أكيد مفيش حاجة اسمها "نكد أزواج" و"نكد زوجات"؛ لأن النكد الزوجي واحد ولو بدأه أحد الزوجين فسيرد الثاني بالمدافع المضادة، ولو دخل النكد عمومًا من الباب هيطير الحب من البيت، يعني لو أحد الزوجين نكد على الآخر، فسوف يرد الطرف الثاني برد مساوٍ له في المقدار وزائد عنه في الغلاسة، ولكن بعض الخبراء يرون أن نكد الزوجات أبقى وأقوى وله قوة قتل ثلاثية تقصف عمر الرجل مبكرًا، مما يدفع الكثير من الرجال لرفع راية "كفاية" عاجلا أم آجلا!.
وتصف الدكتورة "هيرفون" في كتابها (النكد الزوجي) مسألة "النكد" بأنه: "التعكير الدائم لصفو الآخر، وهو تمامًا كالحرب النفسية، وترجع سببه للفراغ أو سطحية التفكير عند من يختلقه أو لتربية خاطئة خضع لها منذ الصغر، أو محاولة لجذب انتباه الآخر كانتقام منه على تجاهله لشريكه في الحياة مثلا".
أشكال النكد
ومن أهم أشكال النكد التي يعاني منها كثيرون، إصرار الزوج على عدم ذهاب زوجته لصديقة تحبها أو الضيق بأمها وأسرتها والتضييق على زيارة الزوجة لهم، أو محاولات الزوجة إبعاده عن أمه، ومصادرة رغبات زوجها، فإذا كان يفضل الجلوس مع أصدقائه عملت بكل الوسائل على إبعاده عنهم، وإذا كان محبًّا لهواية نغصت عليه؛ لأنها تتصور أن هذه الأشياء تأخذه منها، وأنه ملك خاص لها يجب أن يجلس أمامها 24 ساعة طوال فترة الحبس في بيت الزوجية!! ومشكلة "بعض" الزوجات أنهن كثيرًا ما يقلن -في مجالسهن الخاصة- إن "الرجل زي الطفل" يمكن إرضاؤه بسرعة، ولكنهن لا ينفذن هذه النصيحة ويشعلن البيوت حريقًا ونكدًا وغمًّا لأسباب بسيطة، وبعد خراب مالطا يدركن حقيقة هذه المقولة ويبدأ الندم.
ولا يعني هذا أن الزوجات فقط هن المسؤولات عن النكد الأسري، فهناك رجال أكثر نكدا، ولا هم لهم سوى نقد زوجاتهم ونقد أساليب حياتهن وأكلهن بحيث تشعر المرأة أنها غير مرغوب فيها في المنزل أصلا، رغم أنه هو الذي يفتعل النكد أحيانا كثيرة، رغم أن الزوج يصبح أحيانا مثل الطفل غير القادر على فعل شيء لو تركته زوجته وحده بضع ساعات أو أيام، ويفشل ربما في تجهيز كوب من الشاي لنفسه؛ ولهذا يلجأ بعض الحكماء لنصح الطرفين بمغادرة أحدهما المنزل –باتفاق- لفترة من الوقت في حدود 3-7 أيام كل بضعة أشهر كنوع من التغيير ليرجعا أكثر شوقا وإدراكا لأهمية كل منهما للآخر!!.
ولأن هناك ما يشبه حوار الطرشان بين الزوجين النكديين، وتختفي لغة الحوار –لو كانت موجودة أصلا- بسبب ظروف الحياة الطاحنة التي تجعل الزوجة "مرفوعة من الخدمة" غالبا في الوقت الذي يحتاجها الزوج، وتجعل الزوج "خارج نطاق الخدمة" و"منتهي الصلاحية" بعد يوم عمل مرهق، ولا يبقي لهما سوى "وقت ضائع" في الإجازات، فمن المهم جدا وضع روشتة علاج مؤقتة تفرمل هذا النكد أو تخفف منه، وهي رسالة موجهة لكل زوجة من "زوج"، تتضمن عدة نصائح عامة عليها أن تدرسها جيدا وتنفذها قبل أن يرفع لها زوجها راية "كفاية"، ويتمرد ويقلب نظام الأسرة!. تنقسم هذه الروشتة إلى عدة نصائح عملية وطبية وغذائية وغيرها يجب أن تراعيها الزوجة مع زوجها بكافة السبل، ولا تتعلل إطلاقًا بضيق الوقت أو الأولاد أو خلافه.
نصائح عملية
قال لي صديق إنه حصل على علاوة 200 جنيه فوق راتبه، وعندما ذهب يخبر زوجته وهو مبتهج مصمصت شفتيها على طريقة ماري منيب وقالت له: "ياما جاب الغراب لأمه"!!، وأخذت تحدثه عن جاره الذي سافر للخارج وعاد محملا بالخيرات، والثاني الذي ورث، والثالث الذي أقام مشروعًا تجاريًّا، قائلة له: "هو أنت أقل من فلان؛ فنام وهو حزين، وارتفع ضغط دمه وزاد معدل السكر فيه!" وعندما عاد يوما وهو يحمل مشويات شهية وحلويات لأولاده بمناسبة العلاوة أخذت تعطيه درسًا في الإسراف!!، ولما طلب منها أن تراعي حالته الصحية مع كبر سنه؛ لأنه لا يعود للبيت إلا في المساء بعد يوم عمل مرهق دخلت معه في نقاش حادٍّ حتى كاد يصاب بنوبة إغماء!!! والأنكى أنه لا يحلو لها أن تسخر منه إلا أمام الأبناء، وتصور لهم الأمر كأنها هي التي تصرف على البيت، أما هي -كما يقول- فلا تجلس في البيت إلا في أسوأ حالاتها لباسا ونظافة، ولا يراها إلا وهي تكشر أنيابها أو ترفع صوتها، حتى إنه حاول يومًا مغازلتها فنهرته وتركته يعد نجوم السماء ليلا!.
وحكى لي آخر (وهو الذي نهرته زوجته عندما وجدته يعاكس سيدة في الشارع) أن زوجته كانت الملاك الحارس له وتزوجا عن حب، وما إن جاء المولود الأول والثاني حتى هرب الحب من الشباك، وبدأت تهمل نفسها وتهمله، وبقي النكد اليومي، فبدأ يفكر في زواج سري أو زواج ثان من أخرى يشبع به رغباته!.
والنصيحة العملية للزوجات في هذه الحالة تتلخص فيما يلي:
- يجب على الزوجة أن تراعي حالة زوجها فور عودته للمنزل، فلا تبادر بإبلاغه بالأخبار السيئة، أو تفتح معه نقاشًا في موضوعات تعلم أنها سوف توتره أو تغضبه بحيث تختار توقيتًا مناسبًا بعد راحته لتبدأ الحديث بالتدريج.
- ألا تهمل زوجها بحجة البيت والأولاد، وأن تراعي مطالبه الحياتية والعاطفية قبل أي شيء؛ لأن حرمان الزوج من هذه العواطف يدفعه للهرب خارج البيت وربما البحث عن الزوجة الثانية أو الوقوع في علاقة أخرى، والأهم أن تتفهم أن أشكال العلاقات العاطفية تطورت، بحيث لا تحرم زوجها من شيء أصبح مطلوبًا بالضرورة وقد يراه في غيرها أو يستحسنه في أخرى، ومن المهم جدا فتح حوار بين الطرفين حول احتياجات كل طرف من الآخر بلا حياء.
- يجب على الزوجة (والزوج) أن تدرك أن النكد من جانبها سيرتد عليها، وأن الحياة الزوجية المليئة بالنكد تؤثر -كما تقول "د.نادية مرعي" أستاذة الأمراض الباطنة والقلب بطب الأزهر- بشدة على هرمونات المرأة والرجل، حيث يرتفع هرمون الكورتيزول نتيجة التوتر المستمر، وتصبح معدلات ارتفاع هذا الهرمون أسرع عند المرأة مما يؤثر على قدرتها لاحتمال هذه الحياة النفسية، فضلا عن أن النكد الزوجي يتسبب في الكثير من الأمراض لكلا الزوجين نتيجة الحياة التعسة.
- ومن المهم بالضرورة مراعاة كرامة الزوج وقدرته على الكسب الحلال وعدم مقارنته بغيره من أقرانه من أصحاب الدخول الأعلى أو المزايا المعيشية الأرحب (سيارة – فيلا – وسائل ترفيه...)، وعدم إحراجه أو التشاجر معه أمام الأبناء؛ لأن هذا يؤثر بشدة على قدرات الأبناء التحصيلية خلال الدراسة، وقد روى لي صديق تربوي أن أبناءه المتفوقين تراجعت درجاتهم في أحد الأعوام، وعندما حاول فتح نقاش هادئ مع أحدهم عن السبب عرف أن فترة الامتحانات كانت إحدى فترات النكد الزوجي الخصبة والشجار بالصوت العالي؛ ما أثر على نفسية الابن فتراجع في دراسته!.
- يتميز الرجل عن المرأة بحبه للاستقلال بمعنى عدم رغبته في أن تستجوبه الزوجة: أنت فين؟ وكنت مع مين؟ ورايح فين؟ ومش بترد على الموبايل ليه.. هه!.. ولو بدأت المرأة ترتاد هذا الباب فسوف تجده مسدودًا، ويبدأ الشك يتسرب لها ويتكهرب الجو وربما يعاندها الزوج لتبدأ رحلة الصعود للهاوية ورفع شعار "كفاية"!.
وهناك أسباب أخرى كثيرة قد تدفع بهذا النكد إلى قمته (الطلاق)، لدرجة أن آخر دراسة للجهاز المركزي للإحصاء في مصر (إبريل 2005) أظهرت أن بعض قضايا الطلاق التي تم حصرها (حالة طلاق كل ستة دقائق في مصر!) كانت لأسباب كثيرة نتيجة المشاحنات والنكد الزوجي مثل العلاقات المشبوهة لأحد الزوجين، والغيرة والشك غير المبررين، وبعضها تافه، مثل رجل طلق زوجته؛ لأن النادي الرياضي الذي يشجعه تمت هزيمته أمام منافسه وأغاظته، وحالات حدثت بسبب تدخل الأهل وأخرى نتيجة سوء الاختيار من البداية، وإرغام الشاب والفتاة على شريك لا يريده، أو تعاطي المخدرات، وزواج الصفقة، والسكن مع الأهل، وغيرة بعض الرجال مع شهرة الزوجة!.
طعام الزوجة.. يجيب النكد!
في فيلم "الدنيا على جناح يمامة" كان الزوج (محمود عبد العزيز) يشكو من إصرار زوجته الدائم على طهي "طبيخ غامق" .. مثل الباذنجان والملوخية وخلافه، وكان طعامه ينتهي غالبا بخناقة مع زوجته كل يوم، وقد كشفت بعض الدراسات الاجتماعية الحديثة عن أن الطعام الذي تعده الزوجة لزوجها قد يؤدي للنكد الزوجي من حيث لا تدري!! فالإحصائيات الأمريكية والعالمية تقول إن الطعام مسؤول عن ثلاثة من بين كل أربعة خلافات زوجية، وإن نوعية الطعام وراء فشل ما بين 70 إلى 75% من حالات الزواج في حين ارتفعت النسبة في إحدى الدراسات إلى 90%.
وتؤكد "د. شريفة أبو الفتوح" أخصائية التغذية بمستشفى وادي النيل أن نظام التغذية يؤثر على علاقاتنا ومنها العلاقة الزوجية، كما أن هذا الأمر يتفق أيضا مع دراسة أمريكية أكدت أن ما نتناوله من أطعمة مسؤول عن أربعة خلافات زوجية من كل خمسة خلافات، وأن نوعية الطعام مسئولة عن 65% من مشكلات الزوجين!.
فبالإضافة إلى إهمال بعض الزوجات في إعداد الأطعمة المنزلية الشهية الصحية التي يرغب فيها الزوج، هناك عادات أخرى في طهي الطعام أو إعداده يكون لها تأثير بسبب ما تحتويه من مواد كيماوية وأحماض وخلافه ما يؤدي في النهاية إلى سوء التغذية الذي هو من العوامل المهمة التي تؤثر عمومًا على سلوك الفرد.
فمثلا نقص السكر بالدم يؤدي للتوتر والعصبية وأيضًا زيادة نسبته تؤثر سلبيًّا، والمنبهات الكثيرة وكثرة المعجنات كلها تؤثر سلبيًّا على السلوك، والاعتماد على المعلبات المحفوظة يقلل من مستويات فيتامين سي الذي لا بد من تواجده للهدوء النفسي وأيضا لتدعيم امتصاص الحديد في الجسم، حيث يؤدي نقص الحديد إلى عدم التركيز وقلة القدرة على الاستيعاب.
واقرأ أيضا:
الغيرة والشك والنكد الزواجي! / العلاقة الزوجية الناجحة تبدأ من الأنف!