هل من حقنا أن نفرح كل الفرح بقدوم هذا العيد أو ذاك ونحن مقيمون طويلاً، وعلى مدار سنوات، في غربة ولجوء وتشرد وبُعد عن الديار؟؟.. أقول بصريح العبارة "والمانع؟؟".. لماذا لا نفرح كما يفرح غيرنا، لماذا لا تكون ابتسامتنا بطول العيد وعرضه؟؟.. هل علينا أن نفرش الأرض بالدموع والنواح والبكاء؟؟.. طبعاً لا.. فالشعب الحيّ المؤمن بعدالة قضيته يجب أن يكون شعباً ممتلئاً بالحياة والفرح والتطلع إلى الحياة بكثيرٍ من الأمل.. وعلينا أن نُسجل ببصمة كبيرة أننا أقدر الناس على الحب والفرح والحياة لأننا نُناضل ونُقاتل ونُكافح من أجل الحياة والعيد والشمس وعودة الحق، وابتسـامتنا سـتكون مثل علمنا ويقيننا وإيماننا، علامـة إصرارٍ على الحق الذي لن نتخلى عنـه مهما طال الزمن، فنحن أقوى من كل اللحظات العابرة وإن تحوّلت اللحظات إلى سـنين، فمن خلال حبنا وفرحنا وإيماننا سـنزرع الأرض يقيناً بالعودة.
تمرّ الأعياد وتكرّ، وأحياناً ننسى جملة أو مفردة رائعة كنا نُرددها في كل حين قائلين "بالعودة" لنُرسخ في البال والأذهان أنّ العودة يقين، فليتنا نعود إلى هذه المفردة كي تبقى مفتاحاً لأعيادنا ومناسباتنا ويقيننا بهذه العودة، فنحن نؤمن كل الإيمان بأن فلسطين ستعود وسترجع وستكون لنا، فلماذا لا نزيد هذا اليقين يقيناً حين تكون مفردة "بالعودة" نشيدنا الوطنيّ اليوميّ في العيد وفي سواه.. فلا شيء يُعادل قيمة هذه المفردة المليئة بالفرح والتفاؤل والتطلع إلى مستقبل مشرق، لأنها قائمة ومنطلقة من تعلقنا بالوطن الذي نعشق.
سنقول "كلّ عام وأنتم بخير" فهذا حقنا وحق أهلنا بالتأكيد أن يكون الجميع بخير، سنقول كلّ عام وأنتم على وطن، فهذا يقيننا الذي لا يتزحزح بأننا مقبلون على وطن محرر تُشرق الشمس على أرضه، سنقول "إن شـاء الله بالعودة" لأن العودة منظورة ملموسة محسوسة بالنسبة لنا لن يقل يقيننا بها ولن يتغير فإيماننا كبير، بل جدّ كبير، بأن نشيد "بالعودة" سيحملنا مع الأيام على تحقيق الحلم ليكون يقيناً وتحقيق الأمنيات لتكون شيئاً معاشاً في فلسطين..
تمرّ الأعياد وبعادنا عن أرضنا حارق قاتل يكوي الفؤاد حنيناً وشـوقاً لكل حبـة تراب، لكن هذا لن يجعلنا يائسـين مكسـورين مخذولين صُفر الوجوه والأمنيات، نعرف كم هو حزننا وشـوقنا وحنيننا كبير، ونعرف كم هو صعب طعم البعاد عن الديار، ونعرف كم هو معذِب هذا البقاء في ديار الغربـة نُعايـش كل لحظـة أمل الرجوع إلى البيت والشـارع والذكريات والوطن الحبيب، لكننا رغم ذلك مسـكونون بأملٍ لا تغرب شـمسـه، وبفرحٍ لا ينقص مهما اشـتد سـواد الأيام، وبتطلعٍ شـامخٍ لا يمكن أن يأفل قمره أو يغيب، فالحياة فينا زهرة عطرها يملأ الدنيا وجمالها يأخذ بالألباب.
نقولها وسنقولها دائماً "كل عام وأنتم بخير"، وبالعودة إن شاء الله، وتُصبحون على وطن.. نُكررها يقيناً لا ترداداً دون معنى.. فمن أعطى الوطن سنابل دم وشهادة وتضحية وعشق لا يحدّ لا يمكن إلا أن يؤمن بأن الفجر قادم وعيد العودة إلى الوطن قادم وشروق شمس الغد المشغول بالفرح قادم، فليكن عيدنا فرحاً، ولتكن أيامنا فرحاً، ولتكن كل أغانينا فرحاً، فالشعوب الحية المؤمنة بالنصر والحياة والفرح، تبكي وتضحك، تحزن وتفرح، تدمع وتُغني.. فكل عام وأنتم بخير وبالعودة إن شاء الله..
واقرأ أيضاً:
فلسطين أوتار الشوق والحنين/ درّة فلسطين ياسمين شملاوي/ صباح البحر الأبيض/ وطن بحجم الذاكرة!!/ كل رمضان وغزة بخير/ جرح غزة المفتوح!!!/ أنقذوا غزة/ ذاكرة شعب/ شجرة الدار