ها هي هند تقبل عليه.. يا له من حظ جميل هذا اليوم! جاءه صوت صديقه: من تلك القادمة إلينا يا عزيز؟ أجاب في زهو: بل قل تلك القادمة إليك؟ ألا ترى نظراتها الولهانة إليّ؟ ابتسامتها العريضة وهي ترد بحركات رشيقة خصلات شعرها الحريريّ عن عينيها؟
عند وصولها، سلمت على عزيز سلاما عصريا.. قبلة حارة على خده، ثم جرته بعيدا عن صديقه الذي وقف مشدوها.. عزيز الآن غارق في بحر لجّيّ من المشاعر.. رائحة الأنوثة العطرة تشق صدره شقا.. لم يدْر كيف حصل هذا؟ من أين كل هذا الحظ السعيد؟ ومع من؟ مع هند، تلك الطالبة الجميلة حبيبة كريم.. كريم ابن الباشا… ما هذا التنكر يا زمان؟
انتشلته من تأملاته قائلة في دلال:
- يجب أن نذهب إلى غرفتك، أنا متعبة ويجب أن أستريح قليلا.
تذكر أنه كان اكترى غرفة ضيقة للغاية مع صديقه بعيدا عن الجامعة بثمن مناسب.. أبناء الفقراء لا حظ لهم دائما في متع الحياة، خاصة عالم الفتيات وبحر الحب والهيام.. في الطريق كانت تلتصق به خاصة عندما يطلق مزحة جديدة، فتطلق هي ضحكة مدوية وهي تكاد تعانقه.. لم يشعر إلا وقد وصلا، كانت غرفة صغيرة فوق السطوح.. أيام الحر تكون كالجحيم، وأيام البرد تكون ثلاجة بامتياز.
فتح الباب الخشبي المتهرئ، لم يلبث أن سبقته هند فاستلقت على السرير القديم، بدأت تتجرد من ثيابها.. تغمزه في دهاء والابتسامة لا تفارق شفتيها.. تردد لحظة.. في حياته كلها لم يسبق له أن فاز بمثل هذه اللحظة، لعن الشيطان في قرارة نفسه ثم تجرد من ملابسه وهو لا يصدق إحدى أعاجيب الدنيا الثامنة هذه! ارتمى عليها.. طفق يمرّغ جسده الخشن في جسدها الأبيض ّ اللين.. كان في حركاته كغريق يضرب بكلتا يديه ورجليه، ثم.. ثم انتبه على صوت ارتطام جسم على الأرض، استيقظ من نومه مذعورا، جلس، جاءه صوت أمه من المطبخ:
- أشدكْـشّـي؟ أشْهرّسْـتي؟
فتح عينين ثقيلتين.. لقد ركل برجله المائدة.. قطـَع زجاج الكؤوس متناثرة. حضرت أمه على عجل، نظرت إليه في صمت قبل أن تنحني لجمع قطع الزجاج ثم قالت له:
- انهض يا ولدي.. أنت تسهر بالليل.. تنام حتى الظهر.. ترسل الطلبات.. هلا نسيت أمر إجازتك قليلا وذهبت لتبحث لك عن عمل؟
من غير جواب، استلقى قليلا على ظهره، وضع رأسه بين كفيه وقد أحس البللَ بسرواله القصير.
واقرأ أيضا:ً
خـرج ولـــم يـــعــد / تجربة / قنبلة موقوتة / أيام سوداء / بـيـن نـاريـن / حالة غضب