام حيث صنفها إلى اثنين: أعراض أساسية Basic وأعراض إضافية تكميلية Accessory.كانت الأعراض الأساسية في نظره هو ما يعرف ب 4As أما الهلاوس والأوهام واضطراب التفكير فهي أعراض تكميلية. الأعراض الأساسية هي:
ترابطات غير طبيعية Abnormal Associations.
سلوك وتفكير توحدي Autistic Behaviour & Thinking.
وجدان غير طبيعي Abnormal Affect.
تردد Ambivalence.
التشخيص:
هنالك ثلاثة أبعاد طبية سريرية لهذا المرض وهي:
الأعراض الموجبة Positive Symptoms.
الأعراض السالبة Negative Symptoms.
الأعراض المعرفية Cognitive Symptoms.
يتطلب تشخيص هذا المرض وجود أعراض موجبة في مرحلة ما من تاريخ المرض، وفي غياب هذه الأعراض يكون التشخيص غير معتمد عليه. الحديث عن الشيزوفرانيا هو الحديث عن مرض مزمن، ودون ذلك قد يكون الكلام عن اضطراب حاد مشابه للشيزوفرانيا وليس بالضرورة عن المرض نفسه. من جراء هذا الارتباك في المصطلحات الطبية المرادفة لهذا المرض تراه لا يزال من أكثر الأمراض تحدياً للطبيب النفساني حتى يومنا هذا، وربما هذا الارتباك يفسر تعثر اكتشاف الجينات المسببة لهذا المرض بصورة قاطعة.
يعتمد الطبيب النفساني في يومنا هذا على المعايير المتوفرة في مجلدين. أولها المجلد الخامس التشخيصي الإحصائي للجمعية الأمريكية للطب النفسي DSM_53. تتميز هذه المعايير بما يلي:
-
ستة أشهر من أعراض المرض إذا لم يبدأ العلاج.
-
تدهور في الأداء الاجتماعي والمهني.
-
لا وجود لصنف الشيزوفرانيا البسيطة.
أما التصنيف العالمي الحادي عشر للأمراض منظمة الصحة العالمية International Classification of Diseases 11 ICD -11 فيتميز عن الأعلى بوجود الأعراض لمدة شهر واحد فقط. يتم تقسيم الفصام إلى نوبة واحدة، متعدد النوبات أو مستمر. رغم ذلك لا يزال الطب النفساني يعتمد على وجود أعراض صنفها الطبيب النفساني كرت شنيادر Kurt Schneider.أكثر من ستين عاماً. إذا تم اكتشاف واحد من هذه الأعراض فهذا كفاية لتشخيص الشيزوفرانيا وهي:
-
سماع الأفكار كصوت وهلوسة وأحياناً تسمى صدى الأفكار Thought Echo.
-
سماع أصوات تتحاور فيما بينها Voices Heard Arguing.
-
سماع أصوات تعلق على سلوك المريض Running Commentary.
-
الإحساس بسيطرة خارجية على الجسم ما يسمى التأثرية الجسدية Somatic Passivity.
-
سحب الأفكار من العقل بقوة خارجية Thought Withdrawal.
-
إذاعة الأفكار وكأن كل فكرة جديدة تدخل العقل تذاع على الآخرين Thought Broadcasting.
-
غرس أفكار خارجية في العقل Thought Insertion.
-
الإدراك الوهامي Delusional Perception وهو أن تدرك شيئا ما في محيطك ومن جراء ذلك يتولد لك وهام Delusion لا علاقة له بالأدراك الأولي.
على ضوء ذلك يطلق تعبير ثنائية العضوية Two Memberdness على هذه الظاهرة لتشخيصها بدقة.
تجربة المريض بأن الإحساس، الاندفاعات، والأفعال الإرادية هي من جراء فعل قوة خارجية أو أناس آخرين Passivity Experiences. ويمكن ترتيبها كالآتي لأهميتها:
أولا:هلوسة سمعية Auditory Hallucinations وتشمل:
-
صدى الأفكار.
-
أصوات تتحاور فيما بينها.
-
أصوات تعلق على أفعال المريض.
ثانياً: الإدراك الوهامي.
ثالثاً: أعراض تأثرية فكرية (سحب الأفكار، غرس الأفكار، إذاعة الأفكار).
وأعراض تأثرية جسدية.
لابد من الانتباه بأن الأصوات التي يسمعها المريض تتحدث عنه وكأنه شخص ثالث Third Person، ولكن ذلك لا يعني بأن وجود أصواتٌ تتحدث عنه وكأنه شخص ثاني Second Person أو تخاطبه أو تأمره مباشرة Command Hallucination لا أهمية لها فهذه الأصوات الأخيرة قد تأمر المريض إلى عمل ما وهنا تكمن خطورتها غير أنها لا تعتبر علامة مميزة للمرض. إن وجود عرض واحد مما تطرق إليه شنايدر يكفي لتشخيص الشيزوفرانيا لذلك يطلق عليها أعراض الرتبة الأولى First Rank Symptoms.
ويتبع : الفصام واضطرابات ذهانية أولية2
مصادر:
1- World Health Organization. International statistical classification of diseases and related health problems (ICD): ICD-11. September 2020 [internet publication].
2- McGrath J, Saha S, Chant D, et al. Schizophrenia: a concise overview of incidence, prevalence, and mortality. Epidemiol Rev. 2008;30:67-76.
3- American Psychiatric Association. Diagnostic and statistical manual of mental disorders. 5th ed. Washington, DC: American Psychiatric Press; 2013.
واقرأ أيضًا:
العلاقة بين الهرمونات والوزن / الجريمة والعنف والصحة النفسية / طب نفسي الصدمات