مرض الفصام هو أحد الأمراض النفسية ويظهر هذا المرض في صورة أعراض مرضية، سواء ظاهرة أو خفية وهذه الأعراض تؤثر على سلوكيات المريض.
إن التكوين النفسي للفرد يشتمل في أحد جوانبه على الوجدان وفيها يعبر عن مشاعره وأحاسيسه، وفي الجانب الآخر عن التفكير هو طريقة تكوين الفكرة والتخطيط السليم والوصول إلى حل يتماشى مع الواقع، ومن خلال التفاعل ما بين التفكير والوجدان يظهر السلوك البشري وهو تغيير عن مستوى التفكير والعاطفة المصاحبة له.
الفصام Schizophrenia هو مرض يتسم في الدرجة الأولى باضطراب في التفكير وهو بذلك ينعكس في صورة اضطراب في السلوك ويصبح السلوك غير سوي وكذلك يؤثر على العاطفة فتصبح منحسرة أو يصبح الفرد غير قادر على الشعور السوي وتنقسم الأعراض الفصامية إلى أعراض ظاهرة وأعراض خفية.
وهناك عوامل كثيرة تؤثر في حدوث مرض الفصام ومنها:
1 - العوامل الوراثية.
2 - العوامل البيلوجية (العضوية).
3 - طبيعة الشخصية وعوامل نفسية أخرى.
4 - العوامل الاجتماعية.
5 - العوامل الأسرية
6 - طبيعة البيئة المحيطة بالفرد.
المشاعر والأحاسيس وكيفية الحصول على المساندة الطبية للتغلب عليها والتحكم فيها:
تختلف الأشياء تبعا لأهميتها بالنسبة للفرد وطبقا لتفهمها ومعناها وظروفها ففي بعض الأحيان تشعر بتغيرات في سلوكياتك اليومية مثل صعوبة في التركيز في العمل أو شعور بالقلق والاضطراب في العلاقات الشخصية مع الأفراد وكذلك سهولة الشعور بالإجهاد والتعب عند ممارسة مهام الحياة العادية وقد يشعر الفرد بتغيرات في الإدراك مثل سماع أصوات أو رؤية خيالات تعطيه الشعور بالخوف والقلق وتؤثر عليه أو يفكر بطريقة غير سوية تثير حفيظته وتشعره بالخوف.
طرق فهم مشاعرك:
تؤثر بعض الأمراض مثل الفصام والفصام الوجداني Schizoaffective Disorder وغيرهما من الأمراض في قدرة المخ على استقبال وتفسير بعض الأحاسيس والمشاعر وعلى سبيل المثال قد ترى أو تسمع أو تشم أو تتذوق أشياء غير منطقية أو غير واقعية مما يؤدي إلى صعوبة استيعابها أو فهمها وأحيانا تبدو هذه الأصوات أكثر إزعاجا مما يؤثر على تركيزك في المحادثة أو في فهمها بدور في الحديث مع الآخرين. وكذلك تبدو الألوان أكثر بريقا ولمعانا أو ربما ترى ظلالها مما يؤدي إلى شعورك بكثرة تزاحم المعلومات في عقلك بصورة تجعلك مضطربا. وقد يفسر الأطباء ذلك بوجود أمراض نفسية مثل الفصام والأمراض الذهانية الأخرى.
يعمل المخ من خلال إشارات كهربائية تتحول إلى نبضات كيميائية من خلال تغيرات سيكلوجية منتظمة. وعند الإصابة بمرض الفصام يحدث خلل في هذه الإشارات والنبضات داخل المخ مما يؤدي إلى ظهور خلل في الرسائل التي تصل إلى المخ مما يؤدي إلى التفكك النفسي وعدم القدرة على التركيز والشعور بالإحباط النفسي والارتباك والتوتر وبالتالي ظهور الإحساس بالإجهاد من أقل مجهود. وهذه بداية الأعراض الفصامية والتي ينبغي بداية العلاج عند ظهورها، ومن الملاحظ أنه كلما بدأ العلاج مبكرا كلما كانت النتيجة أفضل في السيطرة على الأعراض الفصامية وتحسن الحالة المرضية في أقصر فترة زمنية ممكنة. ويعد انتظام المريض في تناول العلاج من أهم العوامل التي تؤثر في استمرار استقراره النفسي وعدم ظهور أعراض جديدة أو حدوث انتكاس مرضي يؤدي إلى صعوبة العلاج.
كيفية التعرف على الأعراض المرضية:
تنقسم الأعراض المرضية إلى أعراض ظاهرة وأعراض خفية وأعراض معرفية (مزاجية):
(1) الأعراض الظاهرة:
أ – الأفكار الذهانية (الضلالات أو الوهامات) Delusions
وهي ظهور أفكار شاذة تسيطر على سلوك المريض وتؤدي إلى أن يتصرف بطريقة غير سوية، ومثال لهذه الأفكار هو أن يقتنع المريض بأن هناك أشخاصا أو شخص ما يريد أن يؤذيه أو يسيطر عليه وهذه الأفكار غير حقيقية ولا تتماشى مع الواقع أو المستوى الفكري أو الاجتماعي للمريض
ب – الهلاوس Hallucinations
هي اضطراب في الاستقبال بالحواس. وعلى سبيل المثال يسمع المريض أصواتاً أو يرى أشياء غير حقيقية ولا توجد في أرض الواقع ولا يشاركه أي فرد آخر في هذه الأحاسيس وهذه الهلاوس قد تكون سمعية أو بصرية أو غير ذلك.
(2) الأعراض الخفية
ظهور الأعراض السلبية يؤثر بشكل واضح في قدرة المريض على ممارسة نشاطاته أو عمل علاقات اجتماعية مع الآخرين ومن هذه الأعراض:
1 - الشعور بعدم الرغبة في الحديث أو التواجد مع الآخرين.
2 - عدم الرغبة في القيام بأي عمل.
3 - الرغبة في الانعزال والابتعاد عن المشاركة مع المحيطين به (الانطواء)
4 - قلة الكلام.
5 - عدم الشغف بمباهج الحياة (القدرة على الاستمتاع).
6 - قلة التركيز.
(3) الأعراض المعرفية Cognitive Symptoms
تطلق الأعراض المعرفية على المشاكل المتعلقة بالتعليم والتركيز مثل:
1 – صعوبة التركيز عند القيام بقراءة كتاب أو مشاهدة التليفزيون.
2 – صعوبة اكتساب معلومات جديدة مثل الحصول على إرشادات خاصة بالوصول إلى مكان جديد.
3 – التفكير المشوش ووجود صعوبة في التحدث إلى الآخرين والتركيز فيما يقوله الآخرون.
4 – عدم القدرة على ترتيب أفكارك والتعبير عن مشاعرك.
العلاج كعنصر يساعد الكثير من المرضي على تحسين الأعراض الظاهرة والخفية والمزاجية المصاحبة. وأول الخطوات التي تساعد على تخفيف الأعراض هو قدرتك على التعرف على تلك الأعراض وفهمها.
لماذا تعاني من هذه الأعراض؟
الفصام والاضطراب الفصامي الوجداني والاضطرابات المتصلة بهم تماثل بعض الأمراض الأخرى مثل السكر وارتفاع ضغط الدم، ولا يعرف حاليا السبب الحقيقي لظهور هذه الأمراض في بعض الأفراد دون الآخرين حيث أته لا يوجد سبب واحد فقط ولكن هناك أسبابا متعددة ومنها الوراثة والضغوط الاجتماعية والنفسية وظهور المشاكل الأسرية وغيرها، ومن المعروف أن هذه الأمراض تظهر في مرحلة البلوغ على الأكثر.
يعتقد بعض الناس أنهم يعانون من هذه الأمراض نظرا لتعرضهم لبعض الأشياء في طفولتهم، غير أن هذا ليس هو السبب،إذ أن هذه الأمراض جزء من مرض مثل الفصام أو الفصام الوجداني أو الإضرابات الأخرى المرتبطة بهم وتظهر هذه الأعراض المرضية عند حدوث اضطراب في كيمياء المخ، وللقضاء على هذه الأعراض يجب إعادة التوازن الكيميائي داخل المخ وهذا هو الدور الذي يقوم به العلاج لهذا تلاحظ أن التوقف عن تناول العلاج يؤدي إلى ظهور هذه الأعراض إن عاجلا أو آجلا ولذا فإنه من الضروري الاستمرار في تناول العلاج يوميا إلى أن تستقر حالتك النفسية وتنتهي الأعراض المرضية ويجب الانتظام في تناول العلاج لفترة مناسبة تبعا لاستشارة الطبيب.
خطورة انتكاس المرض:
يشعر المريض بالتحسن عند تناول العلاج لعدة أسابيع بالرغم من ذلك فإن فرصة حدوث الانتكاس (أي ظهور الأعراض مرة أخرى) محتملة إذا أهمل المريض الانتظام في تناول العلاج. وقد يؤدي الانتكاس إلى دخول المستشفى للعلاج. هناك عدة طرق لمنع حدوث الانتكاس وتجنب دخول المستشفى وهي كالآتي:
0 كن على دراية بالأعراض التي تصيبك.
0 إذا ساءت هذه الأعراض أو ظهرت أخرى جديدة اتصل بالطبيب لإخباره ليتمكن من مساعدتك في تفادي حدوث انتكاس أو عودة الأعراض القديمة مرة أخرى.
0 تناول العلاج يوميا، إذ أن عدم المواظبة أو التوقف عن تناول العقار يؤدي إلى حدوث تغيير في الاتزان الكيميائي للمخ مرة أخرى وقد يتسبب في عودة الأعراض.
0 احرص على الابتعاد عن المشروبات الروحية والمخدرات لأنها تؤدي إلى حدوث انتكاس لما تسببه من خلل في اتزان المخ الكيميائي وتعارض مع العلاج.
متابعة الأعراض ومراقبتها:
تحسن الحالة المرضية يؤدي إلى اختفاء الكثير من الأعراض ولكن يستمر بعض هذه الأعراض البسيطة التي لا تختفي تماما. لذا عليك مناقشة هذه الأعراض التي تثير قلقك مع الطبيب.
الأعراض النذيرية المبكرة Prodromal Symptoms :
عند متابعة الحالة المرضية قد تكتشف ظهور بعض الأعراض الجديدة أو ازدياد حدة بعض الأعراض القديمة أو تدهور الأعراض الحالية.
وهذه الاكتشافات هي الإنذار المبكر لحدوث انتكاس (عودة الأعراض) ويصف معظم المرضى أعراض الإنذار المبكر كتغيرات تلاحظ عند ظهور المرض مرة أخرى وقد تشمل بعض هذه التغيرات الآتي:
0 صعوبة في النوم بالليل
0 صعوبة في التركيز ووجود صعوبة في متابعة برامج التليفزيون.
0 نسيان أكثر من المعتاد.
0 الخوف أو القلق طوال الوقت.
0 سماع أصوات أو رؤية خيالات.
0 الشعور بالخوف من الناس والأماكن أو الأشياء المألوفة بالنسبة لك.
0 الشعور بأن الناس يسخرون منك أو يتحدثون عنك.
0 الشعور بالحزن والإحباط أو فقدان الاهتمام.
يعد الحديث عن أعراض الإنذار المبكر أحد الطرق للبقاء في حالة مستقرة فإذا لاحظت أي أعراض إنذار مبكر قم بالاتصال بالطبيب على الفور لمساعدتك على تجنب حدوث انتكاس ولا تغير الجرعة المحددة بدون استشارة الطبيب لاتخاذ القرار الطبي المناسب.
متى تتصل بطبيبك:
يميل بعض الناس إلى الانتظار لمعرفة ما يحدث في التعامل مع المشاكل التي لا تبدو جادة من الوهلة الأولى. هذا بالرغم من أن بعض المشاكل كالانتكاس تتطور سريعا ومن السهل معالجتها من البداية، ويمكنك بمساعدة الطبيب أو أخصائي الرعاية الصحية تجنب حدوث الحالات الحرجة.
اتصل بالطبيب أو أخصائي الرعاية الصحية لو شعرت بحدوث الآتي:
0 تدهور الأعراض أو ازديادها أو تضررك من الأعراض المعتادة بصورة تفوق المعتاد.
0 الشعور بأعراض الإنذار المبكر مثل قضاء ليلتين متتاليتين بدون نوم.
0 اعتقادك بظهور أعراض جانبية من عقار أو تدهور بعض الأعراض الأخرى.
0 حاجتك إلى مساعدة لحل مشكلات صعبة.
0 تشعر بالإحباط الشديد أو ظهور بعض الأفكار الانتحارية.
0 اعتقادك بأنك قد ألحقت الأذى بشخص آخر.
0 أنك في أزمة: اتصل بالطبيب على الفور
نظرة مستقبلية:
قد تفكر في تأثير مرضك على حياتك في المستقبل وهل سيمكنك الاعتماد على نفسك والعيش بمفردك؟ وهل باستطاعتك العودة إلى الدراسة أو الحصول على وظيفة. إن كثرة الانتكاس تجعل المرض يزداد سوءا ولذا اعمل ما بوسعك لتفادي حدوث الانتكاس.
* تناول جرعات العلاج بانتظام
* انتظم في المتابعة الطبية.
* قم بمتابعة الأعراض التي تعاني منها واتصل بالطبيب أو أخصائي الرعاية الصحية إذا زادت الأعراض على الفور.
* اجعل كل اهتمامك أثناء تناول العلاج منصبا على أن تتحسن حالتك النفسية.
فالفصام والاضطراب الفصامي الوجداني والإضرابات الأخرى المتصلة به أمراض يمكن علاجها في الوقت الحاضر، إلا أن التحكم في الأعراض والسيطرة عليها تجعل المريض يشعر بالتحسن وتساعده على العودة إلى نمط الحياة الطبيعي والشعور بالاستقرار النفسي والصحي.
الأشخاص المعاونون في حياتك:
يشعر المصابون بالفصام والاضطراب الفصامي الوجداني أو الإضرابات الذهانية الأخرى بالعزلة ويحاول بعضهم المقاومة دون اللجوء إلى طلب المساعدة من الآخرين. الأصدقاء يستطيعون تقديم المساعدة بشتى الوسائل فبعضهم يحل مشاكل معينة والبعض الآخر يكون موجودا عند الحاجة إليه فيستمع إليك ويشاركك.
أنواع الوهامات أو الضلالات:
0 الاضطهاد Persecutory delusions
0 العظمة Delusions of grandeur
0 التأثر Delusions of Influence
0 الإشارة Delusions of Reference
0 الوهامات الدينية Religious delusions
0 الخيانة الزوجية Delusions of Infedility
0 الجسدية Somatic Delusions
0 انتشار الأفكار Thought Broadcasting
0 ظن الحب (أن يعتقد الشخص أن محبوبة يرسل له إشارة عن طريق أغنية مثلا) Delusions of Love
تعريف الفصام:
الفصام هو مرض نفسي عقلي يظهر في صورة اضطراب في التفكير فيؤدي إلى اختلال في الإدراك والأحاسيس والعواطف والتصرفات السلوكية.
سبب الفصام:
* اضطراب كيميائي في المخ وليس نتيجة السحر والأعمال السفلية ولبس الجان، ولكن نتيجة لشيوع هذه الاعتقادات يتأخر العرض على الطبيب المتخصص بالإضافة إلى عدم الالتزام بما يصفه من العلاج الدوائي وبالتالي الانتكاس.
* هناك نسبة كبيرة تتحسن مع العلاج. فالتصور الخاطئ بأن الفصام لا شفاء منه يؤدي إلى اليأس وفقدان الأمل وتخلي الأسرة عن المريض والابتعاد عنه.
الشخصية:
0 هناك نسبة كبيرة تشفى منه مع العلاج.
0 الفصام ليس انحرافا أخلاقيا أو سوء تربية بل هو مرض (اضطراب كيميائي في المخ) في الجهاز العصبي المركزي (العقل) يسبب اضطرابات في الأحاسيس والأفكار والمشاعر تنعكس في التصرفات.
0 الفصام ليس مرضا معديا.
0 من يعانون من الفصام يستطيعون العمل حتى لو ظهرت عليهم أعراض المرض فالعمل يساعد على الشفاء.
0 المصاب بالفصام لا يعاني من التخلف العقلي.
0 يمكن علاج معظم مرضي الفصام داخل أسرهم لو التزم المريض بالعلاج مع تعضيد أسرته ومساندتها له.
العنف:
0 الفصام بالقطع ليس خروجا عن الدين أو الإيمان أو الأخلاق وليس ضعفا في الإيمان.
0 الفصام مرض عضوي مثل الأمراض التي تصيب الجسد كأمراض القلب أو المعدة أو الشرايين.
0 أدوية الفصام لا تؤدي إلى الإدمان مطلقا.
0 الأثر الفعال لبعض الأدوية النفسية يستغرق بعض الوقت في الظهور ويلزم في بعض الأحيان تعديل الجرعة أو اختيار العلاج المناسب بواسطة الطبيب النفساني المتخصص.
0 العلاج الطبي النفسي ليس مجرد حوار بين الطبيب والمريض بل يشمل الأدوية النفسية. والعلاج الجمعي والعلاج السلوكي والعلاج المعرفي والعلاج بالمنظمات الفيزيائية لضبط إيقاع المخ الحيوي.
أهمية العمل بالنسبة لمريض الفصام:
* رفع الروح المعنوية والتقليل من الاعتماد على الأسرة.
* توجيه اهتمام المريض للبيئة والمجتمع الخارجي مما يساعد على الخروج من الوهامات والتهيؤات والهلاوس. .
* خلق نشاط يومي منظم يقلل من الإحساس بالملل.
* يدعم الفرص لعمل نوعية جديدة من العلاقات الاجتماعية.
* يزيد من الإحساس بالآخرين والمجتمع الخارجي
* زيادة الفرص لتعامل المريض مع الأسوياء مما يزيد في احتماليات الشفاء
* زيادة الدخل.
الفصام هو مرض تتعدد أعراضه ومعظمها يسبب إعاقة للمريض لأنه أولا لا يكون مستبصرا بمرضه أي لا يدرك أنه مريض وثانيا لأنه منفصل عن الواقع لذا فإن التدهور يصيب بسرعة نشاطات الإنسان وحركته ومكانته على المستوى الاجتماعي والمهني والشخصي وتضرب علاقاته اضطرابا شديدا وتدريجيا ينعزل أو بالأحرى بعزله المجتمع لأنه هو في حد ذاته يسبب الإعاقة للمجتمع أي لحركة الحياة.
إن الأعراض الحادة للمرض كفيلة بأن تسبب في إعاقة كاملة خاصة إذا كانت تسيطر عليه الهلاوس أو الضلالات أو المعتقدات الخاطئة وهي أفكار خاطئة تسيطر عليه ويؤمن بها إيمانا راسخا ولا يقتنع بعكسها مثل ضلالات الخيانة والاضطهاد. وأكثر أنواع الفصام إعاقة للإنسان تلك التي تصيب الشاب الصغير والمراهقين ويسمي بفصام المراهقة. Hebephrenic Schizophrenia or disorganized Schizophrenia والذي يتسبب في تدهور سريع للمريض نظرا لتعدد أعراضه ونوع آخر من الفصام يسمي بالفصام البسيط Simple schizophrenia والذي يتميز أساسا باضطراب في شكل التفكير فيكون تفكيره فقيرا غير مترابط ضحلا ولا يستطيع التجريد أي لا يستطيع أن يستنبط المعاني الكامنة في الكلمات والجمل مما يعوقه دراسيا...
وكذلك يتسم الفصام البسيط بتبلد الوجدان مما يزيد من عزلة هذا الإنسان وعدم قدرته على التجاوب والتفاعل مع الآخرين، أما أخطر أعراض الفصام والتي تتسبب في إعاقة كبيرة هي ما يسمي بالأعراض السالبة Negative symotoms ومعناها اللامبالاة والعزلة والتبلد الوجداني والسلبية وفقدان الإرادة.. وكلها أعراض من شأنها أن تجعل الإنسان عاجزا تماما، وهي أعراض كان هناك صعوبة في التحكم فيها إلى وقت قريب حيث أن العقاقير التقليدية لا تفيد إلا من الأعراض النشطة الحادة مثل الهلاوس والضلالات، ولحسن الحظ فإن المركبات الحديثة والتي تسمي بغير التقليدية استطاعت أن تحسن إلى درجة كبيرة تلك الأعراض السالبة.
إذن الإعاقة الأساسية في الفصام هي صعوبة التواصل الإنساني فالتواصل الإنساني يحتاج إلى تفكير سوي ووجدان حي يحتاج إلى إرادة ومبادأة، ولذا فمريض الفصام تزداد عزلته وخاصة مع الأعراض السالبة، يعيش على هامش الحياة، تعزله أعراضه ويعزله المجتمع لأنه هو ذاته أصبح معوقا لحياة الآخرين، ويصيب التدهور جميع نواحي حياته فيفشل دراسيا أو يفصل من عمله ويدب الشقاق مع الزوجة أو الزوج وقد ينتهي الأمر بالطلاق وتدهور الأوضاع الاقتصادية للمريض كما يصيب التدهور شكله ونظافته ومظهره العام.
ولأن المريض يصبح فاقدا للأهلية والتقدير السليم والحكم الموضوعي فإن أهليته تنزع منه ولا يعتد بقراراته كما تسقط عنه المسؤولية، أي إهدار كامل لمعنى الإنسانية، مشكلة الإعاقة في مرض الفصام أن الأصحاء أنفسهم أي المحيطين بالمريض يتسببون في مضاعفة هذه الإعاقة لأنهم يرونه لا يصلح لشيء وبالتالي لا يرون الجوانب السليمة - سليمة ويمكن التعامل معها واستثمارها، ولعل الأعراض السالبة هي التي تجعل عالم الأصحاء يتمادى في عزل المريض ونسيانه أو تجاهله حتى يقضى عليه إنسانيا تماما.
مواجهة الإعاقة في مريض الفصام تتطلب أولا التعرف على الجوانب السليمة والتركيز عليها ذلك أن كثيرين من مرضى الفصام يمكن التعامل معهم وإدراجهم في النسيج الاجتماعي بتفاعل إيجابي، وكثير من مرضى الفصام يظلون محتفظين بمهاراتهم الاجتماعية ومهاراتهم المهنية وبعضهم يتمتع بحس فني إبداعي، إن من واجبنا أن نقلل من فزعنا من الأعراض الظاهرة والتي تجعلنا نتخذ القرار شعوريا ولا شعوريا بعزل المريض وإبعاده عن دائرة وعينا وبالتالي إبعاده عن الحياة.
إذن من أهم الخطوات في مواجهة الإعاقة لدي مرضي الفصام هي أن ندركه بطريقة جديدة وصحيحة وأن نغير موقفنا منه Change of our perception and attitude، نقطة البدء في مواجهة الإعاقة هي أن نستدرجه للحظيرة الاجتماعية وأن يبقى نشطا بقدر المستطاع من خلال برنامج عملي ونشاط وفعل يومي شاملا كل نواحي الحياة من عمل وترفيه، ثم علينا أن نثتثمر إمكانياته الخاصة استثمارا خاصا ونسلط الضوء عليها، ثم علينا إبقاؤه في المجتمع في إطار حياته الطبيعية بقدر الإمكان والإقلال من فترة تواجده بالمستشفى، فالمستشفى تفصله عن المجتمع، ولذا فإن المصحات التقليدية كبيرة الحجم والتي يبقى فيها المريض لفترات طويلة تتنافى مع فكرة التأهيل الاجتماعي. كما يجب التركيز على أهل المريض من خلال زيادة معلوماتهم عن هذا المرض وتغيير إدراكهم ومواقفهم تجاه المريض ومتابعة علاجه والإسهام في البرنامج التأهيلي Family education
وليس ضروريا أن نتعرض لكل جوانب التأهيل والحد من إعاقة المريض ولكن يكفي أن نتعرض للخطوط الرئيسية والتي تتضمن تغيير النظرة وتغيير الموقف ومحاربة عزلة المريض والتعامل مع الأجزاء السليمة ومواجهة الأعراض سواء بالعلاج الكيميائي أو العلاج التأهيلي. ولقد حدث طفرة كبيرة في علاج مرض الفصام بالرغم من أن العقاقير التقليدية المتداولة منذ أربعين سنة كانت فعالة في مواجهة الأعراض الموجبة النشطة كالهلاوس والضلالات، ولكنها كانت عاجزة إلى حد كبير عن علاج الأعراض السالبة والتي تمثل الخطورة الحقيقية حيث تجسد الإعاقة الإنسانية في هذا المرض وهي العزلة والتدهور الاجتماعي.
* وختاما فإن فلسفة مواجه الإعاقة بكل صورها الجسدية والنفسية والروحية لا تكمن في إلغاء الإعاقة أو تقليل حجمها وإنما تكمن في كيف نجعل المريض سعيدا متوافقا منتجا فعالا متفاعلا، أما بالنسبة لمريض الفصام على وجه الخصوص فإن مواجهة الإعاقة تكمن في معالجة الأعراض السالبة والكشف عن إيجابيات المريض وإبقائه في نطاق ومجال أبصارنا وفي أحضاننا ليظل محتفظا بإنسانيته.
واقرأ أيضاً:
مقالات عن الفصام والوهام / الفصام والوهام Schizophrenias & delusions