الطفـل العنيـد (7)
التعايش مع طفل السنة الأولى -السنة الصعبة-
كيف يمكن لشيء بهذا الحجم أن يكون بهذه الصعوبة؟
يسأل الوالدان أنفسهما ذلك السؤال، إنها طفلة ذات خمسة شهور، عندما ولدت كان صراخها يهز الغرفة، كانت طفلة صاخبة ذات مزاج سيء، حاولوا كل شيء لإرضائها، لكن كل شيء حاولاه كان يجعلها تبكي أكثر وبصوت أعلى، كانا بائسين لأنهما لا يعلمان ما الخطأ الذي يفعلانه وكيف يصلحانه.
عند ستة أشهر كانت طفلة نشيطة أكثر بكثير مما رأوه في أي طفل آخر، وعندما بدأت الزحف سبب هذا قلقًا أكثر من السعادة وزادت المشكلة عندما بدأت الفطام، صراخ ولفظ كل شيء في فمها.
بنهاية السنة الأولى حاول الأبوان حساب عدد الساعات التي يستطيعان أن يناماها بسلام منذ مجيء هذه الطفلة.
لا يوجد انتظام في عدد ساعات معين قد تنام طوال الليل ومرتين بالنهار واليوم التالي لا تكمل خمس ساعات خلال اليوم بأكمله واليوم الثالث قد لا تنام مطلقًا ثم تنام خلال النهار الذي يليه.
مواعيد تناول الطعام والإخراج غير متوقعة إطلاقًا، تناولت هذه الطفلة كل أدوية المغص ولكن هذا المغص المزعوم لم يختف بعد ثلاثة أو أربعة أشهر كما هو معتاد.
هل تعرفت على طفلك في أي من الأمثلة السابقة؟
من حيث المزاج السلبي، سهولة التأثر، النشاط الزائد، رفض الطعام الجديد، صعوبة توقع تصرفاته.
إن الأطفال يولدون مختلفين هذه حقيقة والطباع المزاجية تبدو واضحة من ذلك العمر المبكر.
هل ذلك الطفل الرضيع فعلاً صعب؟
عادةً ما نجد رضيعًا يبكي دون سبب معروف ومن وقت لآخر يكون متوترًا ومتضايقًا، يقال إن عنده مغص، لكن غالبًا تكون تلك إشارة إلى طفل ذو مزاج صعب. ولكن لأن الطفل في تلك السن لا يستطيع التعبير عن نفسه لابد من التأكد من عدم وجود مشكلة أخرى مثل نمو الأسنان أو الإصابة بدور برد قبل أن نقول إن طباعه الصعبة هي بسبب عدم الانتظام في العادات أو سهولة التأثر بالبيئة الخارجية.
وقد تكون أيضًا طباعه الصعبة لها علاقة بالحساسية لبعض الأطعمة خاصةً لو بدا أنفه أحمر ومحتقنًا، لو كان لديه طفح جلدي على الوجه وخلف الأذن، لو لديه نوبات من القيء أو الإسهال لابد من مناقشتها مع طبيب الأطفال.
وأخيرًا لو كان ضيق الطفل خارجًا عن السيطرة، البكاء مستمر، ولا يكتسب الوزن المتوقع للأطفال في سنه والنمو لا يسير كما هو متوقع فهناك شيئًا ما خطأ ويحتاج إلى تدخل خبير.
ما هو الطبع المزاجي لطفلك؟
من المفيد أن ترسم الطبع المزاجي لطفلك ذو الاثنا عشر شهرًا وخاصةً لو أكد عليك طبيب الأطفال إن طفلك طبيعي وصحته جيدة.
كيف تتعرف على الخصال الصعبة لطفلك؟
إن أهم الخصال التي تبدو واضحة في العام الأول هي الإيقاع غير المنتظم، النشاط الزائد، المزاج السلبي، الحدة الزائدة، سهولة التأثر.. وبعد ذلك يظهر الانسحاب المبدئي وصعوبة التكيف... الإلحاح والتشتت من الصعب ملاحظتهما في ذلك السن المبكر.
وإليك كيف تظهر تلك الطباع المزاجية:
1. النشاط الزائد: ستجد أن الأم في أثناء فترة الحمل تشتكي بكثرة الركل، متململ في المهد، دائمًا يزيح البطانية بعيدًا، يتحرك بكثرة لدرجة أن إلباسه أو تغيير الحفاض له عملية صعبة جدًا، لابد من مراقبته باستمرار لتفادي الحوادث.
2. الحدة الزائدة: يبكي بصوت عالٍ عند الحزن ويصرخ عندما يفرح.
3. عشوائي: وظائفه الجسدية والبيولوجية غير منتظمة وصعبة التوقع، من الصعب تنظيم الأكل والنوم، يستيقظ باستمرار أثناء الليل، حركة الأمعاء غير منتظمة ويبدو وكأن ليس لديه ساعة بيولوجية داخلية ككل البشر.
4. سهولة التأثر بالمؤثرات الخارجية: من السهل إثارته، ينزعج بسهولة ويتفاعل بصورة مبالغ فيها للضوء، اللمس، الصوت، لملمس الملابس، لمذاق الأطعمة، وحساس جدًا للحفاض المبلل.
5. التراجع المبدأي: يبصق الطعام الجديد صلبًا أو سائلاً، يعترض بشدة عند أول حمام، عربة جديدة، لعبة جديدة أو غرباء.
6. صعوبة التكيف: لا يحب تغيير السلوك ولا العادات، يعترض بالصراخ أو البكاء ويأخذ وقتًا طويلاً في التعود على الناس أو الأماكن الجديدة.
7. المزاج السلبي: عادةً ليس طفلاً سعيدًا، باستمرار يئن، ينوح، يبكي.
طفلك | مستوى الصعوبة | ||
قليل | متوسط | شديد | |
مستوى النشاط | |||
الحدة | |||
العشوائية | |||
الاستثارة | |||
الاقتراب / الابتعاد | |||
التكيف | |||
المزاج |
التعامل مع طفلك
هناك بعض الوسائل التي ستجعل التعامل مع طفلك أسهل، وإن كنت ستحتاج إلى الملاحظة اليومية لطباع طفلك حتى تُكيف تلك الوسائل معه.
1. العشوائية: الطفل غير المتوقع:
عادة تنتظم الساعة البيولوجية للأطفال عند الأسبوع السادس أو الثامن ولكن عند الطفل العشوائي لا يحدث هذا، ولذلك يجب أن تكون أنت ساعته، لابد على قدر استطاعتك أن تخلق روتين للأكل والنوم حتى لو قاوم طفلك ذلك النظام لابد أن تستمر على الجدول برفق ولو حتى لخمس أو عشر دقائق في كل مرة.
كيف تضع ذلك النظام؟
أولاً لابد أن تتجنب شيئين:
- أن تستسلم لعشوائية طفلك فلا تصر على مواعيد معينة للأكل أو النوم.
- الإصرار الذي لا يلين على ميعاد محدد لا يتغير.
كلاهما مصيره الفشل وسيؤدي إلى إحباطك أنت وطفلك.
خلال النهار: حاول أن يكون النظام الذي تضعه أقرب ما يكون إلى طباع طفلك، سجل طباع طفلك في الأكل والنوم في كراسة خلال أسبوع حتى تعطي نفسك علامات تمشي عليها.
مثلاً: طفلك يستيقظ في الصباح ويكون دائمًا جائع حتى لو كان طوال النهار عشوائي في وجباته، لا يجب أن تفوتك هذه الملاحظة ويجب أن تكون هذه إحدى النقاط الهامة في الجدول. أو تقرر مثلاً إن طفلك يحب أن ينام قليلاً خلال النهار، ولكنه يستيقظ في وقت مختلف كل يوم، تستطيع أن توقظه كل صباح في السابعة صباحًا وتجعله ينام قليلاً في الساعة الحادية عشر، ابتكر في الجدول وحاول الثبات عليه.
طبعًا لن تتجاهل طفلك إن كان يصرخ في المهد، ولكن لا تذهب إليه بسرعة وتحمله إن كان ذلك بين الوجبات أو في الوقت المفترض منه أن يرتاح فيه، أعطه وقت لكي يهدأ قليلاً وتحمل أنت صراخه قليلاً.
يستطيع الأطفال أن يهدئوا أنفسهم أكثر مما نتخيل بكثير.
فمثلاً إذا قررت أن تضع نظام لتناول الوجبات في التاسعة صباحًا، 12 ظهرًا، والرابعة مساءًا وهكذا.
في التاسعة صباحًا حاولت إطعامه فبكى كثيرًا وبصق الطعام، حاول لخمس أو عشر دقائق.
في العاشرة والنصف صباحًا، إنه يصرخ وجائع، ماذا تفعل؟
هل تمتنع عن إطعامه حتى الثانية عشر ظهرًا أو تستسلم وتطعمه؟ ما يجب فعله هو أن تطعمه قدرًا ضئيلاً حتى يأكل الوجبة الأساسية في الثانية عشر ظهرًا.
عند الليل: حل مشاكل النوم أصعب بكثير من اضطراب مواعيد الأكل، يجب الحد من فترات القيلولة في النهار إن كان الطفل يعاني من اضطراب النوم ليلاً، إنك تريد جعله أكثر تعبًا.
وفيما يلي بعض الاقتراحات الأخرى لحل مشاكل النوم:
٠ لا تساعد الطفل على الاستيقاظ إن تململ أثناء النوم ليلاً عندما تدخل إلى حجرته، لا تشعل الأضواء، تأكد إن لا شيء يسوءه واحرص على بقاؤه في فراشه واذهب.
٠ وأحيانًا يجب أن تكون عمليًا، إن كنت غير قادر على تهدئته، وفي مواجهتك الآن طفلاً صارخًا، اختر طريقة لتهدئته، إطعامه، حمله، السير به، ولكن إحداها فقط، ثم اثبت على هذه الطريقة لنفس الوقت ثم أعده إلى فراشه.
٠ لو استمر طفلك في لخبطة مواعيد النوم طوال السنة الأولى، إذن ضع خطة أن تتكيف مع هذا، يجب أن تتبادل وزوجتك الاستيقاظ.
٠ أنت مسئول عن وضع خطة لتنظيم عشوائية طفلك بدلاً من أن تكون كل أفعالك رد فعل فقط لتلك العشوائية، كن منظمًا ومتوقعًا ولا تدع عشوائية طفلك تقلب منزلك بأكمله ليكون عشوائيًا.
لو حاولت جميع هذه الطرق ولا يزال طفلك عاجزًا عن الخضوع لنظام معين ولا يحصل على قدر كافٍ من النوم (أقل من ساعتين يوميًا) إذن يجب استشارة طبيبًا نفسيًا خبيرًا في مشاكل النوم لدى الأطفال ليصف له دواءً خفيفًا، يعطي في جرعات منظمة قليلة خلال اليوم ويساعدك على خلق نظام له.
2. الحدة.. الطفل المزعج:
إنك لا تستطيع عمل شيء حيال طفلك ذو الصوت العالي، بعض الاقتراحات (وهنا يجب أن تكون عمليًا جدًا):
أن تبطن حجرة طفلك بالبطانيات، بالسجاد حتى يعزل الصوت، كتامات للأذن، ولا تقلق ستظل تسمع صوت بكاؤه، ولكنه لن يكون بنفس الحدة.
3. المزاج السلبي.. الطفل غير سعيد:
إننا نشاهد الأطفال الآخرين يضحكون، يبتسمون، ولكن طفلنا لا يفعل هذا.. إنك لا تستطيع تغيير مزاج طفلك الأساسي ولكن ذكر نفسك "إنه لا يستطيع تغييره". وهذا لا يعني إنه غير سعيد، اعرف أن المزاج السلبي لا يعكس أي مشكلة خلاف تكوينه الأساسي وسيقل بكاؤه عندما يكتسب وسيلة أخرى للتعبير عن نفسه.
4. الطفل الحساس.. سريع التأثر:
إنه يبكي عند أقل صوت: صوت الهاتف، صوت غلق الباب، عندما يحمله أحد، عندما تميل على فراشه، عندما تصدر أصوات لتضحكه، إنه طفل يقفز عند أقل صوت.
وأحسن طريقة للتعامل معه هو تقليل المؤثرات في بيئته، لا تستعمل الأضواء الساطعة ولا الألوان الصارخة ولا اللعب الصاخبة، هذه الأشياء قد تُسعد أطفالاً آخرين ولكنها تضايق طفلك الحساس، وقد تحتاج أن تجعل حجرته عازلة للصوت قدر استطاعتك إن كنت تسكن في بيئة صاخبة وأن تضع على زجاج نافذته ستارة كثيفة تحجب عنه الضوء، إن البساطة هي مفتاح ذلك الطفل.
بعض الاقتراحات الأخرى:
٠ لا تلعب معه قبل موعد النوم، قم بكل شيء تعرفه لتهدئته مثل: حمام قبل النوم – ويكون آخر شيء تفعله قبل أن ينام.
٠ جرب كل شيء، صوت قرآن كريم، صوت الحمام، صوت الحصان، صوت خرير الماء، صوت البحر، وعندما تصل لشيء يهدئه إثبت عليه في وقت النوم ووقت القيلولة.
٠ اختر اللعب بعناية، اختر ألوانًا هادئة، أصواتًا خافتة، ملمس ناعم.
٠ هؤلاء الأطفال يكونون حساسين لملمس الثياب أيضًا، إنه دائمًا ما يبدو تعيسًا في وقت تغيير الملابس، ويكون أسعد ما يكون في لباس داخلي وحفاض فقط، ويجب اختيارها طبيعية وقطنية 100%.
٠ شديدو الحساسية أيضًا لمذاق الأطعمة، عند إدخال الأطعمة الصلبة يجب أن يكون ذلك بالتدريج.
٠ وأيضًا درجة حرارة الأكل المقدم، لو كان يرفض زجاجة اللبن لعل هذا لأن درجة الحرارة غير مناسبة، جربيها بأشكال متعددة حتى يقبل على وضع معين ثم اثبتي عليه.
وينطبق نفس الكلام على ماء الحمام والذي قد يكون سبب صراخه وقت الحمام.
5. الطفل كثير النشاط:
مانع السقوط في مهد الطفل شديد الأهمية، ويجب أن يكون مرتفعًا لأن هذا الطفل سيبدأ في التسلق أسرع مما تتوقع.
خلال نومه ستجده يركل الأغطية ويتحرك في كل أنحاء الفراش، إن كان جو المنزل باردًا حاول أن تثقل ثيابه.
ويجب ملاحظة هؤلاء الأطفال بعناية على مائدة تغيير الحفاض وعلى السرير وفي الحمام.
ملحوظة هامة:
عند الإرضاع تذكري أن الطفل ذو الطبع المزاجي الصعب سيكون صعبًا أيضًا أثناء الإرضاع، وقد يجعلون تلك العملية بالغة الصعوبة.. تذكري أن الطفل لا يرفضك.
6. الطفل ذو التراجع المبدأي وصعوبة التكيف:
قد يرفض هذا الطفل جميع أنواع الطعام عندما تقدم إليه أول مرة، هذا الرفض المبدئي لا يعني أبدًا أنه سيستمر في رفضه لتلك الأطعمة، استمري في إدخال الأطعمة بالتدريج، وهذا ينطبق على جميع التجارب الجديدة، حاولي عند شراؤك لعبة جديدة له أن تُريه إياها من على مسافة أولاً قبل أن تقربيها إلى ذراعيه أو فراشه، إن زجاجة اللبن التي على شكل لعبة قد تُخيفه بدلاً من أن تفرحه، ستجدين أن أي تغير في الروتين يغضبه، وبالرغم أن كثير من الأطفال يبدءون فيما نسميه "القلق من الغرباء" عند سن ثمانية أو تسعة شهور هذا الطفل يظهر قلقه مبكرًا ويستمر أطول من المعتاد، وكلما أمكن حاولوا تحذير الأصدقاء والغرباء ألا يقتربوا من الطفل بسرعة ولا يحاولون حمله فورًا بل إنّ حتى شخصًا مألوفًا له مع أي تغيير في ملامحه مثل نظارة شمس أو لحية أو تغيير تسريحة شعر أمه قد تحدث انفعالاً.
تفهمك لمزاج طفلك يساعدك على بناء أساس للمستقبل، قد يكون طفلك مرهقًا لكِ في كثير من الأحوال ولكن حاولي أن تظلي حساسة لتعبيره عن مشاعره.
علاقة قوية مع طبيب الأطفال قد تساعدك أيضًا على التغلب على الكثير من المشاكل اليومية.
لا تأخذي أبدًا سلوك طفلك بصورة شخصية، إنه لا يعني أبدًا أنك أم سيئة وسيساعدك على تبني أسلوب محايد محب وستتجنبين الدائرة المفرغة من الذنب والإحباط والغضب لك ولطفلك وللعائلة كلها.
ويتبع >>>>>>: الطفـل العنيـد (9)
واقرأ أيضاً:
كيف نربي طفلاً منظمًا؟ (2) / الطفل العصبي / كيف تصنعين طفلاً يحمل هم دينه؟