ماذا يعني فراغ الساحة المصرية من الكفاءة، وماذا يعني إخفاؤها
إذا كنا نرفض جمال مبارك، ونرفض كل مرشحي الحزب الوطني، فهل هناك اسم نستطيع ترشيحه؟؟ سؤال يطرح نفسه، أو يطرحه أحدهم بصورة تلقائية خلال أي نقاش بين العوام في مسألة توريث الحكم في مصر، وكأنه معجز وقاطع للوهلة الأولى، فعندما يتم طرح أي شخص من قبل أحد المتناقشين سرعان ما يكون رد الآخرين بالتساؤل والحيرة فهم لا يعرفون عنه ما يعرفه المتحدث، ثم يقوم آخر بطرح اسم آخر وهكذا، إلى أن يتم الإجماع على الاختلاف، ويكون القبول بما هو مطروح من قبل الحزب الحاكم وكأنه أمر بديهي، "واللي نعرفه أحسن من اللي ما نعرفوش"....
بالتأكيد الإجابة نعم يوجد، "واللي مايشوفش من الغربال يبقى أعمى"!!!!
بل إن الأغلبية ممن نتكلم عن اختيار حاكم لهم (المصريون)، هم ممن يختلفون عن كل الشخصيات المفروضة على الساحة، ومن المنطقي أن يحكمهم واحد من بين تلك الأغلبية الحقيقية، ونحن نعلم يقيناً أن طبقة من ليسوا منهم مهما تكاثرت، فهي أقلية وصلت للنفوذ وللمال وللسلطة عن طريق الفساد، ولا يجب أن تتحكم تلك الأقلية في الأغلبية...
ولا يجب أن نتخيل أنه بما أننا لا نجد ما نستطيع ترشيحه من أسماء بعينها، فذلك لم يأت إلا من تحكُّم هؤلاء -الأقلية- في إعلامنا بما يريدون منا فقط أن نعلمه، وكذلك كان فرعون يتشدق ويقول (وما أُريكم إلا ما أرى)، بل إنه كان ينطلق من نفس الادعاء الذي يدعيه هؤلاء المنافقون حين قال (وما أهديكم إلا سبيل الرشاد)، فهل تتوقعون أن يعلن النصاب عن هويته؟؟
إن عدم ظهور شخص واحد -فضلا عن عدة أشخاص- على الساحة ممن يمكن القول بكفائتهم وقدرتهم على أن يتولوا تلك المسئولية لا يخرج من أن يكون بين أحد أمرين:
- إما أن يكون ناتجاً عن عدم وجوده فعلا، فيكون هذا أكبر دليل على الفشل الذريع لهؤلاء الذين يتولون زمام الأمور لعدة عقود متتالية، ولم ينبت في عهدهم كوادر نستطيع الاختيار منها اللهم إلا بعض النبتات الضعيفة الخاوية المتطفلة على الزروع والثمار، والتي هي بحق نباتات شيطانية كما يقول أهل الريف...
- وأما أن يكون عدم ظهوره بسبب إخفائهم له، فيكون ذلك أكبر دليل -ليس على فشلهم فقط- وإنما على سوء النوايا، وعدم الأمانة، وعدم الاستحقاق، وعلى الاحتيال للبقاء في الحكم...
يجب ألا ييأس المصريون أبدا من وجود من هو على أعلى قدر من التأهيل، ليحكم هذا البلد الطيب، حتى ولو كنا لا نراه في في مجال الرؤية المسموح لهم به، فمصر دائما ولاّدة، وغنية برجالها ونسائها... وشبابها.
وعلينا ألا نرضى بما نحن فيه، ولا بمن تسبب فيه، مهما كان الثمن، وأن نعلن ذلك حتى ولو لم يكن واضح لدينا البديل، فلسوف يأتي ما دمنا نسعى إليه...
كما أننا لا يجب علينا بأي حال من الأحوال أن نثق فيمن صنع تلك الغشاوة، أو من سانده في ذلك، إلا لو كنا أصلا لا ندرك أن هناك غشاوة... من شدة ما قد تخلل إلى واقعنا من ظلمات أو ما أصاب عقولنا من عمى...
ولكن علينا بالبحث عن طريقة تزيل عنا الغشاوة المفروضة علينا، حتى نتمكن من الرؤية السليمة، كما أن علينا أن نزيح الغبار أيضا عن هذا الفارس المجهول لنا الذي تم إخفاءه بكفاءة عالية، ثم إن علينا أن نسعى حثيثاً لوجود ثغرة تخرجنا من مأزق ذلك الدستور غير الدستوري الذي قام بتفصيله طرزي القوانين في الحزب الوطني ليضيق الخناق على من يرى في نفسه الكفاءة، وليفرض علينا من لا يخاف الله فينا، ولا يرحمنا...
اقرأ أيضاً:
كشف النقاب عن معركة النقاب... صراع النوايا