دأب الرجال المصريون على التفاخر بفحولتهم وادعاء أنها خاصة ولها شهرة عالمية لم تخل أحاديثهم من حوار حول الجنس والمرأة والقوة البالغة. انتقلت أحاديثهمـ للأسف ـ عن (الضعف)، (العطل)، (عدم القدرة)، (الفشل)، (القصور)، (الفتور)، (خفوت الرغبة) وما إلى ذلك من مترادفات تصب في مجرى المشكلة الجنسية، ولم يعد الرجال يخجلون من الوقوف في الصيدليات أو دكاكين بيع الأعشاب يطلبون الحبة الزرقاء والخرزة الزرقاء الدهانات والكريمات وما إليه.
وأصبحت الشكوى شبه عامة وامتدت لتشمل شباباً في العشرينات، متزوجون حديثاً يشكون من اضطراب شديد في العلاقة الجنسية.
وفي المؤتمر السنوي التاسع والثلاثون لجراحي المسالك البولية الذي نظمته الجمعية المصرية لأطباء المسالك البولية قدم د. إسماعيل خلف نتائج دراسة علمية جادة (روعيت فيها كل ضوابط البحث وجاءت النتيجة أن (50%) من عينة البحث (خمسة آلاف رجل مصري من تخطوا سن الأربعين من المتزوجين المترددين على المستشفيات) يعانون من اضطراب جنسي في صورة (فشل، عجز، عطل).
لكن هذا لا يعني أن (50%) من المصريين يعانون من العجز الجنسي كما ذكرت بعض الصحف وإنما يعني أن هناك مؤشراً خطيراً للمسألة والمسألة أيضاً ليست لها دعوة (بالرجولة الضائعة) لأن كل ذكر ليس بالضرورة أن يكون رجلاً ومع أهمية الأسباب العضوية التي قد تكون وراء هذه الظاهرة مثل تضخم البروستاتا الذي يرتفع عند المصريين بعد سن الستين وأن (35%) من المصابين به يعانون من الضعف الجنسي، كذلك فإن مصر تعد من أكثر بلدان العالم من حيث انتشار سرطان المثانة بين مواطنيها .
كما أكد د. مجدي العقاد أستاذ المسالك البولية ونائب رئيس جامعة أسيوط، بجانب البلهارسيا، تلوث الماء والهواء والمبيدات المسرطنة والتدخين كما أشارت أوراق المؤتمر إلى أمراض أخرى مثل ارتفاع ضغط الدم، قصور الدورة الدموية، ارتفاع نسبة الكولسترول في الدم، اضطراب الهرمونات وأمراض السكر والقلب.
كل ذلك مهم لكن ضغوط الحياة المتزايدة على الرجل المصري ولجوئه إلى الجهات الخطأ للتداوي (عمل) و (ربط) وهي في أساسها ومحتواها نفسية بحتة مثل حالة رجل في منتصف العشرينات لم يتمكن من الدخول بزوجته، وأصبحت ليلة الزفاف كما قال (أسود ليلة في العمر)، يقول (فوجئت بأنني بعد ما تملكتني الشهوة وأحسست بالانتصاب ما أن خلعت ملابسي واقتربت منها حتى (هرب مني الانتصاب هروباً) ـ طار ـ الدم انسحب من نصفي التحتاني ـ رحت لدجال أيوه دجال واثنين قالوا لي "إنت مربوط" كتب أحدهم على بيضة مسلوقة كلام غير مفهوم بحبر زي الدم وقرأ عليها تعاويذ، وطلب مني آكلها بالنصف مع زوجتي، لكن ماحصلش حاجة؛
وفي اليوم التالي جاء نفس (الشيخ) وبنفس القلم والحبر كتب في ورقتين وضعهما في ماء ساخن وطلب مني الوقوف فيها، لكن لم يحدث شيء، تضاعفت جهود أهلي وأهلها وأحضروا لي شيخاً يعالج بالقرآن، قرأ في وجهي حوالي نصف ساعة ثم أمرني أن أدر وجهي واستمر في القراءة ثم كتب على فخذي آيات من القرآن وأيضاً على كف يدي اليمني وطلب مني ألاّ أصافح أحداً حتى أجامع زوجتي، وأعطاني حجابين أضعهما في غرفة نوم المعاشرة، لكن لم يحدث شيء يسترسل الشاب المتزوج حديثاً في قصته التي حكاها؛
ونشرها على الانترنت (أنه أصعب موقف واجهته في حياتي، شعرت فيه بالذلة، والإهانة، وانعكس ذلك على معاملتي لأهلي وأهل زوجتي وعلى معاملتهم لي، شردت ذهنياً لم أخرج من المنزل، تفاديت نظرات الآخرين، أحسست أن كلهم يعرفون، لكن أشد ما آلمني كان إحساسي بزوجتي التي تنتظر فض غشاء بكارتها (حتى تثبت لأهلها أنها عذراء).
لم يدر بخلد هذا الشاب المتزوج حديثاً أن المشكلة نفسية(عيب إزايّ هو كان مجنون يعني).
إذن ما هي الأسباب المباشرة للاضطرابات الجنسيـــــــة.
نعني بالاضطراب الجنسي تلك التي تحدث في التو وهنا، أي في الزمن الحاضر وتؤثر سلبيا على ردود الفعل الجنسيه الطبيعية التي تمثل في مجموعها السلوك الجنسي. ردود الفعل هذه يتحكم فيها الجهاز العصبى الذاتي Autonomic Nervous System الذي تحمل بدقه وانتظام (إذا ما ترك وشأنه) أي إذا لم تعوقه عوامل واعية يتحكم فيها الإنسان بمعنى آخر كي يقوم الإنسان بوظيفته الجنسية طبيعيا عليه ألا يسيطر بالعقل الواعي وعلية أن يبتعد قدر الإمكان عن الجو المحيط به وان ينغمس إلى درجة كبيرة في الاستمتاع بالوظيفة الجنسية الطبيعية.
باختصار، تكون الأسباب المباشرة للعجز الجنسي -أو العطل الجنسي- إن صَحَ التعبير في البيئة المحيطة عندما تعادى الزوجين جنسيا وتحطم رغبة أحدهما أو كلاهما، وحل هذا سهل وممكن في يد كل من الزوجين إذا توفرت لديهما الثقة المتبادلة والصراحة المطلقة.
وبصرف النظر عن التعليمات السابقة فان ثمة مصادر للتوتر والقلق والحيل الدفاعية ضد التمتع الجنس والصعوبات التي تحول دون الأداء الجنسي تتلخص في:
1. تجنب الزوجين للجنس كنتيجة للفشل.
2. الخوف من الفشل الناجم أساسا من الضغط للأداء مما يؤدي إلى نتائج عكسية عند كل من الرجل والمرأة، والتوتر الزائد عن الحد والإمتاع وإسعاد الطرف الآخر يرتبط بالخوف من الرفض أو النبذ من الطرف الأخر مما يشكل عقدة مركبة تمكن وراء العجز الجنسي.
3. الرغبة في إقامة معوقات فكرية ضد الاستمتاع الطبيعي بالجنس.
4. الرغبة في إقامة معوقات ذهنية وفكرية ضد الاستمتاع الطبيعي بالجنس.
5. أية أحاسيس بالذنب ودون دفاع غير منطقي عن رغبات خالصة ومشاعر عادية.
أما عن الفشل من التلاقي الجنسي الناجح والطبيعي فيقول البعض مازحا أن الجنس ما هو إلا مجرد احتكاك وخيال؟ لكن في الحقيقة أن نقصان أحد هاذين العاملين (الاحتكاك والخيال) يؤدي إلى مشكلات كبيرة ويتضح ذلك من خلال الحالات التي تعاود الأطباء أن كثيرا منهم يمارس الجنس بشكل غير فعال وغير مؤثر.
وفي حالات أخرى أيضا تكون قلة المعلومات أو بالأصح - الجهل- بالأمور الجنسية وراء الفشل نتيجة الإحساس المرضي بالذنب أو الصراع النفسي الداخلي الذي لا يدري به المريض رجلا كان أم امرأة.
العلاقات المدمرة بين الزوجين تؤكد على صحة القول القائل بان المرأة العنيفة الدائمة الشجار (تخصي) زوجها للذي يصبح ضحيتها ويكون أمامها (رجلا عاجزا جنسيا) وهكذا يكون العجز الجنسي وليد موقف انفعالي مؤلم لا يحدث إلا بقوة سوى الزوجة، وحتى لا نظلم المرأة على طول الخط نقول بان الزوجة المشبعة جنسيا وعاطفيا والتي يغمرها الإحساس الأمان تساعد الرجل العاجز وتشفيه حتى لو كانت وحشا قادرا على الإخصاء؟
نظرية التعلم Learning Theory تؤكد على أن التعلم الخطأ يؤثر على الإنسان سلبيا فالطفل الذي يخاف التحدث والتعبير عن أموره الجنسية هو نفس الزوج التعيس الذي يتعلم كيف تحطم الصراعات الزوجية حياته الجنسية، وهناك بعض الحالات الخاصة جدا من الخوف المرضي (الفوبيا) قد تعتري الرجل من أعضاء المرأة التناسلية مثلاً.
أما العوامل وأسباب مباشرة فكلها تعمل في حيز اللحظة،في المكان والزمان الحاليين مثل: الخوف من الفشل في ممارسه الجنس الإلحاح والضغط من اجل الجنس مع قدره الرجل على تلبيه المطالب الجنسية للمرأه بسبب خوفه وإحساسه بالذنب وصراعه النفسي الداخلي، كل هذه العوامل قاطبة تمنعه من الإخلاص للفعل الجنسي وأدائه بشكل وظيفي طبيعي.
فالخوف من الفشل الجنسي يرتبط به الخوف من انفصال الزوجة أو خيانتها بأي شكل من الأشكال وتحت أي ظرف. في أحيان كثيرة لا يمكن إهمالها تكون المر أه العصرية التي تقرأ وتسمع وتشاهد عن الجنس-ربما أكثر مما يعرف الرجل- تكون لها توقعاتها الجنسية وأحلامها وطلباتها التي لا يتمكن الرجل من تلبيتها سببا في توقعه وخوفه وعجزه الجنسي لهذا نقول أن الجنس الصحي والصحيح هو الذي يكون ويتكون ويمارس بحريه وتلقائية تلقائية هذا لأن الإثارة والاستثارة الجنسية عند الرجل والمرأه هي عواطف وانفعالات تلقائية وطبيعية لا يمكن الأمر بها أو إنتاجها وقت الحاجة في حين أن الأمر والطلب يحدثان أثرا عكسيا على العلاقة الجنسية بالضبط مثل الأم التي تحاول أن تعلم طفلها التبول والتبرز بالقسوة والعنف فهي أم تجبر طفلها على أن يحرك أمعاءه ويخرج فضلاته، أن يقبض عضلات مثانته ويخرج بوله مما يربك ردود الفعل العصبية والعضلية ويؤدي إلى إمساك مزمن أو تبول لاإرادي مستمر.
لكل هذه الأسباب مجتمعه يحتاج الأمر إلى:
0 جو من الجنس الخالي من الاحتياج والأمر والنهي والطلب.
0 خفض درجه التوتر.
0 للاستمتاع بجسد الزوجة لا الرغبة في إثبات الرجولة.
0 التوقف عن تقييم الموقف الجنسي.
0 التركيز على المشاعر الجنسية لا على الأفكار.
ترى ما هي الحكمة في كل هذه الأقاويل وللإرشادات والملاحظات؟.
من الممكن أن يتحكم الإنسان إلى حد كبير في عضلات يده وأصابعه، كما يمكنه أيضا التحكم في كلامه وحركة لسانه... لكنه إلى حد كبير لا يمكنه التحكم في درجه انتصابه وشهوته الجنسية فإذا رغب الرجل زوجته وسعى إليها وسعت إليه لتحقق بينهما لقاء جنسي ناجح بينما لو طلبت هي منه اللقاء وهو غير مهتم ومهموم ومنشغل لأسقط في يده، وجزع وخاف وعجز جنسيا لأنها أشياء لا تطلب ولا تأمر فتطاع ولا يخرجها الساحر من جيبه عند الضرورة.
يهمنا أيضا أن نركز على أسباب العجز الجنسي عند الرجل في عدم قدرته على اللقاء العاطفي وانشغاله بأكثر من أم ( يكاد يكون هذا السبب قاسما مشتركا في كل حالات عدم القدرة على الانتصاب عند الرجال)،
لهذا فان ملاحظة الرجل لنفسه، الوساوس والهواجس، القلق الشديد على متعة زوجته وحالتها، الانشغال الحاد بمدى كفاءته وقدرته: تقود إلى الفشل الجنسي الذريع، وتشكل مجموعه عومل تتداخل مع حرية الانفعال الجنسي والإخلاص له دون أي تدخل.
اقرأ أيضاً:
عفة اللسان ونظافته، ضرورة حضارية / المصريون وبانوراما النفس والجسد(2) / السيكودراما الحديثة في القاهرة