حكايتها كالأساطير
ومثل الخرافاتْ
ويعرفها الناسُ والطرقاتْ
تلفُّ الموائدَ والعتباتْ
تدور القرى والمدائن
وكانت مدينتها فوق شط الذين يروحون
دخانيةً
بها النارُ
والبرقُ
والرعدُ
والخوفُ
والأمنياتُ
الخئونْ
بها طرقاتٌ
يروحون فيها ولا يرجعونْ
بها شجرٌ
ورقٌ أخضرٌ
حملته العصافير عاما فعاما
وصار خرابا
بناياتها نسجت من خطايا البشر
ومن قافلات الرحيلِ
مزيجٌ من الريح والعاصفة
ومن أمسيات الجنائز
وكانت جميلة
تُرَقِّصُ في خطوها مهرجانَ الرياحِ إذا عبرتْ
فاصطفتها المرافيءُ
بين الرّواحِ وبين الغُدُوّْ
وبين الشروق وبين الأصيل
انتقتها النوارسُ
معشوقةً للأعاصيرِ
كانت جميلة
وكان جـمالا حزينا
تعلَّمت الشمسُ منه الغروبَ
تعلم منه الخريفُ الرجوعَ
وكانت تحبُّ الغناءَ
تظل تدقّ على باب وحدتها
وتُرَقِّصُ أوجاعها
وتسهر في الليل بين الشواطيء
يعشقها البدرُ
والطيرُ
والقبَّراتُ الطروبُ
وتبني بيوتا من الحزنِ
والشجنِ الهاديءِ الحُلوِ
ترسم عاشقها بالصباباتِ والرملِ
تحكي له عن زمان الرحيلِ
وعن طرقات التغرُّبْ
وتشكو له المدّ والجزر
والقاطرات التي لا تعودُ
تغني له أغنيات الفراقِ
وتبكي على راحتيه
تصالح فيه الزمانَ البخيلَ
تجرّبُ فيه التعشّقَ
والتوقَ
والصدَّ
والهجرَ
والأمنيات الحلوب
تجرب فيه الزمان الجميل
وتسهر في الليلِ فوق الشواطيءِ
تعبث في الرملِ
والماءِ
والريحِ
ترسم عاشقها
وتعاتبه
ثم تهدمه
وتغني لطير الوداعِ
وللزمهرير
وتنشد أشعارها لزعيق العواصف
كي تتسلّقَ دارتها
وتراودها عن مواويلها
وتغني لطير الوداعِ، وللزمهرير
وللمزنِ حين النزول :
{وخذني حبيبي
وخاصم زمانَ التخاصُمِ
إني خاصمتُه
وصالحتُ فيك الزمانَ الجميلْ
وأطفيءْ بصدريَ نيرانَ شوقي
إنيَ أوقدتُها
وانتظرتُكَ عاما فعاما
وأنتَ اصطفيتَ الرحيلْ
ارتضيتَ به زمنا
وأقمتَ به وطنا
وعشقتَ الإقامة.}
السمّاح عبدالله
واقرأ أيضا :
حَالْ / سرقة / مَا أَضْيَعَكْ / يُحَاوِلُهَا الْكَافِرُونَ وَتَرْضَى / مَتَى يَأْتِي الْجَيْشُ الْعَرَبِيُّ ؟ / ثُلَاثَاءَاتُ عَابِرِ سَبِيلْ(5) / غَرَامْ