أود بإذن الله سبحانه وتعالى أن أشرككم معي في بعض ما قرأت وما استوعبته من هذه القراءات ثم لخصته وكتبته آملا من الله تعالى أن تستفيدوا منه وأن ينتفع به أحدكم فأحوز على الثواب بفضل الله.
بسم الله الرحمن الرحيم
يقول الله تعالى:" إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ "{الرعد: 11}، ليس هناك أحد منا إلا ويرغب في التغيير فإما لمجد دنيوي وإما لمجد الدارين معا " رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ"(البقرة : 201).
إذا فالتغيير مطلب جماعي ولكن السؤال هو كيف نتغير؟ إن للتغيير ثلاثة أضلع:
1- الإيمان بالقدرة على التغير.
2- أن التغير ليس سهلاً بل هو شاق وصعب.
3- أن هذه المشقة وهذه الصعاب لن تذهب سدى ولكنك ستؤجر عليها إن شاء الله.
ولكن كيف السبيل إلى هذا؟ إنها الإرادة، الإرادة هي كلمة السر، هي العصا السحرية التي توجد بداخل كل واحد منا، ولكن هناك من يشحذها ويقويها وهناك من يقتلها ويميتها.
أول طرق الإرادة هو الهدف، ضع لنفسك هدفًا ترغب في تحقيقه، في أن تمتلكه وثابر واصبر وصابر وجاهد لتحقيقه، يقول أديسون صاحب الألف اختراع: "كثير من حالات الفشل في الحياة كانت لأشخاص لم يدركوا كم كانوا قريبين من النجاح عندما أقدموا على الاستسلام".
ويقول الله عز وجل وله القول والمثل الأعلى:"ولم نجد له عزمًا"، فبالإرادة وحدها تحيا الأمم وتزدهر بالإرادة ويعيش الإنسان حياة كريمة طيبة.
انظر حولك اقرأ في التاريخ في سير العظماء، تجد الإرادة كلمة ساطعة مضيئة أضاءت لهم الطريق. ها هو المهاتما غاندي صبر على المحتل ودعا إلى الاكتفاء الذاتي فكان لا يأكل ولا يشرب إلا من عنزته ولا يلبس إلا ما يغزله نوله، وماذا كانت عقيدة غاندي؟ إنها البوذية الوثنية ولكنه آمن بها وأراد أن يعيش حرًا طليقًا فكان له ما أراد بفضل إرادته.
يقول غاندي: "كن أنت التغيير الذي تريد أن تراه في هذا العالم".
وهذا نيلسون مانديلا أول رئيس جمهورية لأكبر بلد أفريقي بعد أن سجن 20 عاما ناضل قبلها وخلالها وبعدها ضد العنصرية وضد المحتل ضد التسلط والتجبر فنالت البلاد استقلالها وحريتها.يقول نيلسون: "لا يسلب السجن حرية الإنسان فحسب، بل يحاول أن ينتزع منه إنسانيته فكل واحد من السجناء يرتدي ملابس من الطابع ذاته، ويأكل الطعام نفسه ويتبع الجدول نفسه من العمل والروتين، إضافة إلى كبت الحرية، فالسجن نظام استبدادي قهري لا يقبل الاستقلال أو تميز الشخصية، وعلى المناضل بحكم أنه مناضل وبحكم أنه إنسان أن يقاوم طغيان السجن وأن يحول دون أن تسلب منه تلك الخصائص".
وهذا الشيخ أحمد يس -رحمة الله عليه- رغم عجزه فإن إرادته لم تسمح لهذا العجز أن يتجاوز جسده ويتوغل إلى نفسه فأسس حركة حماس، هذه الإرادة التي لم يهزمها نفي أو سجن أو تعذيب فلم يجدوا إلا أن يخمدوا وهجها بثلاثة صواريخ موجهة.
هذا على المستوى النضالي والسياسي، أما على المستوى الأدبي والعلمي، انظر لترى هلين كيلر فتاة صماء بكماء عمياء تتحدى إعاقتها وتصبح أديبة وكاتبة ومحاضرة، أديسون طفل اتهم بالغباء وأصيب بالصمم تحدى نفسه فاكتشف الكهرباء وأنتج المصباح الكهربائي -في يوم وفاته قام عمدة لندن بإطفاء جميع المصابيح الكهربائية لمدة دقيقة عرفانًا له بالجميل-، بيتهوفن عزف أعظم سمفونياته وهو أصم.
انظر إلى هؤلاء جميعا ماذا جمعهم؟
1-الهدف ووضوحه
2-الإرادة القوية لتحقيقه
3 -العلم بالطريق الذي سيسلكه.
"لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ"(الأحزاب:21):
هاهو رسول الله صلى الله عليه وسلم يولد يتيمًا، ويبدأوحيدًا، رمي بالحجارة، قتل سبعين من أصحابه، قتل عمّه، عذّب صحبه، أوذي في زوجته، ولكنه صلى الله عليه وسلم كان قوي الإرادة صادق العزيمة واضح الهدف والرؤيا كان هدفه الجنة.
قلنا في معرض الحديث أن هناك من يشحذ الإرادة وهناك من يميتها ولكن كيف هذا؟هذا ما سنتحدث عنه في المرة القادمة -إن شاء الله-.
ولكن كي لا ننسى أو نفرط فهدفنا هو الله ومن ثم الجنة -تخيل جبل على قمته الجنة- ومهما كان الطريق شاقًا إلى القمة فليس حد الوصول هو الإرادة ولكن الإرادة هي عندما تسقط وتتعثر وحتمًا لابد أن تتعثر هل تستطيع أن تجبر كسرك وتحاول مرة أخرى وتبدأ في الصعود من جديد أم "ولم نجد له عزمًا".
- قالوا: لابد للعطر كي يفوح أن يسحق، وللبخور أن يحرق..
- وقلت نعم فهم رجال ونحن أيضًا رجال للعصير الحلو أن يعصر ثمره ويضاف عليه السكر ويقلب بالملعقة، فاعصر نفسك جهدًا وجعل سكرك علمًا وملعقتك التي تجعل من هذا وذاك مزيجًا متناسقًا الإيمان
واقرأ أيضاً:
أخطاء الفكر وخطايا الفعل مشاركة