الدين الإسلامي أشمل الأديان السماوية وأكملها لم يكن ليغفل عن أحد أهم الجوانب في حياة الإنسان ألا وهو الجانب النفسي والذي هو أساس استقرار الإنسان ودافعه للإنتاج والحياة الطبيعية السليمة.. لقد برز شمول الدين الإسلامي في هذا الجانب بالذات وأيمانا منا بتميز الأسلوب الإسلامي في معالجة كافة الجوانب الإنسانية فقد أولينا الجهد في سبيل التمعن في أسلوب الدين الإسلامي الحنيف هذا الدين الإلهي العظيم في كافة تشريعاته وأسسه وتعاملاته.
وحاولنا فهم طريقة التأثيرات الإيجابية المباشرة وغير المباشرة لها على الصحة النفسية كدراسة شعيرة الصلاة العظيمة كأحد أهم أركان الإسلام وعماد الدين كل ذلك في سبيل الاستفادة القصوى من هذه المعرفة في مجال العلاج مما أدى إلى ظهور نوع جديد من أساليب العلاج ألا وهو العلاج الجماعي النفسي الإسلامي وهو قديم قدم الإسلام واستمرارا لمعجزات هذا الدين الحنيف حيث أثبت هذا الأسلوب قدرته الفائقة غير المسبوقة على علاج العديد من المشكلات النفسية بكفاءة غير مسبوقة في التاريخ العلمي الحديث، إن الإسلام هو الدين والشعائر ونظام الحياة فالإسلام هو الدين والدنيا فلا إله إلا الله محمد رسول الله عليه وعلى آله وصحبه أفضل الصلاة وأتم التسليم. وسوف نستعرض فيما يلي أهم الخطوط العريضة في هذا الأسلوب للتعريف بهذا الأسلوب المتميز بشكل شامل...
تعريف العلاج الجماعي الإسلامي النفسي:
العلاج الجماعي النفسي الإسلامي هو ذلك النوع من العلاج الديني الذي يربط الإنسان بربه (المستوى الرأسي) بالإضافة إلى ربطه بمجتمعه وبالمحيطين به (المستوى الأفقي) وهو بهذه الطريقة يملأ الفراغ الروحي في الإنسان في الوقت الذي يعمل فيه على ملء الجانب الاجتماعي أيضا في سبيل الاتزان الروحي والاجتماعي والاستقرار النفسي في نهاية المطاف..
مكان العلاج الجماعي النفسي الإسلامي:
المكان الذي اختير لهذا النوع من العلاج هو (بيت الله) المسجد هذا المكان الذي كان منذ فجر الإسلام مركزا لكافة النشاطات الاجتماعية والروحية والعلمية والرياضية وحتى العسكرية ولم يكن مقتصرا على الصلاة كما هو الحال الآن.. إن أسلوب العلاج الجماعي النفسي الإسلامي يعيد إلى المسجد أحد أدواره الاجتماعية الهامة التي نفتقد إليها في عصرنا هذا ويا حبذا لو يتم السير على خطوات العلاج الجماعي الإسلامي في باقي النشاطات ليكون المسجد مكانها وليصبح المسجد كما كان أساس المجتمع الإسلامي.
الفريق العلاجي:
يتكون الفريق المعالج الذي يقوم بأداء هذا الأسلوب العلاجي من نفس الفريق العلاجي النفسي المتكامل والمكون من كل من الطبيب النفسي أخصائي الطب النفسي والباحث النفسي والمشرف الاجتماعي إضافة إلى المعالج الديني (سواء مجتمعين أو متفرقين حسب ما تقتضيه الحالة)
الوقت المستغرق والملامح الرئيسية:
يستغرق إجراء العلاج الجماعي النفسي الإسلامي ما يقارب الساعة والنصف وقد اختير الوقت من صلاة المغرب إلى صلاة العشاء وتبدأ الحالة أولا بشعور الشخص أن هذا النوع من العلاج يربطه بربه ونفسه ومجتمعه بمعنى أن هذا النوع من العلاج هو علاج نفسي تعبدي، لذلك لا بد وأن يشعر المريض بالخشوع وهو في بيت الله رافعا يده إلى السماء طالبا من الله تعالى المعونة – قال صلى الله عليه وسلم (أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك أو كما قال صلى الله عليه وسلم) وعليه فإن المريض يحضر نفسه لذلك بالوضوء وهو يشعر أن الضوء طهارة للجسد (حيث يتم غسل جميع الأعضاء المعرضة للتلوث) وطهارة النفس (وقد ثبت أن تخليل الماء ما بين الأصابع وتدليك الجسم بالماء للتأكد من وصول الماء إلى كل جزء أن ذلك يؤدي إلى الاسترخاء النفسي) والتخلص من الذنوب فهي تمحي وتتبدل إلى حسنات كما أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبذلك يقضي على الشعور بالذنب مما قد يكون قد اقترفته يداه وكل ابن آدم خطاء وخير الخطاءين التوابون، ثم تأدية صلاة المغرب مع الجماعة خلف المعالج الديني (قلب وضمير المجموعة).. ثم بعد تأدية الصلاة يتم الاستغفار والتسبيح والتحميد والتهليل والتكبير والدعاء وذلك يؤدي إلى تثبيت الشعور بالطمأنينة والخشوع..
ثم تبدأ الجلسة بأن يلقي المعالج الديني كلمة وذلك لإعطاء نبذة مختصرة عن السلوكيات التي علمها الرسول صلى الله عليه وسلم لأصحابه لتكون الطريق والقدوة للأمة جميعا ويكون هذا الموضوع هو محور المناقشة الجماعية والتي يجب أن يقوم بها الأعضاء عن طريق تفريغ الخبرات المؤلمة والمواقف التي أدت إلى الشعور بالمتاعب النفسية، ثم يتم التفاعل بين الأعضاء لتعديل السلوكيات الخاطئة والمفاهيم الخاطئة أيضا ويتدخل الفريق المعالج لتعديل بعض هذه المفاهيم لدى المجموعة في حالة الخطأ في المفهوم وذلك لأن الهدف من العلاج هو اكتساب الخبرة من الجماعة والتفاهم الجماعي لتحسين السلوكيات والقضاء على الانحرافات السلوكية وتدعيم الثقة بين العبد وربه وبينه وبين الجماعة مستفيدين أيضا مما أثبتته النظريات العلمية الحديثة فيما لا يتعارض مع عقيدتنا وعاداتنا ويستعمل لذلك الألعاب النفسية والسيكودرامية وغيرها من الوسائل النفسية الحديثة.. وقد التحق بهذه الجلسات العشرات من المراجعين ممن يعانون من بعض الاضطرابات النفسية والسلوكية فضلا عن الشخص الصحيح الذي يرغب في الاستفادة وتحقيق بعض أو كل أهداف هذه الأساليب التي نستعرضها كما يلي:
أهداف العلاج الجماعي النفسي الإسلامي:
- التخلص من الأعراض المرضية دون اللجوء إلى استعمال جرعات كبيرة من الأدوية النفسية.
- التعود على الحث والإيجابية داخل المجموعة وبالتالي في المجتمع الأكبر.
- لتسهيل التعرف على صداقات وزمالات جديدة.
- الاستمتاع باللقاءات الجماعية.
- التعبير عن الأفكار والمشاعر بسهولة وصدق وأمانة في جو من السماح والتقبل.
- التغلب على الشعور بالوحدة
- التحكم في مختلف الضغوط التي يمكن أن تثار عند التفاعل بالآخرين.
- استبدال الأفكار والمشاعر والسلوكيات السلبية الهدامة للفرد بأخرى إيجابية بناءة تحت وعي كامل منه ويتم ذلك على ثلاث مراحل:-
* زيادة بصيرة الشخص بعيوبه وحسناته من خلال رؤية المعالج وبقية أفراد المجموعة له وتعبيرها الصريح له بذلك.
* مساعدة الشخص على اتخاذ القرار بالتغيير للأفضل.
* مساعدته على تنفيذ قراره بالتغير عمليا داخل المجموعة وخارجها.
* الوصول إلى درجة عالية من التكيف الاجتماعي.
* معرفة الأهداف المرحلية والهدف الأكبر للشخص وإيضاح معنى وجوده في هذه الحياة وما بعدها..
* مواصلة النمو الشخصي مع زيادة وعي الإنسان بنفسه وبالكون وإطلاق طاقاته الكامنة..
* إحياء وتنشيط القيم الإسلامية في الشخصية وتكوين فكرة مركزية قائمة على هذه القيم تسمح بتماسك الشخصية ونموها المستمر بشكل صحي..
كان فيما سبق شرح موجز لأسلوب العلاج الجماعي الإسلامي وجدير بالذكر أن هذا الأسلوب قد حقق نتائج مبهرة ولاقي إقبالا كبيرا من المرضى الذين يعانون من بعض الاضطرابات النفسية والسلوكية فضلا عن الأشخاص السليمين الذين يرغبون في تطوير قدراتهم الاجتماعية أو التفاعل في المجتمع كما كان لهذا النوع من العلاج دور كبير في التخلص من الخجل الاجتماعي أو الإرهاب الجماعي وهو أحد أكبر المشكلات التي تواجه المجتمعات العربية والمجتمع الخليجي والسعودي على وجه الخصوص كل هذه النتائج المبهرة أدت إلى توسع دائرة هذا الأسلوب العلاجي الفريد كما تمت تجربة هذا الأسلوب في العديد من التشخيصات المرضية المختلفة كما تم استعمال هذا الأسلوب في علاج حالات الإدمان.. ونقف عند هذه التجربة الفريدة والتي لفتت انتباه العديد من الدارسين على المستوي الدولي مما يؤكد أهمية هذه التجربة الرائعة نتائج اثنتين من الدراسات التي أجريت.. الأولى بمستشفي الصحة النفسية بالطائف والتي كانت حول تطبيق الأسلوب العلاجي الجماعي النفسي في علاج مرضى الإدمان في حين أجرت الدراسة الثانية بمجمع الدكتور أسامة الراضي بالطائف والخاصة بتجربة أسلوب العلاج الجماعي على عدد من التشخيصات المرضية المختلفة الخاصة بأمراض الشخصية على وجه الخصوص.
نقلاً عن: http://www.elazayem.com/new_page_133.htm
واقرأ أيضًا:
الطب النفسي الإسلامي / وصمة المرض النفسي : ليست من عندنا! / قيمة العقل في الإسلام ! ماذا جرى؟ / سارة وأخواتها في المؤتمر، ما شاء الله