من سبت الغفران إلى سبت الطوفان19
الفجوات
بدأت سلسلة مع بدء الطوفان ثم توقفت عدة مرات، ربما لأنه لم تصلني تساؤلات تستوضح أو تعليقات تحفيز.
مشفق أن تظل الإبادة مستمرة، مئات وآلاف يقتلهم العدو، ومئات الملايين منا يقتلهم الحزن والغيظ وتوهم العجز عن دخول حلبة معركة صارت بحجم العالم كله حاليا.
قلت أتكلم عن الفجوات:
- الجهود ذات الطابع الحكومي الرسمي متواطئة أو متخارسة متعاونة ولو بصمتها في ذبح الفلسطينين، والجهود الرأسمالية مثل الشركات الربحية تسهم بأموال مساعدة في أحسن الأحوال.
- الرقم الغائب هو جهود الناس، ولدينا منهم مئات الملايين عبارة عن طاقات معطلة ومشاعر مختلطة وجهود مكبلة بقلة الوعي وضعف الإرادة عن الانتقال من المتابعة إلى الفعل.
كل يوم تلقي لنا الأخبار والأحداث والمتابعات بعشرات المبادرات وبدايات الخيوط وأنشطة يقوم بها فرادى وجماعات يمكن تكرارها أو تطويرها لمناسبة ظروف أخرى أو دعمها ونشرها.
- بدلا من مصارعة طواحين الهواء وزيادة اليأس بمهارشة المناوئين والمرتبكين والجاهلين من أهلنا يمكن التقاط خيوط وتشبيك جهود واتخاذ خطوات تؤثر سريعا أو لاحقا.
- التواصل مع أهلنا ممكن ونحتاجهم أكثر مما يحتاجوننا في تغيير تفاصيل وإيقاع وأهداف وألوان حياتنا باتجاه المشاركة والاستعداد لمواجهات متنوعة، معارك غزة بداية ستتلوها معارك في بلدان كثيرة ستحاول إسرائيل من خلالها تركيع المنطقة كلها لمصلحة قوتها الغاشمة وإراداتها الدموية وأكاذيبها الفاضحة، فأي حياة نحيا حاليا، وأي استعداد؟؟
- دعم الداخل الفلسطيني حاصل لكنه مفتقر لإبداعات تخترق الحصار وأحزمة النار والدعاية السوداء وبروباجندا التلاعب الإعلامي والشو السياسي واستعراضات القوة المجرمة والقتل الفادح والمستمر والخذلان العربي الرسمي والشعبي بقدر أقل.
- التواصل مع الداخل والرأي العام الصهيوني ممكن وحاصل ومطلوب زيادته وتطويره ليس باتجاه المكايدة والإغاظة والسب والتهكم بل لدعم أي صوت عاقل أو توجه لوقف الحرب، وتداول شواهد يومية على أن المستفيد الوحيد من الحرب هم فرق السماسرة وتجار السلاح والسياسة وبقية الأطراف خاسرة بما في ذلك شعب صهيون نفسه: اقتصاديا، وإنسانيا، وسمعة حول العالم.
- بجهودنا نحن الناس ينبغي أن تدخل الحقائق إلى كل بيت وتصل لكل إنسان بكل لغة وفي كل مكان.
- ينبغي ويمكن فضح الإجرام والتشهير بالمجرمين باستخدام آلاف المقاطع والصور والمعلومات لمصلحة تضييق الخناق أكثر على القتلة وكل داعميهم والضغط على مسانديهم.
- فلنتوقف عن الكلام مع من نعرف ونتكلم مع الناس في كل مكان لنضمن أن الحقيقة وصلتهم والهدف عزل إسرائيل وكل من يقطنها ويؤيدها من الصهاينة ومقاطعة كل نشاط تجاري أو أكاديمي وكذلك منع مشاركة إسرائيل في أي محفل فني أو رياضي أو تعليمي أو غير ذلك، بتحركات فردية ومؤسسية.
- خنق إسرائيل وعزلها صار أسهل بكثير باستخدام كل توثيق لجرائمها المستمرة والمتصاعدة، وفي عالم صار لكل إنسان القدرة على المشاركة والتأثير في كل وأي موقع في العالم عبر وسائط الاتصال. وأعجب لمن يتوهم العجز ويزعم أن السلطة في بلده تمنع، بينما هو بحكم امتلاكه لوسائل الاتصال صار مواطنا عالميا لا تحد تصرفاته وتدخلاته حدود.
- مضاعفة المحتوى المتاح على الشبكات بكل اللغات والاستفادة من الدعم الهائل المنتشر حول العالم من الناس العاديين ومن الشباب والطلاب ومن النجوم والمسؤولين المستقيلين من مناصبهم بغرض الضغط على أجهزة اتخاذ القرار في الدوائر المتنفذة.
- استثمار المناسبات والمواسم الاجتماعية والسياسية لطرح نقاشات وحشد أصوات التأييد لمصلحة القضية ووقف العدوان، ونحن مثلا بصدد انتخابات في بريطانيا وأميركا.. هذه فرص كبيرة ينبغي ألا تمر، وأكرر أن التأثير يمكن أن يمارس من أي مكان.
- انتظار الحكومات والمؤسسات الرسمية أو لومها أو لعنها أو تبرير مواقفها - هذا كله لا يفيد ولا يجدي وهو محض تعطيل وتضييع وقت وجهد.
والتركيز ينبغي أن يتجه إلى الأعمال التي يمكن أن ينفذها الناس وقد حاولت ضرب أمثلة وغيرها كثير مما يمكن عمله وهذه لغة جديدة علينا نحتاج أن ندركها ومهارات ينبغي تعلمها فلم نصادفها في مدرسة ولا مسجد ولا كنيسة ولا تربية ولا سلوك مجتمعي ولا تثقيف ولا وعظ ديني، هي لغة جديدة مجهولة لدينا، لكن لحسن الحظ ممكن تعلمها.
- المقاومة حققت وتحقق على الأرض معجزات صمود، وانتصارات مبهرة وتمرغ العدو في رمال غزة بما لا يتناسب مع الفارق الهائل في الإمكانيات العسكرية، لكن هذه معركة لا يمثل فيها الجانب العسكري أكثر من ١٠٪، وبقيتها تدور في العقول ودوائر الوعي والسياسة والنشاط - كل نشاط إنساني ينتصر لمنطق الجبروت والظلم أو يناهضه.
والمواد الإعلامية والتعليمية والتثقيفية التي نحتاجها في التعلم والتدريب والتكوين متوافرة ومنتشرة، وأقلها تجارب عملية للمناصرة والمساندة والمقاومة طوال ما يقترب من الأشهر التسعة، فهل نبدأ في سد الفجوات؟؟
د. أحمد عبد الله Facebook