التحليل النفسي لشخصية بشار الأسد (دراسة نفسية - سياسية على ضوء تسريباته مع لونا الشبل)
⚠️ تنويه
هذا التحليل لا يُعد تشخيصًا طبيًا أو نفسيًا إكلينيكيًا، بل هو قراءة تحليلية نفسية–سياسية مبنية على السلوكيات العلنية، الخطابات، والتسريبات المتداولة، وفق مناهج التحليل النفسي للشخصيات العامة.
────────────────────────────
حين ظهر بشار الأسد في لقطات مع مستشارته الإعلامية "لونا الشبل" وهو يقود السيارة بنفسه متجولا في الغوطة في ريف سوريا بعد أن دمرها تماما بسلاح الطيران وبراميل المتفجرات والأسلحة الكيماوية وذلك بسبب تمركز المعارضة السورية في هذه المنطقة وإزعاجها لنظامه. وقد ظهر بشار على طبيعته ونزع قناع السلطة الدكتاتورية الصارمة، وتحدث إلى "لونا" بشكل حميمي تلقائي لم يظهر به أبدا في لقاءاته أو خطاباته الرسمية، وكانت هي تتحدث إليه وكأنها تتحدث إلى طفل غير ناضج وتشجعه على التعبير عن نفسه الداخلية التي تختفي خلف قناعات ودفاعات نفسية كثيرة سوف نشرحها فيما بعد. وفي هذا اللقاء تجاوز كل الخطوط المتوقعة من رجل حكم سوريا بالحديد والنار على مدى ربع قرن وورث الحكم عن أبيه الذي حكمها أيضا ربع قرن، وكانت الكلفة مرفوعة بينه وبين "لونا" فيما يتجاوز العلاقة المهنية إلى علاقة مليئة بالحميمية قد توحي برنين وجداني عاطفي عميق بينهما وما خفي ربما كان أعظم.
وحين سألته ليقول كلمة وهو خارج من الغوطة التي بدت مدمرة تماما إلى حد الخراب، رد قائلا: "الله يلعن أبو الغوطة"، وحين سألته عن دبابة كانت في الطريق، إلى أي جيش أو قوة مسلحة تنتمي هذه الدبابة لم يكن يعرف الإجابة فسوريا مخترقة إيرانيا وروسيا ومن حزب الله ومن جماعات راديكالية، وحين صافحه الضباط والجنود على الكمين وقبلوا يده في مذلة، كان يحييهم ويدعو لهم "الله يعطيكوا العافية" وحين تجاوزهم وأغلق نافذة السيارة راح يسخر منهم ومن غبائهم، ويعلن في غطرسة "كل شخص شريف في هذا البلد يحلم أن يصافحني"، وراح يسخر من قياداته ويتهكم عليهم، ويسخر من نفخ وجه حاميه والمسيطر عليه سياسيا وعسكريا "بوتين"، ويسخر من حزب الله الذي أنقذه من السقوط أمام الغضب الشعبي، وحين سألته عن شعوره وهو يرى صوره منتشرة في كل مكان قال "عيني لا تراها وعقلي لا يدركها"، وحين سألته عن شعوره وهو يرى سوريا على هذا الحال قال "إنه يشعر بالقرف من هذا البلد"، وكان يفعل كل ذلك بينما هو يضحك بشكل مبالغ فيه.
وكان هذا الحوار المسرب فرصة هامة جدا لرؤية الوجه الحقيقي لبشار ومعرفة جوانب خفية في شخصيته كان يغطيها بقناع السلطة وغطرسة الدكتاتور، بما يسمح بإعادة قراءة جوانب أخرى في الشخصية منذ ظهوره على السطح خلفا لوالده حافظ الأسد.
أولًا: الخلفية النفسية التكوينية:
نشأ بشار داخل عائلة سلطوية مغلقة، وكأي أبناء رئيس، لم يكن أمامه الفرصة للحياة الواقعية وسط الشعب السوري بل كان في قوقعة محكومة باحتياطات أمنية، ويرى العالم من منظور سلطوي استعلائي مغترب، ويعيش واقع مصنوع لا يسمح له برؤية الحياة على طبيعتها والبشر العاديين بمزاياهم وعيوبهم. ولم يكن يحظى باهتمام كبير في الأسرة، بل كان مختفيا وراء أخيه الأكبر "باسل" والذي كان والده يعده ليخلفه في السلطة، ولكن شاءت الأقدار أن يموت فجأة، ولا يصبح أمام أبيه وهو يريد أن يورث السلطة غير النظر إلى بشار كوريث له، وكان وقتها طبيب عيون صغير السن فقام والده بتغيير الدستور ليناسب سنه، ولم يكن بشار منتبها أو متطلعا لهذا المنصب ربما بسبب سمات شخصيته الخجولة الوسواسية المدققة والغارقة في التفاصيل، ولقد ناسبت هذه السمات التخصص الطبي الذي درسه، ومع ذلك وجد نفسه مرغما بأمر من أبيه أن يتبوأ منصب لم يعد نفسه له ولا يتناسب مع سماته الشخصية وتكوينه الهش، ولم تكن هناك فرصة كافية للتدرج الطبيعي في بناء الهوية القيادية. إذن كان السياق ينتج غالبا: هوية مفروضة لا مختارة، وقلقا وجوديا حول الشرعية والجدارة والكفاءة، واعتمادا مفرطا على السلطة كدعامة وحيدة للذات، وهذا يفسر لنا لماذا كان شديد القسوة والقهر والاستبداد والعناد، وحين لم يتمكن من تحقيق ذلك في الوقت الذي اهتز فيه عرشه لجأ إلى الأب الإيراني يحتمي به، ثم إلى الأب الروسي يخيف به أعدائه، وسمح للأخ الأكبر المفقود ممثلا في هذه الظروف في حسن نصر الله وحزب الله للدفاع عنه، وحين انكشف عنه غطاء السلطة وغطاء الحماية الخارجية فر هاربا بشكل مهين.
ثانيًا: البنية الشخصية العامة:
1- سمات وسواسية: ظهرت حين خرج للعلن في صورة الغرق في تفاصيل فلسفية أو شبه فلسفية، وثرثرة مملة في مواقف عامة لا تحتمل ذلك (مثل اجتماعات القمة العربية)، وكان يبدو طفلا يتعرف على مبادئ الأشياء، وكأنه حين يشرح بتفاصيل كثيرة يريد أن يفهم القضية قبل أن ينقلها لغيره. والوسواسي عنيد ومستبد برأيه، ولديه حساسية للنقد، وتبرير دائم للذات، ورؤية ضيقة في حدود ذاته، والحاجة للسيطرة على كل التفاصيل، واعتبار الآخرين همجيين وفوضوين وغالبا غير منضبطين، وهو يبدو خجولا مهذبا على السطح ولكن يحمل بداخله شراسة وعدوانية بلا حدود، وليس لديه قدرة على الاعتراف بالخطأ فهو دائما على صواب، وتفكيره يميل إلى الثنائية المختزلة (أبيض /أسود، نحن/هم).
2- سمات نرجسية: ممثلة في شعوره بالتفرد والحكمة، والتمركز حول ذاته التي كانت محدودة للغاية ولكنها انتفخت بالسلطة المبكرة وبالعيش في بيت سلطوي يشعره كل من حوله بالأهمية والجدارة رغم هشاشته الداخلية، تلك الهشاشة التي كان يحتاج لمواقف دفاعية عنيفة يخفي بها هشاشته ويؤكد من خلالها قدرته على القهر والتسلط ربما أكثر من أبيه وليرهب كل من يكتشف تلك الهشاشة ويحاول أن يكسرها، وهو لا يتحمل المعارضة أو النقض لأن ذلك يكشف الضعف والهشاشة والقابلية للانكسار، وهو قد وقع في إدمان السلطة كأي دكتاتور مستبد، وذاق حلاوتها بعد أن كان رافضا لها أو عازفا عنها، والآن عشقها وتوحد معها كطفل أعجبته لعبة فصار متمسكا بها مهما حدث. ولم يكن جذابا كرجل وكانت هذه نقطة ضعف فيه، بل هو ممل لأي فتاة أو امرأة، ولذلك كانت هذه نقطة ضعف جعلت نساءا عديدات يتقربن منه ويوهمنه بالوسامة والقوة والسيطرة والجاذبية لكي يصلن إلى مرادهن، وكانت أبرزهن وأهمهن "لونا الشبل" التي دخلت عليه كمستشارة إعلامية وطنية تركت عملها في أهم قناة عربية (الجزيرة) وجاءت لتنقذه إعلاميا وهو في أحلك لحظاته عند قيام الثورة ضده في 2011، وشكلت بالنسبة له العقل الذي ينقصه والخبرة التي يحتاجها فكانت هي التي تختار له كل شئ وتنبهه إلى كل شيء، وأصبحت أم مربية في صورة عشيقة، أو عشيقة وأم معا، واطمأن هو في كنفها، وأصبح قادرا على أن يبوح لها بذاته الحقيقية دون قلق، ويعرض لها نقاط ضعفه بعيدا عن قناع القوة والسيطرة والحكمة الذي كان يلبسه بمجرد أن يظهر للناس في العلن.
ويتبع>>>>>: التحليل النفسي لشخصية بشار الأسد2
واقرأ أيضًا:
ترامب الجديد عاد لينتقم من أمريكا والعالم / حبة الغلة... القنبلة الكيميائية
