الحيل الدفاعية (4/6)
ولا زال الحديث متواصلاً عن الحيل الدفاعية التي يلجأ إليها العقل الباطن لتفادي الوقوع في براثن القلق:
حيلة الإنكار Denial
الإنكار شيء مريح جداً: فإزاء مشكلة تستلزم مواجهة وحلاً أمامك ثلاثة اختيارات:
الاختيار الأول حل المشكلة وهذا يتطلب جهداً ومجاهدة للنفس..... (ليس بي رغبة لبذل أي جهد!).
والاختيار الثاني ترك المشكلة كما هي وهذا ما يؤدي إلى القلق والتوتر....... (أعوذ بالله...!).
هنا يهمس العقل الباطن بالاختيار الثالث الذي يؤدي إلى الراااااااحة: اعتبر يا أخي أن المشكلة غير موجودة من الأساس...... وعش حياتك بعيداً عن أي مجهود وعن أي قلق....... نفس منطق النعامة التي تدفن رأسها في الرمال حين ترى العدو قادماً إليها كما لو كان العدو غير موجود فقط لمجرد أنها لا تراه.......
واحد صاحبنا معجب جداً بالنعام..... أخبره الطبيب أنه يعاني مرضاً يستلزم نظاماً معيناً في الطعام ونظاماً معيناً في الحياة...... سكريات لا...... مجهود بدني زائد لا....... علاقاتك الزوجية في حدود..... ماذا وإلا........!
عند ماذا وإلا هذه كان انزعاج صاحبنا قد بلغ مداه..... فأطل العقل الباطن في ثوب نعامة......
عندك يا دكتور –هكذا قال صاحبنا في نفسه– ما كل هذه القيود والتعليمات المزعجة........ أنا ليس بي أي مرض.. وأنتم يا معشر الأطباء لا تفقهون شيئاً... هوايتكم التضخيم والمبالغة من أجل لقمة العيش ليس إلا....
ورفع صاحبنا راية التحدي عالية خفاقة ليثبت لنفسه أنه سليم تماماً وبالتالي لا داعي لأي انزعاج:
سآكل ما أشتهي وسأمارس حياتي كما أشاء..... ألم يحذرني ذلك الطبيب من صعود السلالم؟...... سأثبت له (ولنفسي أولاً) أنني فل الفل........ تأخر المصعد؟... هيا يا أبا الشباب....!
كان رجلاً طيباً أبو الشباب هذا........
حيلة الإسقاط Projection
يقلق الإنسان وينزعج تماماً حين يدرك بينه وبين نفسه أن ثمة عيب ما موجود في شخصيته......: أناني مثلاً.... جعجاع وساعة الجد لا تجده..... يحب المال أكثر من أي شيء آخر.....
هنا يأتي دور العقل الباطن في الاحتيال على الإنسان..... يهمس هذا اللئيم بصوت أشبه بفحيح الثعبان:
لست وحدك........ كل الناس هكذا.... فلا تنزعج بالاً.........
تسمى هذه الحيلة بالإسقاط: أن يرى الإنسان عيوبه هو كما لو كانت موجودة في الآخرين....
ونحن نمارس الإسقاط كثيراً في حياتنا اليومية وفي علاقاتنا مع الآخرين:
نفسر تصرفاتهم كما لو كانوا نحن....!
نفسر تصرفاتهم من منطلق دوافعنا نحن إذا كنا في مكانهم....... لا من منطلق ذواتهم هم ودوافعهم هم...
فمثلاً –مثلاً يعني– هذا الأب دائم التحذير لابنته من الرجال لأنهم كلهم ذئاب إنما يكشف دون أن يدري أنه الذئب الأكبر.....
ويتبع........ الحيل الدفاعية (6/6)
واقرأ أيضاً:
صراع في الدماغ: الحيل الدفاعية/ الحيل الدفاعية (1/6)/ الحيل الدفاعية (2/6)/ الحيل الدفاعية (3/6)