العلاقة بين العقل واليد من مكونات الحضارة، وكلما اقتربت المجتمعات من ذروتها التعبيرية عن جوهرها تواشج العقل مع اليد.
والمجتمعات التي لا تستطيع الربط بين العقل واليد لن تعاصر وتتقدم.
ومعنى ذلك القدرة على تحويل الأفكار إلى موجودات فاعلة في الحياة، وبهذا يتحقق التطور وتتنامى مفردات الحضارات.
في معظم مجتمعات الأمة، العقل عاطل واليد مشلولة، فأنظمة حكمها طاردة للعقول الفاعلة، ومعززة للعقول الخامدة المتقوقعة في أوعية السمع والطاعة، والأيادي لا تتحرك إلا للتصفيق للجائر الفتان.
بينما المجتمعات القوية المعاصرة، تمكنت من تفعيل عقول مواطنيها وتحريك الأيادي وتأهيلها لتتوافق مع إرادة العقل وتساهم في إنجاز ما تأتي به من أفكار وطاقات إبداعية تؤثر في دفع عجلات التقدم إلى مستقبل متنامي الاتساع.
فالعلاقة بين العقول والأيادي تواشجت وتلاحمت فأنتجت ما لا يخطر على بال، كما نعيشه من تطورات إليكترونية وتكنولوجية وإبداعية متنوعة، حتى صارت البشرية قادرة على تصنيع أي الأفكار، وتحويلها إلى موجودات مادية مؤثرة في مسيرة الأيام.
إنها الحياة الجديدة المعاصرة التي بلغتها البشرية بعد مسيرة طويلة، اجتهدت فيها بالبحث عن مستويات ذات قيمة عقلية وإنسانية لتعيشها، فكان ما بلغته من تقدم يمثل ذروة التفاعل الإبداعي بين العقول والأيادي المتوافقة مع أفكارها.
وما يعوز مجتمعاتنا العمل على تقعيل العقول وتحقيق العلاقة العملية القادرة على إنتاج التعبيرات المادية الواضحة عن الأفكار، فمعظم أسباب الفشل الفاعل في واقع الأمة، سببه الخصومة المتفاقمة بين العقل واليد، فجميع الأفكار والنظريات والشعارات، باءت بخسران شديد لبعد المسافة بينها وبين القدرات اليدوية على تطبيقها، فصارت متخيلات في كتب مرفوفة.
فهل لنا أن نتعلم كيف نصنع أفكارنا لنكون؟!!
فالعقل بحاجة ليدٍ ماهرة قادرة على تمثل أفكاره، وتحويلها إلى كينونات متحركة فوق التراب!!
و"إذا تم عقل المرء تمت أموره...وتمت أياديه وتم بناؤه"!!
واقرأ أيضاً:
الإتقان اللغوي والقلم!! / "نحن الشباب لنا الغد"!!