مخطئ من يعتقد إن هذه الإساءات التي ترتكب بحق ثوابت ديننا من قبل الغرب، هي مجرد حوادث عرضية، يقوم بها هذا الخنزير أو ذاك الأزعر، طمعا في الشهرة أو المال مثلا، وهم الذين يتبولون على أنفسهم من شدة الرعب بعد اقترافهم لجرائمهم بحق هذا الدين، بل أصرت إحدى الدول على إلباس أحد هؤلاء نقاب امرأة قبل الدخول لأحد مطاراتها كاحتياط أمني.
أبدا، فالذي يجري قد خطط له منذ زمن بعيد، ويوجد بوضوح في بروتكولات حكماء صهيون، ففي البروتوكول السابع جاء ما يلي: "لقد عنينا عناية عظيمة بالحط من كرامة رجال الدين من الأمميين (غير اليهود) في أعين الناس، وبذلك نجحنا بالإضرار برسالتهم التي يمكن أن تكون عقبة كئودا في طريقنا، وإن نفوذ رجال الدين على الناس ليتضاءل يوما فيوما"، وفي الوثيقة اليهودية التي تركها "ميرابو" أحد قادة الثورة الفرنسية: "رجال الدين وهم أقوى الطوائف تأثيرا في الرأي العام لا يمكن هدمهم إلا بالسخرية من الدين والتشهير بأقطابه وتصويرهم أوغادا، ذلك أن محمدا (صلى الله عليه وسلم) مهد لإنشاء دينه! بالطعن في الوثنية التي يعتقدها العرب، ومن الواجب أن تقوم النشرات القاذفة في كل وقت بحملات جديدة على رجال الدين فتبالغ في تصوير تراثهم ونعيمهم وتنسب إليهم كل الرذائل والمفاسد".
وقد تم تنفيذ هذا المخطط من قبل المستشرقين في زمن مضى، وبأسلوب ساذج وغبي، استهجن من قبل المفكرين الغربيين المنصفين قبل المسلمين، مما أدى إلى نسيانه فترة من الوقت. أما الآن وبعد أن تم جس نبض الأمة ووجدوا أنها بلا نبض، أعادوا الكرة مرة أخرى، واتخذوا الحرب الشاملة ضد الإسلام والمسلمين كمظلة لهم، وفي نفس الوقت استهدفوا الشعوب الغربية نفسها التي بدأت تتقبل الإسلام على نطاق واسع في السنوات الماضية.
في الهجمة الأولى من قبل المستشرقين أدت إلى أن يراجع العديد من المفكرين الغربيين المنصفين هذا الدين الحنيف، وخرجوا بآراء وضعوها بحيادية وصدق، وهي التي نرى الكثير منها قد سجلت في عبارات تمتدح الإسلام والقرآن الكريم ومحمد صلى الله عليه وسلم، كما وأدت هذه الهجمة إلى إسلام بعضهم، كالمفكر الفرنسي المسيو اي. ادينيه، كما أدت إلى أمر لم يكن بالحسبان، وهو اكتشاف بعض المفكرين هؤلاء سرقات علمية قام بها هؤلاء المستشرقون من علماء مسلمين، ونسبوها لأنفسهم، كنظرية الشك التي نسبها ديكارت لنفسه وهي للإمام أبو حامد الغزالي.
أما فلم "فتنة" الذي خرجوا لنا به، للطعن في القرآن الكريم، فيقينا إنه لا يستحق الالتفات إليه، ولا يستحق الهالة الإعلامية التي أثيرت حوله، لكن كان ذلك من أجل الدعاية له لا غير، وأكاد أجزم أنه حتى أكثر الإدانات التي صدرت ضد الفلم كانت من باب الدعاية أيضا، وحتى القضية المرفوعة ضد صاحب الفلم من قبل الرسام الخنزير الآخر، من باب الدعاية أيضا. ولكن من له الحق بمقاضاة صاحب الفلم هم نحن، ويمكننا ذلك ولو في أمور جانبية، فالأمور الرئيسية لا عشم فيها لأن أنظمتنا العربية مبتلاة بالديوثة.
فصاحب الفلم، مدلس بامتياز وكذاب ومخادع، بوضعه الآيات القرآنية الكريمة في غير مكانها، وأبسط ما يمكن فعله أن يقاضيه الشيخ عبد الرحمن السديس، لاستخدامه أشرطته في هذا الفلم دون إذن منه وفي موضع غير لائق بها، مع تلاعب في الصوت من ناحية تضخيمه، وأسأل الله عز وجل أن لا يخزيني ويكون قد طلب الإذن فأذن له. الشيخ صالح كامل أيضا يمكنه مقاضاة صاحب الفلم، فعدة لقطات سرقت من قناة اقرأ، ولا أعتقد أيضا أن صاحب الفلم أستأذن المحطة فيها، وعشمنا من الشيخ غيرة موازية على الأقل لغيرته التي أدت إلى سحب فلم "عماشة في الأدغال" ومنع عرضه، ولنر القرآن الكريم عنده أم حرمه المصون.
ولتعلم أيها القارئ الكريم أن الحكومات العربية لن تسمح بأي رد حقيقي وعلمي على محاولات النيل من ثوابت ديننا، وقد تصدم حين تعلم أن جميع القنوات الفضائية التي تراها عبر شاشتك، قد وقع أصحابها على ميثاق دولي مذل يحد من حرياتها، وأكثره خطوط حمراء لا يمكن تجاوزها، حتى لا تقع في المحظور الذي لا يريده الغرب، مع أن أكثر أصحاب هذه القنوات توجد هذه الخطوط الحمراء في أنفسهم قبل أن تكون في هذا الميثاق.
كما وصل الأمر حتى أن يخرج من أبناء جلدتنا، من حاول إفشال ما استطاع له بعض أبناء الأمة المخلصين دفاعا عن هذا الدين، ومنهم من فعل ذلك باسم الدين، وقصة شد رحال عمرو خالد وطارق سويدان والجفري للدنمرك معروفة، أيضا الشيخ الرقاص العبيكان، وطلبه من أهل الكويت عدم مقاطعة المنتجات الدينماركية، بحجة عدم رضى ولي الأمر عن ذلك، وأين ولي الأمر؟ ووالله لا يوجد أيها المدلسون، وإلا ما أهين كتاب الله عز وجل والرسول صلى الله عليه وسلم وهذا الدين، وهم في صمت، بل مع ما يجري.
لقد حاولوا طعننا بأكاذيبهم وتدليسهم، وأبسط ما يمكن فعله هو أن نفضح حقيقتهم وبنفس أسلوبهم، وها هو تاريخهم كله خزي وعار، فأين شركات الإنتاج الفنية العربية لتغوص فيه، والتي لا بد وأن يوجد من أصحابها من عنده غيرة على هذا الدين، وأيضا أصحاب الثروات الطائلة التي لا خير فيها إن لم يذد أصحابها عن هذا الدين بشيء منها.
فظائع أمريكيا في سجن أبو غريب يمكن تسجيلها في فلم، وفظائع سجن غوانتمالو أيضا، مذبحة دير ياسين يمكن تسجيلها بكل فظائعها في فلم أيضا، جريمة أمريكيا في حق الهنود الحمر والمسماة بطريق الدموع والتي سبق وأن كتبت عنها مقالة طويلة بعنوان "سادية أمريكيا في طريق الدموع" وما ذكر فيها يكفي لقصة فلم مذهل، يفضح حضارة الغرب المزعومة إلى الأبد، وغير ذلك الكثير، وما أكثر الآيات الموضوعة من كتبهم المقدسة التي يمكن اختيارها لكل جريمة من جرائمهم.
نقلاً عن صحيفة وطن تغرد خارج السرب