من سبت الغفران إلى سبت الطوفان22
في قلب المعركة
أغلب الأفكار والمعاني التالية تتكرر وتدور في رأسي ومشاعري منذ آخر خاطرة كتبتها ضمن هذه السلسلة.
تأخرت في الكتابة يأسا من الاستجابة فلا أتلقى تعليقا ولا تساؤلا وكأنني أكتب بلغة أعجمية.
قلت مرارا عن طبيعة هذه الملحمة المفتوحة لكل مشاركة، ليس بالرأي والموقف فقط، ولكن بالفعل المطلوب والمتاح والمفتقد.
قلت إن الملحمة أكبر من أن تترك للأنظمة الكسيحة أو للحركات المحاصرة المستهدفة، وأنها معركة كل إنسان في قلبه مثقال ذرة من إنسانية أو ضمير، وقد تحرك من أجلها كثيرون من أقطار وطبقات وأجيال وثقافات مختلفة بشكل غير مسبوق ويستدعي البناء عليه وتنميته، لكن العرب في أقطارهم وفي مهجرهم يتحركون دون مستوى الحدث بكثير، ودون مستوى الفرص المتاحة!!
قلت وأكرر أن العدوان يمكن أن تتوقف إذا تعاظمت الضغوط، لكن خلقها ومضاعفتها يحتاج إلى جهود واسعة ومنسقة ومستدامة لا تكل ولا تمل!!! مواصلة ومضاعفة الضغط الدولي ممكنة، وتصعيده متاح، والبناء على جهود اليسار الأميركي والأوربي، والجماعات المدنية واليهودية المضادة للصهيونية، والتحركات الطلابية الجسورة، والمسيرات المستمرة، ومبادرات المشاهير المناصرين للقضية، بدلا من التواصل مع هذه الحركات كلها وتعميق عملها، وتمتين ربطها ببعضها، وبالداخل الفلسطيني.. تركناها لملاحقة قوى اليمين وشبكات وجماعات الضغط الصهيونية تلاحق وتضغط وتسحق!!
هذه الروابط والاتصالات مهمة وممكنة لإبقاء الشعلة موقدة ومستمرة ومتنامية فيدخل النور إلى كل بيت ودماغ ومؤسسة ومساحة!!
تحدثت عن التدخل في الدائرة المحلية أي الرأي العام في دولة الكيان المتروك تماما للتفاعلات والتلاعبات من طرف المستفيدين من محترفي التلاعب بعقول ومشاعر الناس من العصابة الحاكمة للكيان.. الجمهور داخل الكيان غاضب ويائس ومحبط لكنه لم يجد أحدا يستهدفه، ولا يخاطبه غيره الكذبة من قياداته الفاسدة المجرمة!! مئات الملايين من العرب المقيمين وملايين عرب مهاجرين دون أية نشاطية أو تفاعلية أو فعل أو فعالية تذكر!!
لا أحد يضغط على الحلفاء المانحين والمعاونين حول العالم.. وكل قاتل أو مشارك في القتل بفعل أو رأي أو دور أو قرار أو دعم ما.. يمارس دوره ويعود إلى فراشه وأحضان أسرته دون أن يزعجه أحد ولو برسالة نصية أو بريد إليكتروني ولا صيحة غضب أو استنكار أو غير ذلك مما هو ممكن جدا في عالم مفتوح ومتاح!!
التغيير النفسي والثقافي والاجتماعي عندنا وفي العالم كله متاح جدا وأكثر من أي وقت سابق ولكنه معطل أسير لأمراض وأوهام وكوابح ومخاوف بعضها لا أساس له ولا معنى!!
ومساندة أهلنا تحت الإبادة معنويا وإسنادا على أصعدة مختلفة ما يزال ضعيفا ومفتقرا للإبداع، ومقتصرا على السبل المحدودة والمسدودة، والطرق المعرقلة والمعطلة!! وبينما تتيح تكنولوجيا العصر بكل أدواتها سهولة تحول الفرد المواطن العادي من متفرج إلى متفاعل، ومن خامل إلى ناشط ما تزال طاقات مئات الملايين معطلة ومهدرة في لهو فارغ، أو خلافات حمقاء، أو ترهات لغو!!
استثمار هذه الطاقات على جبهات الضغط والمساندة لا بديل له، حيث النزيف مستمر، والإبادة ماضية، وجبهات القتال مشتعلة. نحن تركنا المهام الممكنة والمتاحة وسلاسل الإمداد المدني المطلوبة وتركنا المقاومة وحدها وحاضنتها الشعبية تحت القصف والتدمير والاغتيال!!
تصول صهيون وتجول في فراغنا الخاوي حيث تواجهها ميليشيات مهما استبسلت فلا تكفي، وجماهير مهما تحملت ستتعب وتسقط من الانتهاك والإنهاك.. وبدلا من أن نحاربها من أول يوم، على كل شبر وفي كل زاوية ومجال، تركناها تستعيد أنفاسها وتلتف لتضربنا ومناصرينا في كل ساحة ومساحة.
ولعل الاختيارات صارت واضحة أكثر أمام كل إنسان عربي عادي معرض للقتل بانفجار جهاز اتصال مخترق أو مفخخ!!
تشيع بيننا كمصريين مقولات مثل: "عيش نذل تموت مستور"، أو "عيش بطيخة تموت في سلام"!! ولعل الخيار صار أوضح:
تنضم للمعركة وتقاوم بشرف فتعيش كريما، أو تموت سعيدا، أو تعيش وتموت غافلا وذليلا.. على فراشك أو بانفجار لا تعرف مصدره ولم تحسب حساب نهاية كهذه!!!
فهل تريد أن تعيش وتموت كبطيخة!!
د. أحمد عبد الله Facebook