أنواع النقص العقلي من حيث أسبابها
أولا: النقص العقلي الأولي:
وهو النقص الذي لا يوجد له سبب ظاهر في البيئة وتختلف درجاته باختلاف أنواعه، وقد يصاحبه تغيرات عضوية مميزة في المخ أو تغيرات أخرى في سائر الأعضاء وأحياناً في التمثيل الغذائي، وصفات خاصة من ناحية طرق الوراثة ومدى النقص العقلي الموجود مما جعل تصنيفه إلى أمراض محددة مثل مرض التليف التدرني Tuberous . Sclecorosis ومرض عمى البله العائلي Amaurotic Family Idiocy .
ثانيا: النقص الثانوي:
وهو النقص الذي يحدث نتيجة لسبب ظاهر، ويمكن تصنيفه إلى ما يلي:
1- نقص العقل نتيجة للإصابات: ويمثل نسبة 5% من كل حالات نقص العقل، ويمكن أن يتضمن الإصابة أثناء ولادة عسرة أو مبكرة Premature أو عاجلة Precipitate ، وقد تكون الإصابة كسر أو كدم أو تهتك في المخ أو نزيف للجمجمة.
2- نقص العقل نتيجة للالتهابات: ويمثل نسبة 11% من كل حالات نقص العقل، وأهم أنواع الالتهابات المسئولة هي الالتهابات المخية والسحائية والزهري، وقد يصحب هذه الالتهابات أعراض الاستسقاء .
3- نقص العقل نتيجة الضمور، ويمثل نسبة 3% من كل حالات نقص العقل، ويمكن أن يحدث نتيجة خلل في تمثيل النحاس كما في مرض ولسون Wilson's Disease أو نتيجة للصرع.
4- نقص العقل نتيجة لنقص لوازم أخرى ضرورية لنمو العقل، وتكون هذه الضروريات عضوية مثل هورمون الثيروكسين الذي ينتج عن نقصه حالات الكثم، كما تكون هذه الضرورة نفسية اجتماعية نتيجة للعزلة وسوء التربية الذي يحدث في بعض مؤسسات الأحداث مثلا حيث يعجز أغلب الأطفال عن الكلام نظراً لعزلتهم وافتقارهم إلي الفرص التي تسنح لهم بتعلمه.
وأحياناً ما يترتب نقص العقل على ذهان مبكر يخل تماماً بانتظام وظيفة المخ.
علاقة هذا التقسيم بدليل التشخيصات المصرية
فضلنا الاحتفاظ بتقسيم هذا الفصل مثلما كان في الطبعة الأولى رغم اختلافه عن الدليل المصري (الذي أخذ عن الدليل العالمي IGB 8 هذا التقسيم بنص حروفه تقريباً) وذلك:
أولاً: لأن اقترابنا من الموضوع هو إكلينيكي أساساً، ولم نجد في التقسيم الجديد - المعتمد أساساً على معامل الذكاء - ما يتفق مع ترجيح كفة الحكم الإكلينيكي .
ثانياً: لأن هناك بضعة نقط اختلاف مع هذا التقسيم ومن ذلك:
1- ذكر التقسيم المصري (وهو نفسه العالمي) في تعريفه تأخر العقل Mental Retardation ورمز صفر 1 أنه خلل في:
(أ) التعلم أو التكيف الاجتماعي.
(ب) النضج (الجسمي أو العاطفي).
أو (ج) الاثنين معاً.
وبملاحظة استعماله حرف (أو) نجد أنه فتح باباً قد يجعل البعض يدرج بعض أنواع اضطرابات الشخصية أو نقص النمو الجسمي فيه. ولكنه عاد فأصلح من هذا التعميم حين ذكر أن التشخيص يبنى على:
1- معامل الذكاء الذي ينبغي أن يساعد فقط مع الحكم الإكلينيكي .
2- تقييم تاريخ النمو للمريض .
3- تقييم الوظائف الحالية للمريض ويشمل:
(أ) التحصيل الأكاديمي والمهني.
(ب) المهارات اليدوية.
(ج) النضج العاطفي والاجتماعي.
وهذا تفصيل جيد إلا أنه كان خليقاً أن يعدل التعريف السابق، ولكن إصراره على اعتبار عدم النضج العاطفي والاجتماعي من مقومات تشخيص نقص العقل كعامل أساسي وليس ثانوياً لنقص الذكاء يجعلنا أن نقف موقف الحذر من احتمال الخلط كما ذكرنا.
2- أن هذا التقسيم رغم هذه المواصفات السابقة وضع ترتيب درجات التأخر العقلي بناء على معامل الذكاء وحده: حيث قسمه إلى خمس درجات:
صفر 1 / صفر حالات التأخر البين بين ومعامل ذكائها68.83%
صفر 1 / 1 صفر حالات التأخر البسيطة ومعامل ذكائها 52.67%
صفر 1 / 2 حالات التأخر المتوسطة ومعامل ذكائها 36.51%
صفر 1 / 3 حالات التأخر الشديدة ومعامل ذكائها 20.35%
صفر 1 / 4 حالات التأخر القصوى ومعامل ذكائها أقل من 20%
صفر 1 / 5 حالات التأخر غير المميز .
وقصر هذا النوع الأخير على الحالات التي لا يمكن تقييم ذكائها على وجه التحديد رغم أن النقص العقلي فيها يكون بادياً تماماً.
وهكذا نرى بعض التناقض بين التقسيم، ومقومات الحكم الإكلينيكي، وقد تعذر تبنى هذا التقسيم وفضلنا ذكره هكذا لارتباطه أساساً بالتقسيم العالمي، وعدم جرأتنا حالياً على التعارض معه في الوقت الذي لم تستقر فيه مقاييس الذكاء في مصر أو تقنن بالدرجة التي يمكن الاعتماد عليها (وقد أشار الدليل العالمي إلى أن نسب معامل الذكاء المذكورة مبنية على الصورة المراجعة لمقياس ستانفورد بينه صورة ل، م وقد ترجمت إلى العربية ولكنها لم تقنن تقنيناً نهائياً رغم المحاولات المستمرة).
وبغرض الاستكمال فقد ذكر التقسيم المصري بالنسبة للأسباب تصنيفاً مساعداً كما يلي (وهو معدل تعديلاً طفيفاً عن التقسيم العالمي أيضاً) وهو الحرف الرابع في الرمز: أي بعد تصنيف التأخر ودرجته، ويضاف رمز رابع على أي صنف ويشير هذا الرمز الرابع إلى سبب النقص العقلي كما يلي:
الرمز الرابع:
صفر: الناتج عن الالتهابات والتسمم .
1: الناتج عن الإصابات أو العوامل الطبيعية .
2: المصاحب لاضطرابات التمثيل الغذائي والغدد الصماء والتشوهات الخلقية في المخ .
3: المصاحب بأمراض المخ الجسيمة (بعد الولادة) .
4: المصاحب بالتشوهات الخلقية والمخية قبل الولادة .
5: المصاحب بالخلل الكرموزي (الصبغي)
6:المصاحب للولادة المبكرة (الطفل المبتسر)
7: الذي يعقب الاضطرابات النفسية الجسيمة .
8: المصاحب بالحرمان النفسي الاجتماعي (البيئي)
9: المصاحب لحالات أخرى غير المذكورة: مثال الصرع .
ولنا هنا ملاحظات أخرى ليس هنا مجال ذكرها ومناقشتها تفصيلاً:
مثل تكرار التشوهات الخلقية في المخ في أكثر من فئة، ومثل أن تكون اضطرابات التمثيل الغذائي والغدد الصماء في نفس الفئة (جزئياً) مع التشوهات الخلقية للمخ... الخ.
العلاج:
يتلخص علاج نقص العقل فيما يلي:
1- العلاج الوقائي: ويتم بتعقيم بعض ناقصي العقول ممن يحملون صبغيات طاغية والحد من الزواج والإنجاب للباقي، وتجنب التهابات المخ والإصابات لاسيما في سن الطفولة، والعمل على اجتناب العزلة النفسية التي ينتج عنها الافتقار إلى مثيرات البيئة .
2- العلاج العضوي: ويشمل العلاج بالوسائل الطبية دون تدخل جراحي مثل الاهتمام بالتغذية الكافية الغنية، ومحاولة علاج أي خلل في أعضاء الإحساس المختلفة لا سيما السمع والبصر - ويشمل أيضاً محاولات إزالة سبب النقص إن أمكن (مثل إعطاء هورمون الثيروكسين في حالات الكثم) كما يشمل العلاج الجراحي الذي قد يتجه إلى علاج الاستسقاء الرأسي أو الالتحام المبكر لعظام الجمجمة وأخيراً شق الفص الأمامي في الحالات المصحوبة بتهيج مزمن شديد.
3- العلاج التدريبي والتعليمي: ويهدف هذا العلاج إلى المحافظة على ما بقي من مواهب، وتنمية الميول الاجتماعية والأخلاقية، وتهذيب أي نزعة مضادة للمجتمع، وإتاحة الفرصة للمريض -إن أمكن - أن يقوم بعمل ما.
هذا وينبغي أن يبدأ التدريب منذ سن مبكرة، وأن يستعمل فيه كل مثيرات الانتباه من أضواء وألوان وموسيقى وغيرها، ومن المستحسن أن تضعه في مؤسسة خاصة إذا كان المنزل غير لائق لهذا التدريب.
الموجز
النقص العقلي
الذكاء: هو القدرة على التعلم والاستفادة من الخبرات السابقة وهو يشمل الاستنباط والعلاقات وبعد النظر.
النقص العقلي: هو حالة من توقف نضج العقل قبل سن الثامنة عشر، وينشأ من عوامل وراثية أو مكتسبة، وتكون الأخيرة إما نتيجة مرض أو إصابة، وتبلغ نسبة نقص العقل في أي مجتمع ثمانية في الألف، أي أنها تبلغ في الجمهورية العربية المتحدة حوالي ربع مليون نسمة.
الأسباب:
إذا لم يوجد سبب ظاهر في البيئة سمى النقص العقلي أولياً، إما إذا وجد سبب ظاهر كالحمى أو الإصابات فإنه يعتبر ثانوياً، وأهم الأسباب هي:
1- الوراثة: وتمثل عاملا مهما لاسيما في نقص العقل الأولي، وتختلف طريقة الوراثة حسب درجة نقص العقل.
2- العوامل البيئية:
1- قبل الولادة: مثل إصابة الأم بالحمى أو التعرض للأشعة السينية.
2- عند الولادة: مثل الولادة العسرة واختناق الوليد.
3- بعد الولادة: مثل الإصابات والالتهابات وسوء التغذية.
درجات نقص العقل:
وترتيبها من الأسوأ إلى الأحسن كالتالي:
1- البله: هو أشد درجات النقص العقلي نسبته 0.03% ، ويتصف المريض الأبله بأنه لا يستطيع تجنب الأخطار العادية فيضع يديه في النار مثلاً، ولا يمكن تعليمه أي شئ حتى الاعتناء بالنظافة الشخصية، وتكثر فيه التشوهات الخلقية ولا يتعدى عمره العقلي سنتين.
2- الأفن: وهو الدرجة التالية للنقص العقلي، ونسبته أربعة أضعاف البله من السكان، ويتميز المأفون بأنه يستطيع تجنب الأخطار العادية ولكنه لا يستطيع التعلم وإن كان يمكن أن يزاول عملاً تافهاً. كما يمكن تعليمه مبادئ النظافة والعادات العضوية كالتبول والتبرز، ويتراوح عمره العقلي بين ثلاثة وسبعة أعوام.
3- الحمق: وهو أحسن أنواع نقص العقل، ونسبته أربعة أضعاف المأفونين، ويمكن تعليم الأحمق الأعمال الرتيبة فيقوم بها دون إشراف، وهو يتعلم الكلام متأخراً عن سنه. كما يكون سهل الانقياد إلى تنفيذ الجرائم تحت تأثير مجرمين محترفين أذكياء.
العلاج:
1- العلاج الوقائي: ويتم بتعقيم بعض ناقصي العقول والحد من الإنجاب والزواج بين الباقين، وتجنب الالتهابات والإصابات لاسيما للأطفال.
2- العلاج العضوي:
(أ) بالوسائل الطبية: الاهتمام بالتغذية الكافية وعلاج أي خلل في الحواس، وعلاج سبب نقص العقل إن أمكن.
(ب) العلاج الجراحي: مثل علاج حالات الاستسقاء الرأسي.
3- العلاج التدريبي والتعليمي:ويهدف إلى تنمية ما بقى من مواهب، وتهذيب النزعات المضادة للمجتمع، وتدريب الدرجات العليا منه على بعض الأعمال الخفيفة.
نقلا عن موقع أ.د. يحيى الرخاوي (http://www.rakhawy.org) من كتاب مبادئ الأمراض النفسية
واقرأ أيضًا:
اختبارات الذكاء5 / الذكاء والطب النفسي / الذكاءات المتعددة / الحب أم الذكاء هو ما يحتاجه أبناؤنا؟؟