العلاج الكلامي في الاكتئاب2
اكتساب مهارات جديدة
تعطيل انخفاض الدافعية وتفكيك التفكير المتصلب يساعد على مواجهة استمرارية الاكتئاب التي تؤدي إلى شعور المراجع بالعجز واليأس. في نفس الوقت هناك أنماط التفكير الاكتئابية التي لا بد من تحديها مبكراً في -جلسات العلاج النفساني. نمط التفكير بحد ذاته لا يساعد المريض وكذلك هو أحد العوامل التي تعيق مشاركة المريض في عملية العلاج النفساني. بسبب ذلك يجب التركيز بين الحين والآخر على مساعدة المراجع على اكتساب مهارات جديدة لمواجهة الاكتئاب أولا واستعمال هذه المهارات لتجنب الانتكاس في المستقبل.
العلاج المعرفي السلوكي يرتكز على كيفية استخدام المعلومات من أجل اتخاذ قرارات أفضل. العلاج البيْشخصي (التفاعلي) Interpersonal Psychotherapy يرتكز على تفاعل صحي مع الآخرين من أجل بناء علاقة أفضل وأكثر ديمومة. العلاج السلوكي يرتكز على تشجيع الإنسان على الخوض في تجارب جديدة. جميع هذه العلاجات تتطلب مشاركة حيوية من قبل المراجع في العلاج النفساني. لكن هذه المشاركة تصطدم دوماً بالصفات السلبية للاكتئاب وبالذات الشعور بالعجز واليأس، وذلك يتطلب المواجهة والتحدي في المراحل المبكرة للعلاج.
إحدى الوسائل التي يمكن اللجوء إليها مبكراً مساعدة المريض في استخدام تمارين الاسترخاء خلال جلسات العلاج النفساني والطلب منه ممارستها بانتظام خارج الجلسات والحديث عنها في الجلسات المقبلة. هناك أيضاً علاج التنويم المغناطيسي الذي يحتاج إلى إتقان استعماله. هذه الوسائل ليست الغاية منها علاج الاكتئاب وإنما تفكيك حالة العجز واليأس التي تقف حاجزاً في وجه اكتساب مهارات جديدة لعلاج نوبة الاكتئاب واستخدامها لتجنب الانتكاس.
العلاج النفساني يتطلب مشاركة حيوية وفعالة من قبل المراجع وأحياناً لابد من تحدي عدم اهتمام المراجع وضعف نشاطه بصورة مباشرة وتوجيه أسئلة مباشرة مثل:
١- لماذا تهتم بطلب العلاج إن كنت تعتقد بعدم إمكانية حدوث تغيير فيك؟
٢- كيف يمكن أن تتقدم بسرعة بعيداً عن الاكتئاب إن كنت لا تعتقد بأن ذلك ممكن؟
٣- لماذا أوصيك بعمل الواجبات المنزلية إن كانت لن تحدث تغييراً فيك؟
الغاية من هذه الأسئلة هو بناء توقعات جديدة في تفكير المراجع من أجل الحصول على نتائج إيجابية في تفكيره وتفاعله مع المعالج النفساني أولا وتعميم ذلك على تفاعله مع الآخرين في المحيط الذي يعيش فيه.
الإنسان بطبيعته لا يفضل الغموض ويتطلع دوماً إلى الوضوح واليقين في أفكاره وأحداث حياته. عدم تحمل الغموض وعدم اليقين يتضاعف مع دخول الإنسان في موقع اكتئابي، وبالتالي نلاحظ أن رد فعل المراجع مع مواجهة الغموض وعدم اليقين هو القفز صوب استنتاجات سريعة سلبية في إطارها ومحتواها يتوازى مع المشاعر الاكتئابية. على سبيل المثال يلتقي الإنسان الذي يعاني من الاكتئاب مع أحد الأصحاب وبسبب الاكتئاب الذي يعاني منه لا يشعر بأي تعاطف ومشاعر لطيفة، وتراه يسرع إلى الاستنتاج بأن هذا الإنسان يكرهه ولا يبالي به. هذا المشهد لا يقتصر فقط على الأصحاب وإنما يمتد إلى الزوج والأهل والأقارب، وقد يؤدي إلى رد فعل سلبي من الآخرين لسلوك المراجع. يسعى المعالج النفساني لتنبيه مراجعه إلى أن هناك احتمالات أخرى قد لا يقبلها المراجع، ولكن هناك فكرة يصعب رفضها ويمكن أن يتمسك بها المراجع وهي أنه لا يعرف سبب رد الفعل الذي تصوره صدر من قبل الإنسان الآخر وعليه الانتباه إلى عتبة تحمله لمواجهة الغموض وعدم اليقين في محيطه. الغاية من هذا النقاش هو تمرين المراجع على تحمل هذا الغموض الذي يواجه الإنسان في محيطه يومياً.
التمرين كثير الاستعمال في العلاج النفساني هو تشجيع المريض تفصيل الصفات المثالية التي يسعى إلى التحلي بها، وما هو المستقبل المثالي الذي يسعى إليه. هذا التمرين غايته الدخول في نقاش مع المراجع إطاره الأمل والتفاؤل. من جهة أخرى يمكن أن يكون الحديث أحياناً حول كيفية تعامل المراجع مع من حوله وبيئته إذا اختفى الاكتئاب فجأة صباح الغد. رغم أن هذه أمثلة مزاجية، ولكن اختفاء الاكتئاب بصورة سريعة ليس بغير المعروف في الممارسة المهنية. الحديث بحد ذاته يساعد المراجع على اكتشاف أفكار إيجابية تم حجبها من قبل المزاج الاكتئابي.
واقرأ أيضاً:
اليقظة العقلية Mindfulness / تعامل الدماغ مع التعلق والصدمات