أقدمت تقدم لنا الشاي.. وبعد أن فرغت مما أسند إليها جلست معنا تتحدث.. كنت ساعتها في السنة الثانية من الدراسة.. ولكن الناس البسطاء يعتقدون أنه بمجرد دخول الكلية أصبح متاحا لهم الاستشارة!!!
لم تعطني الفرصة لأن أفهمها.. وشعرت بأنها تريد الشكوى فقط.. تركت لها المساحة للحديث والشكوى التي كنت معتقدة أنها شكوى عضوية.. ولكنها قالت: هأحكيلك عن بنتي.. فهي مطلقة عمرها 22 سنة وتعمل مساعدة عند ترزي– خياط– والمصيبة أنها تريد أن تتزوجه.. راجل كبير 55 سنة ويمكن أكثر.. ضحك عليها وأقنعها بالزواج.. وهي تقول: أنها تحبه ومصرة على الزواج منه.. وتهدد إذا لم تتزوجه برضايا ستتزوجه غصبا عني فهي ثيب..
قلت لها متى تزوجت سابقا ومتى طلقت ولماذا؟؟
قالت من سنتين.. تزوجت واحد معرفة وطلقت بعد ذلك ب6 أشهر.. والسبب.. ترددت.. أقول لك بقى ما أنت دكتورة!!!!
يوم الزفاف... أخفق... وبعدها انهال عليها ضربا وركلا ولطما حتى دمى جسدها.. وهي تصرخ وتصرخ لا تعرف تبريرا لما يفعله.. لم يسمح لنا بالزيارة يوم الصباحية.. وقال: أنا مش عايز إزعاج..
وقد حاول مرة ومرات أن يعاشرها فلم يفلح وفي كل مرة يكون نصيبها علقة سخنة.. !! بعد أسبوع لم يستطع أن يمنعني وأمه من زيارتهما.. فدخلت على البنية ووجدتها بحالتها تلك وقد امتلأ جسدها بالكدمات.. فلطمت وجهي وقلت له صارخة عملت في البت إيه؟؟ ولم تستطع أمه مجابهتي فقد كان كلامي طوفان..
قال لي: بنتك يا هانم مش بنت بنوت!!! ضحكتوا عليا وغشيتوني..
أخذت البنت إلى غرفتها.. وسألتها عما حدث.. قالت لي.. وتأكدت بنفسي!!
ثم قلت له: بنتي ملهاش عيشة معاك.. عايزها خذها من خالها..- وذلك لكونها يتيمة- الخلاصة.. أخذنا جولات بالصد والرد ثم طلقها بعد 6 شهور..
وانتابت البنية أيام وليالي رهيبة.. تصوري.. كانت تستيقظ في الليل وتمسك شبشبها وتفضل تضرب على الأرض وعندما أسألها بتعملي إيه؟؟ تقول أنها بتخلصنا من الصراصير!!.. والفئران.. وكانت تهذي بكلمات تدمي قلبي، فنصحني بعضهم بعرضها على الشيوخ وآخرون نصحوا بعرضها على طبيب أعصاب..!!
وفعلا ذهبت للكل.. وكان مشوار طويل ما يعلم بيه إلا ربنا..، وحولني طبيب الأعصاب لطبيب نفساني.. وبعد سنة ونصف من العلاج.. بقت زي الفل... الحمد لله..، وأتت صديقة لها بالعمل عند هذا الخياط في الأول علشان تنظف المكان وبعد كده علمها شغل الإبرة وخلافه.. ، وشهر والثاني عرض عليها الزواج.. قد أبوها يا بنتي..
هل يفرق معاك السن؟؟ وقد تزوجت من قبل الشاب وأذاقها العذاب..( سؤالي)
أحسب أن الكلام لن يفيد فقد أنضجت التجربة القاسية ابنتك.. وحسنا أنها لم تتكون عندها العقد والكلاكيع جراء ما أصابها.. نصحتها أنا وقريبتي أن تستجيب لابنتها وتبارك زواجها لأنها أدرى الناس بحاجات نفسها وجسدها.. هذا طالما لا يعيب الشخص طالب زواجها إلا السن.. ويستوفي القدر الأدنى من متطلباتكم..، وذكرتها.. أنه لا يمكنها أن تحول بينهما.. ولو فعلت إما ستتزوجه من دونكم أو أنها ستقع معه في محظور!!
الآن.. هذه السيدة الشابة متزوجة من صاحب العمل ولديها من الأطفال اثنان.. وكلما رأيتها.. رأيت الابتسامة على وجهها.. – ما شاء الله.. ولا قوة إلا بالله – وتحكي أمها عن زوجها الخياط ودماثة خلقه وحسن معشره ولين جانبه.. بارك الله لهما وعليهما..
والحمد لله الذي عافانا مما ابتلى به غيرنا وفضلنا على كثير من عباده تفضيلا..، وإن مع العسر يسرا.. صدق الله العظيم..
اقرأ أيضاً :
يوميات رحاب : النظارة حرام ..!!/ يوميات رحاب: القناعة كنز/ يوميات رحاب: ذهبت سعاد../ يوميات رحاب: في الفيوم