الكاتب: حفيظة طعامالبلد: المملكة المغربيةنوع العمل: قصة قصيرةتاريخ الاضافة 09/02/2008 تاريخ التحديث 24/07/2019 16:38:26 المشاهدات 4778 معدل الترشيح
نهضت اليوم على غير عادتي.. نهضت بإحساس غريب وقوة جسدية مبالغ فيها، شعرت أنها كانت مختزنة لهذا اليوم الغريب من حياتي، اختلجت نفسي أحاسيس كثيرة.. متناقضة أنا.. كيف الملم كل هذا الحزن الذي يخنق أنفاسي؟؟؟ صباحي أنا حزين.. قليل من الدمع يكفي.. قليل من الدمع يكفي لإشعال الرغبة في الصراخ لإشعال صمتي، وتحرير صوتي.. مشتاقة أنا، راغبة أنا في إطلاق حمامات شوقي. مشتاقة أنا لمن أعرفهم، لمن لا اعرفهم، لمن التقيتهم.. لمن تمنيت لقائهم، لـ... مشتاقة أنا للشوارع، للطرقات، لأبي، لأمي لإخوتي وأصدقائي.. ولأحبتي جائعة أنا، مشتاقة أنا لأطباقي المفضلة..
بلغ الشوق عندي ذروته في مزاد هذا اليوم الغريب من حياتي، صوت غريب يختلج كياني، يهددني، يتوعدني، يجبرني على الوقوف، على المشي، يعد لي عدًا تنازليًا. مطاردة أنا، خائفة أنا، هاربة أنا.. حزينة.. مشردة.. مسامحة.. ساعات هذا اليوم ثواني، انطلقت مسرعة عبثًا أحاول أن ابدأ رحلة يوم عسير، حتى الوقت يطاردني، ولا جدوى من الفصل الأخير، ليس سواي مهدد بالرحيل، لا وجهة لي ولا خارطة تقودني..
تذكرت أحبتي فرحت أوزع نفسي وأنفاسي بينهم بالتقسيط بزيارات مطارد حتى سرعتي أنا مطاردة.. تضاعفت نبضات قلبي وأنا أواجه أقرب الناس إلي. عانقني أبي، ضمني كسر ضلوعي بضمة من حنان ولا تطلقني... اقتربي أمي، دعيني أنهل من جمال عينيك نظرات وعبرات بل آخر الذكريات ألا يمكن أن يطول عمر هذه اللحظات ألا يمكن أن أنعم بلا حميمية الوداع.. كنت أودع أمي بصمت رهيب وكانت تتأملني بصمت سائل يخشى الجواب هي تلبي رغبة بداخلي ولا تدري أنها آخر الرغبات....؟؟
عاودني الصمت المتوعد من جديد، فرحت أفك حنية هذه اللحظات بحسرة رهيبة وألم قاتل، خلف كل ضمة طعنة غادرة. باب غرفتي موصد..أمامها وقفت بخشوع استراحت الخطى عند بابها، هنا دفنت ذكرياتي، هنا مارست طقوسي، هن بكيت، ضحكت، كتبت.. لا أعرف كم يلزمني من الشجاعة لولوج عالمها ستتهمني جدرانها بالخيانة سترفضني..لغرفي جبروتها التي تعجزك وتتحداك لمواجهتها ولكن للخوف الم. غرفتي حبيبتي يا كاتمة أسراري..أتراك تدرين اليوم بحالي؟؟ سريري، يا حبيبي، يا حافظ أحلامي وصابرًا على تقلباتي، دعني أتمدد على ظهرك دعني أستلذ دفأك..ما أجمل الحياة..ما أتعس مفارقتك..دعني أتلمس أضلعك التي استحملتني كل العمر.. وقادني حزني إلى أبعد من ذاك..نمت عميقًا وفجأة أحسست بحركة غريبة تهزني، تهز سريري وتزلزل سكون غرفتي، لأشاهد بعدها جثتي تسبح في الهواء، تجرفها أمواج الرياح إلى أرض أخرى، لا هي مسطحة ولا هي محدبة... كنت ألملم لحظات موتي، أبصر مخاوفي لحظة الوداع الأحمر، حاولت التملص فلم استطع، ألمح جثتي تبتعد أكثر فأكثر. مسكينة أنا.. وحيدة أنا.. غريبة أنا.. فارغة الجوف أنا.. بلا قلب أنا.. ذاكرة انفقأت عيناها أنا.. طائر بلا جناحين أنا..ذاهبة أنا إلى زمن لا يجيء... نظرت بعيدا فإذا بجثتي ترسي في أرض غريبة، حيث لا جمال لا ساعات ولا ألوان ولا ظلال.. أرض شمسها باردة فرحها حزن وغناؤها بكاء، تفوح من أزهارها روائح الموت والنتانة، والغبن والشؤم..إنها عطور الموتى، إنها عطور أزمنة انتهت إنها عطور ساعات لا تعمل....؟؟؟ هي ارض جبالها قبور مياهها دماء طيورها مخلوقات غريبة، برأس إنسان بعين واحدة ومفقوعة؟ وحدهم الموتى يشغلون فضاءاتها... جثتي المسكينة، ضيفة غريبة لا شان لها بهذه العوالم الغريبة، جثتي مطأطئة الرأس خجولة، مسلوبة الإرادة مخطوفة الخطوات... هاهي تسقط، سقطت جثتي لتجد نفسها وسط حشد كبير من الغرباء في انتظارها في انتظار انضمامها إليهم. تتعالى الأصوات، إنه احتفال الموتى بتوسع مدينتهم . وأنا أراقب جثتي بكل حسرة، وبكاء وألم.. إذا بيد تشد على كتفي وتقطع علي حبل متابعتي اللاشيقة.. تثير في رعبا أكبر مما أنا فيه، كانت يد لشيء أو لإنسان.. أو المهم أن ذلك الغريب كان امتزاجا لأشياء كثيرة وقبيحة كان خليطا من المتناقضات..كان الغموض، كان الخوف.. كان اللاشيء كان دون اسم حتى البشاعة ترفض أن يحمل اسمها...؟؟؟ سألته: هل ت ع رف .....ني؟ ثار وبدر منه زئير.. زلزال.. ثوار.. صوت لصدى جبال.. وسألني: من أنت.؟ أجبته: أنا.. أنا لا أحد.. قلي أنت من أنا..أنا... عاودني بالسؤال: من تكونين؟؟ قلت: لا أحد قال: هل تعرفينني؟ قلت: لا أريد معرفتك هزني بقوة بشعة زلزلني دمرني حركني..ولم يلملمني أنا كابوسك..أنا من يلازمك طوال هذه الفترة، أنا.. قاطعته: ولكن لا لغة للكوابيس.. قال: كابوسك أنت يتكلم بل صار كذلك لــ... قاطعته من جديد: صار يتكلم...يتكلم لأية غاية؟؟ أجابني مستهزئا ضاحكا ساخرًا..لغاية..قتلك قلت: لو قتلتني من قبل لأرحتني من رؤية وجهك البشع قال:موتك لن ينفعني في شيء... تعجبت لتناقضاته وقلت: ألم تكن تلك غايتك؟؟ موتي ربح لك.. قال :أي ربح؟ قلت:سيتيح لك فرصة التحرر من رأسي، فرصة أن تكون حلما بدل أن تكون كابوسا... قال: أنا سعيد كوني كابوسا، كوني الشرور..الأحلام..هههههههههههه الأحلام تبقى أحلاما عاجزة.. الأحلام.. يا غبية.. أراك تفضلينها علي سترين ما أفعل بك أنت يا صاحبة الأحلام..؟؟؟و.. صرخت عندها من أعماقي من جوفي من ثغري من... انفتحت عيناي على حشد من النسوة والأطفال والعجائز المحمرة عيونهم وكانت أمي أقربهم .. صرختي تلك زغردت لها أمي وفرحت لها النسوة وصفق لها الأطفال وأرجعت للإمام والراقي..هيبتهما التي كادا أن يفقداها.... بادرت لأمي بالسؤال: ماذا حدث لي أماه؟؟ بنيتي...حبيبتي كنت غائبة عن الوعي لمدة يومين.... اهتزت أضلع سريري منشدة الحياة...انفتحت نافذة غرفتي وهبت نسمة تعلن الحياة وزقزقت العصافير من جديد.. رفعت رأسي للسماء تنهدت بعمق ثم التفت للجمع الذي كان يحيط بي ابتسمت وقلت لهم: إنه مجرد كابوس يا أحبتي.... من مذكرات غرفتي 13/06/2005 واقرأ أيضاً: مأساة/حفاظا على العرش/المجنون/رجل بلا ظل/همـس قلبين