كيف تعرف أن ثقافة ما صارت سائدة في المجتمع؟
انظر إلى الكلمات المستخدمة، هل توجد كلمات متوائمة بين أفراد المجتمع؟
وانظر إلى القناعات الدارجة، هل يوجد قناعات تشكل تفكير جمعي؟
وانظر إلى المعتقدات المنتشرة، هل هذه المعتقدات متسقة بين أفراد المجتمع؟
ثم انظر للممارسات اليومية، والتي صارت من عادات الناس.
لقد استطاع المدربون تحت ستار التنمية والطاقة، ومن خلال أذكى حرب للتفكيك من الداخل، استطاعوا التسلل بقوة للمجتمع، فصنعوا رباعية (المصطلح - القناعات – المعتقدات - العادات) فصار مصطلح وصف المكان المزعج (طاقته سلبية) منتشراً ومألوفاً، وصارت القناعات بخصوص (الانغماس والاعتماد على الذات) هي السائدة، وأصبحت المعتقدات من مثل (ما تفعله يعود لك أو عليك، أنت تستطيع جذب ما تريد) شديدة الظهور، وصارت عادات الطقوسية، وأنماط الحياة (الألوان، التمائم، التركيز الزائد على الإنجاز المادي ) شديدة الوضوح.
لقد استطاع هؤلاء القلة صناعة ثقافة صارت تشكل هوية افراد ومجتمع.
واليوم نرى من يسمون أنفسهم (انفلونسرز - المؤثرون) هم من يستلمون الدفة الأخرى لتعميق ثقافة البذخ، والكماليات، والتفاهة.
مجتمعنا في خطر حقيقي، وثقافتنا في أزمة كبرى، وهويتنا على جرف هار، فماذا عسانا في التخصص النفسي كعلماء نفس مسلمين أن نقدم لهذا المجتمع، فهذا انتكاس وليس تطور اجتماعي، وهذا مرض اجتماعي يستشري في الناس صار له آثار عديدة، ألا ترى تراجع الناس في التعاطف مع قضايانا الأممية الوجودية! ألا ترى فردية الناس تتفاقم إلى حد الأنانية! ألا ترى أن معدلات الجرائم والإيذاء يرتفع بشكل كبير! ألا ترى تراجع الضوابط العقلية والتنظيم الانفعالي والتحمل والصبر!
يجب أن نسعى لدورنا الحقيقي، فلم نكتسب العلم والمعرفة لنختبئ في مكاتب أنيقة تعزز الصحة النفسية للمراجعين فقط، بل أن مسؤولياتنا تحتم علينا أن نكون في الميدان، خاصة مع تراجع الدور الإصلاحي، وتراخي بعض من كانوا من القدوات، وانقلاب بعض المتصدرين، وصراع بعض الحريصين، والحرب على المشايخ والدين، خاصة في السنوات الخمسة الأخيرة بعد تفكيك غالب الجهات أو المجموعات أو الجمعيات التي كانت تشكل دوراً في صمام الأمان الاجتماعي والثقافي.
صار وقت التدافع، وصناعة الثقافة من جديد، فهذه سفينة مجتمعاتنا ثقبت، وإن لم نقم للإصلاح، فسنغرق نحن وأبنائنا كما سيغرق الجميع، فالأمر ليس رفاهاً، بل هو ضرورة وضرورة حتمية.
واقرأ أيضاً:
تبليغ الأخبار المزعجة في الأزمات الوبائية3 / يحدث معنا يا زميلي.. تجارة تطوير الذات