قد تصادف الأدب الجميل في أي مرحلة من حياتك; حدث هذا لي في الصف الأول الإعدادي حينما كانت تلك القصة الرائعة مقررة علينا في كتاب اللغة الإنجليزية.
يحكى أنه كان هناك خيال مآته مجرد جوال من القش مقام على عصا وفوقه كرة من البلاستيك خط فيها موضع العينين ووضعت عليها قبعة قديمة ممزقة كان يقف وحده وسط الحقل..... وحده.... يرى مرح الطيور وقفزاتها وطيرانها وأحيانا خوفها المرح منه وهو دائما يقف وحده, كان يرسل إليهم نظرات طويلة فترتد له وحده.
ويوما لمح عصفورا صغيرا في عيني خيال المآته من البعد نظرة حزن مؤلمة.... اقترب منه رويدا رويدا.... وأخذ يقفز مرحا حوله, فبدا له وكان نظرة الحزن استحالت إلى لهفة مكتومة; يمزق القلب ما بها من طيف سعادة مؤلمة.
اقترب منه أكثر حتى وقف فوق قبعته وقال: يا خيال المآتة أنا لا أخاف منك; ولكن أخبرني ما سر هذا الحزن..... نظر إليه خيال المآتة صامتا
فأطلق العصفور ضحكته المغردة وقال:- آه إنك ليس لك فم، انتظر.
طار وعاد بعودٍ جاف صغير من الحطب ووضعه لخيال المآتة موضع الفم; ابتسم خيال المآتة وهو في قمة السعادة بفمه الجديد..... وانطلق يحكى للعصفور كل شيء....... كل شيء كان يحسه وحده ولا يحكيه.
يضحك ويروي الكثير والكثير والعصفور يبادله الحكايات وهو يضحك من كل قلبه الذي كان وحيدا منذ وجوده.... ومرت الأيام وودعه العصفور لأن موسم الهجرة قد حان فقال له وهو يودعه: سوف أنتظرك يا صديقي سأنتظرك حين يحل الصيف.
وتغير الجو وأتى الخريف يعقبه الشتاء...... ورغم برودة الجو كان خيال المآتة ينظر دائما إلى السماء وقلبه عامر بالدفء في انتظار صديقه.
واقرأ أيضا:
الوحدة / الغرباء / الغرباء - 2