• بحرا
لم أفزع وحتى أندهش بالمرة عندما تيقنت أنني لا أعرف كيف وصلت إلى هنا .. وبهذه الصورة .. !
جسدي ممدد في حالة استرخاء كامل بطول الزورق الجلدي الصغير الذي اكتشفت – في حلقة أولى من سلسلة اكتشافاتي الخطيرة – أنني وحدي فيه وأننا كلانا في عرض البحر .. هذا هو الواقع .. أخذت أكرر لنفسي هذه الكلمات وأنا لا أفهمها في الحقيقة .. كانت تبدو لي كرموز فقدت قيمتها كليا .. كان رأسي النتوء الوحيد فوق مستوى الزورق .. والبحر .. البحر هادئ ساكن كما لو كان زئبقا .. يا الله .. روعة .. أن تنظر إلى مالا نهاية من الزرقة في جميع الجهات .. وهواء ضبابي كثيف مشبع برائحة اليود النقية ينعش وجهك ورئتيك كل لحظة .. كان الزورق ينساب بلطف فوق سطح الماء القاتم الزرقة .. والسماء الشفافة الزرقة يفتر ثغرها عن الشمس حانية زرقاء .. هه .. ماذا قلت ؟ يا للهول .. الشمس زرقاء ! .. أجل .. إنها زرقاء .
إنساب إلى عقلي معنى خاص أزرق .. فنظرة إلى الزورق .. كان أزرقا .. وبهدوء تام رفعت كفي ونظرة إليه .. كان هادئ الزرقة .. وأغمضت عيني في نشوة .. وبكلمات لذيذة زرقاء همست: ((حسنا .. لقد صرت بحرا ..)).
• وابتلعه النهر
((بكلمة منه : أصبح الباطن ظاهرا ))
غرقت حتى الموت ، في الدهشة والفزع عندما جابهني ما حدث للمرة الأولى .. كان ينظر من النافذة ، ومؤخرته في مواجهتي و.. رأيته .. يثقب البنطال .. وينمو ببطء مطرد عند نهاية عاموده الفقري .. ينمو أكثر ويغزر شعره .. يرتاح على الأرض ، ويتلوى كما لو كان ثعبانا .. ثم يكتمل ويسكن مبادلا إياي التحديق ..
إنه .. أخذت أنظر إليه بذعر وأنا أرتجف بعنف .. ولم أكن أقوى على صنع شيء .. فهرعت خارجا من المكان .. كان علي أن أرضى بالأمر الواقع .. كانوا جميعا قد أصبحوا مثله يسيرون و.. يحتك بالأرض من خلفهم بقوة تثير الغبار وكأنه يثبت وجوده في كل لحظة .. آه .. رباه .. من خلفهم جميعا جميعا .. استلقيت على شاطئ النهر تفور بداخلي براكين عدة من الأسئلة والسخط المنذعر .. لماذا ؟ .. ولماذا الآن ؟ ثم ..وجميعهم ؟ .. ألا يشعرون ؟ .. ألا ؟ ..
وسكت فجأة .. وطرأت على رأسي فكرة من الجحيم .. ومددت يدي إلى مؤخرتي .. وابتلعني النهر ..
• يجري ويجري ويجري
آه .. رباه .. لن أصل أبدا في موعدي لقد قضي علي .. يجب أن أسرع .. يجب أن أجري وأجري وأجري .. ما هذه السيارة اللعينة .. آي .. لقد صدمتني .. لا يهم .. المهم أن أصل .. يجب أن أجري وأجري وأجري ..
وبينما هو يجري كان الناس الذين تجمعوا حوله يسعون جاهدين للحصول على نسخة من جريدة قديمة .. كي يغطوه بها ..
يا للبلهاء .. ألا يتركونه كي يلحق ميعاده .. ألا يتركونه كي يجري ويجري ويجري !
واقرأ أيضاً:
عِندَ السقوطْ !/ رسائلُ إلى ريم/ وجوهٌ شتي !!/ حَــيْـضٌ !/ بِـلالُ العِشقِ !/ مَعْـشوقَةُ الأحزانِ !!/ أعظَـمُ منْ حبٍّ !/ الرأسُ القُطْنِـيَّهْ !/ عفوا يا سيدتي!/ مبايعة/ ثـورَةُ العشرين !!