جاء الرد الفلسطيني على عدد الشهداء والجرحى الذين سقطوا خلال العدوان الصهيوني على غزة سريعاً، لكن هذه المرة قادته المرأة الفلسطينية، بإنجاب ما يُقارب ثلاثـة أضعاف عدد الذين ارتقوا خلال حرب الإبادة الصهيونيـة التي بدأت في 22 من ديسمبر/كانون أول 2008 واستمرت 22 يوماً متتالياً!!!
فوفق إحصائية أعدتها وزارة الصحة الفلسطينية في غزة، تبين أن عدد المواليد الذين أُنجبوا خلال فترة العدوان الصهيوني على غزة زاد عن 3700 مولود، مقابل 1400 فلسـطيني اسـتُشـهدوا خلال نفـس الفترة، بينما بلغ عدد المواليد الجُدد لشـهر يناير/كانون الثاني لعام 2009 حوالي 5 آلاف مولود، وفي ذلك زيادة بنسـبـة ألف مولود عن كل شـهر، خاصـة وأن نسـبـة المواليد الشـهريـة تصل إلى 4 آلاف مولود في الأيام العاديـة، حسـب الوزارة!
وفي هذا الشأن يقول مدير العلاقات العامة في وزارة الصحة الفلسطينية المُقالة هُمام نسمان: إن نسبة المواليد السنوية تصل إلى 50.000 مولود مقابل 500 حالة وفاة، ما يعني أن عدد المواليد الشهري يصل في الأيام العادية إلى 4000 مولود، فيما تجاوز في شهر يناير الخمسة آلاف مولود، الأمر الذي يعني أن هناك زيادة بنسبة ألف مولود خلال شهر يناير وشهر ديسمبر الذي سبقه، وهو الشهر الذي نفذ به العدو الصهيوني حربه على قطاع غزة.
وأرجع نسـمان أن سـبب الزيادة في نسـبـة المواليد في ذلك الشـهر إلى حالـة الخوف الشـديد التي كانت تُسـيطر على سـكان قطاع غزة، خاصـة النسـاء، ما أدى إلى عمليات ولادة مبكرة في غير موعدها!
وقال: "العشرات من المواليد وُضعوا قبل موعدهم الطبيعي بسبب تعرض النساء للضغط النفسي والخوف الشديد". وأشار إلى أن نسبة الإجهاض وفقدان الأجنة أيضاً ارتفعت أيضاً في شهر العدوان الصهيوني على غزة، مرجعاً السبب في ذلك إلى الخوف والرعب إضافة إلى احتمالية استنشاق سيدات حوامل لغازات سامة كانت تنبعث من القذائف التي يُطلقها الكيان الصهيوني.
وعن كيفية التعامل مع حالات الولادة في ظل العدوان الصهيوني، بينما تصل أعداد هائلة من الجرحى والشهداء إلى المستشفيات قال نسمان: إن وزارة الصحة قامت بما يُسمى بـ "شراء الخدمة"، أي شراء خدمة التوليد من قِبل العديد من المستشفيات الخاصة والأهلية، خاصة أنه تم توظيف كافة الأقسام الخاصة بالولادة في مجمع الشفاء الطبي والمستشفيات الحكومية الأخرى في كافة أنحاء قطاع غزة من أجل إجراء عمليات جراحية لجرحى سقطوا أثناء العمليات الحربية الصهيونية في غزة.
وأضاف: "قمنا بشراء هذه الخدمة من المستشفيات الأهلية، فكنا نقوم بتحويل حالات الولادة إليها، على أن يتم الدفع لها من قبل وزارة الصحة"، مضيفا: "الشراء يعني أن نُحول الحالة ونحن نقوم بالدفع، وكأن "المريضة" تُعالج على التأمين الصحي، بمعنى أنها لا تقوم بالدفع للمستشفى الخاص، بل نحن نقوم بعقد اتفاق شراء ندفع بموجبه لتلك المستشفيات."
وأضاف أيضاً: "لدينا 4 أقسام خاصة لعمليات التوليد في مجمع الشفاء الطبي، ولكننا اضطررنا أن نُحولها إلى أقسام جراحة نستقبل فيها العديد من الحالات الحرجة التي أُصيبت أثناء العدوان الصهيوني على غزة، الأمر الذي دفعنا للتعامل مع حالات الولادة على نظام شراء الخدمة."
وأشـار مدير العلاقات العامـة في وزارة الصحـة إلى أن العديد من حالات الولادة تمت في البيوت والمنازل بسـبب مخاطر القصف الشـديد، وبعض الحالات الأخرى لم تتمكن الطواقم الطبيـة من نقلها إلى المشـفى فنقلتها سـيارات مدنيـة خاصـة، لافتاً إلى أن العدو الصهيوني تجاوز في تلك الفترة كل الخطوط الحمراء، وكانت تسـتهدف حتى سـيارات الإسـعاف التابعة لوزارة الصحـة، الأمر الذي كان يُعيق عمل الطواقم الطبيـة.
وبدوره أدى ذلك إلى ولادات داخل المنازل. ومن هذه الحالات، تروي الحاجة أم وائل سرور، من مخيم جباليا شمال قطاع غزة كيف اضطرتها الحرب الصهيونية إلى أن تقوم بتوليد ابنتها التي اشتدت عليها آلام المخاض، ليل الخامس من يناير/كانون ثاني 2009 بالتزامن مع قصف عنيف وحالة رعب شديدة.
وتقول: "اشتدت حالة المخاض على ابنتي وفاء التي كانت قد غادرت بيتها لتُقيم معنا، بعد أن دمرت قذيفة صهيونية أجزاء من منزلها المجاور لمنزل الشيخ نزار ريان".
وتُضيف: "اتصلنا بسيارة الإسعاف، ولكن يبدو أن كل السيارات كانت مشغولة بنقل شهداء وجرحى"، مؤكدة "تأخرت سيارة الإسعاف لعدة ساعات بسبب الانشغال بنقل الجرحى، فما كان مني إلا أن أقوم بتوليد ابنتي في المنزل باستخدام أدوات بسيطة رغم المخاطر الكبرى التي كانت تحيط بالعملية كلها."
وفي ظل الازدياد في نسـبـة المواليد مقابل نسـبـة ضئيلـة من الوفيات سـنوياً، لم يسـتبعد نسـمان أن تزداد الكثافـة السـكانيـة في قطاع غزة لتصل إلى 6 ملايين نسـمـة في عام 2025. وقال: "الأمر سـيكون طبيعياً وواقعياً لو قمنا بعمليـة نسـبـة وتناسـب، فالمواليد سـنويا 50 ألف مقابل 5 آلاف حالـة وفاة."
نقلاً عن نيوز فلسطين ـ غزة المحاصرة والحرة
اقرأ أيضاً:
هنا غزة/ هنا غزة... من يحتاج من؟/ غزة من الداخل والخارج/ الحياة مقاومة لا مفاوضات/ شبهات حول قضية غزة والرد عليها/ بيان معبر رفح/ دخان المعركة