الطفـل العنيـد (17)
تأثير الدوائر المتداخلة
إن تأثير الطفل الصعب على العالم تمامًا مثل رمي حجر في بركة ماء هادئة، فأول رذاذ له قوة كبيرة هو تفاعله مع الأم، ولكن هذا الحجر يخلق دوائر متداخلة تنتشر للخارج وفي النهاية تكون البحيرة كلها منزعجة، إن طبع الطفل وسلوكه يؤثران على علاقته بكل عضو من العائلة، إن تصرف بضع هؤلاء الأطفال يمكن أن يؤثر على الأطفال مثله، مدرسيه، والأشخاص الذين يرعونه مثل جليسة الأطفال أو الكبار الآخرين.
أيضًا يؤثر العالم على طفلك، التطور هو عملية مستمرة للتفاعلات بين الطفل والبيئة وحين يكبر الطفل يصبح طبعه أقل أهمية في تحديد تصرفه، إن شخصيته هي نتاج ليس فقط طبعه ولكن أيضًا شخصيته التي تشمل سلوكه، دوافعه، وتأثيره على الناس -الأماكن- والأشياء التي يراها ويعرفها.
لا يمكن أن يكون الطفل في معزل عن العالم لأن الطفل عضو في مجتمع وعائلة وفي هذا الفصل سأطلب منك النظر إلى تأثير هذه الدوائر وسنبدا بالمقربين أي الدوائر الأكثر شدة وقوة ثم نخرج منها إلى الدوائر الخارجية، دعنا نبدأ بزواجك.
الأب والزواج
تبين لنا الآن كيف أن والدة الطفل الصعب تصبح محبوسة داخل دائرة رهيبة ودور الأب إذا لم يكن هو الراعي الرئيسي وضعه مختلف لأن تواجده أقل وعلاقته بالطفل غالبًا أقل تركيزًا ولذلك تكون أسهل. لذلك فإن الزواج يتأثر إلى حد كبير أو قليل وهذا يعتمد على مدى صعوبة الطفل وهل توجد مشاكل زوجية أخرى وغالبًا ما نرى أربعة أنواع من التفاعلات:
1. إحساس الأب أنه مُبعد:
إن تعقيد وكثافة بعض علاقات الطفل والأم تجعل الأب يشعر [انه مهمل وليس عضوًا كاملاً في هذه العائلة، وعندما يظل الأب في المنزل في عطلة نهاية الأسبوع مثلاً سيكون مشاهد لبعض مشاهد الصراع بين الأم والطفل على ارتداء الملابس في الصباح، هذه الإجراءات الطويلة التي ترسمها الأم والتي تتطلب قدرًا كبيرًا من الوقت ومشاركة كاملة من الأم، ويجد الأب أنه لا يمكن أن يتدخل أو يشارك فيها ونفس الشيء ينطبق على أي مساحة يثير فيها تصرف الطفل مثل هذه الاستجابة المعقدة من الأم "أين أكون من كل هذا؟" يسأل الأب نفسه هذا السؤال.
2. الأب يتساءل ماذا تفعل الأم؟
ليس من الصعب أن تتخيل لماذا يسأل الأب "هل كل هذا ضروري، ألا تستطيعين أن تجعليه يرتدي ملابسه بدون كل هذه الجلبة؟" وهذا لأنه لا يتواجد دائمًا حولهما ليرى التطور الكامل لهذه النماذج من التصرفات التي تشمل الأم والطفل.
ولذلك هو يتساءل عن جدواها وفي الحقيقة إن الأب الذي لا يفهم لماذا تقضي الأم كل هذا الوقت في إلباس ابنتها في الصباح وتمشيط شعرها يتطوع أن يحل محل زوجته ذات صباح مقتنعًا أنه يمكنه آداء ذلك أسرع، وبعد ساعتين من تدليلها والصراخ فيها والهيستيريا من الأب والطفلة يرجع الأب لزوجته وببساطة يقول إنه حقيقةً لم يفهم ما الذي يجري قبلاً والآن هو يفهم، والتساؤل عن طريقة ومدخل الأم يمكن أن يكون ببساطة مدمرًا حين يرجع الأب مساءً ليجد طفله يصرخ والعشاء محترق والطفل الأكبر صامتًا ومتجهمًا ويسأل الزوجة الغاضبة ما الأمر ألا تستطيعين أن تتعاملي مع هذا الطفل؟ ما الذي تفعلينه ليكون الأمر بهذه الصعوبة. ومن مثل هذه المواقف تنشأ أساليب اللوم وتقليل الدعم بين الزوجه والزوج وفي النهاية المشاكل الزوجية.
3. الأم ليس عندها أي طاقة للأب:
بعد يوم كامل قضته الأم ربما أربع ساعات في تهدئة نوبات غضب الطفل، تعاسته وتطرفه وعدم رضاه بخصوص الطعام ثم تقوم بأعمال المنزل -التسوق- غسيل الملابس بينما هي تراقب طفلها المتعب ويتبع ذلك كارثة العشاء ودراما وقت النوم. وهي تريد دقائق قليلة لنفسها قبل نومها ولا يبقى لديها شيء لزوجها فلذلك يوجد تقارب أقل وتقريبًا لا يوجد أي وقت لهما كزوجين.
4. غيرة الأم من عدم الصراع نسبيًا بين الأب والطفل:
لأن الأم موجودة مع الطفل طوال اليوم يوجد كثير من الوقت ليكونوا منغمسين في الصراع على القوة ويتزايد هذا بمرور الأيام وهذا يفسر لماذا يكون الشخص المسئول عن الرعاية هو الذي يواجه المشاكل مع الطفل الصعب وفي الحقيقة هذا هو مصدر إحساس الذنب لدى كثير من الأمهات ولكن لأن الأب تواجده في المنزل بصورة أقل جدًا لا يتواجد في معظم تلك الأحداث، لذلك فإن علاقته مع الطفل تكون أسهل، وبعد أحد هذه الأيام المتكررة الفظيعة مع الطفل قد لا تقدر الأم هذا الأب الذي يقول لها "إنه على ما يرام معي ولا أعرف لماذا تلاقين تلك الصعوبة معه" في الحقيقة إن الطفل يكون أسهل مع الأب وهذا لا يسر الأم تمامًا.
ونتيجة كل هذه المشاكل وفقدان الدعم من الزوج تشعر كثير من الزوجات أن أزواجهن لا يقفون بجوارهن أو حتى يتعاطفون معهن في هذا المأزق. ومن المثير أن نجد أن كثير من الأمهات لديهن كثير من المشاعر المختلطة من الغضب والرعاية والحماية المبالغ فيها تجاه هذا الطفل الصعب، فمن ناحية تشعر الأم أن هذا الطفل يعصرها تمامًا وأنه ليس هناك ما تعطيه لزوجها ومع ذلك عندما يغضب الزوج ويهاجم الطفل لأنه سبب كل تلك المشاكل الزوجية تتخذ الزوجة وضع الدفاع وتحمي طفلها في الحال وهكذا إذا كان الزواج يواجه بعض الضغوط قبل ميلاد الطفل فإن هذا الوضع سيكون أسوأ، فطفل مثل هذا يمكن أن يوسع هذا الشرخ في هذا الزواج الهش.
الأشقاء
تخيل مدى الصعوبة التي يواجهها أشقاء هذا الطفل الصعب فهم دائمًا مستائين من هذا الاهتمام الذي يتلقاه هذا الطفل ويشعرون بالإهمال وبأنه ليس لهم مكان في العائلة، وكثير من الأشقاء يعبرون بمزيد من القلق بخصوص هذا الطفل المشكلة ويكونون قلقين ومنشغلين بكل هذا البكاء والتصرف السلبي، ولكي يحصلوا على نصيب عادل يبدأ بعض الأشقاء في إساءة التصرف بينما يصبح البعض الآخر أطفالاً مثاليين. وتطفوا المشاكل مع هؤلاء الأطفال المثاليين فيما بعد على السطح.
إن والدي هؤلاء الأطفال صعبي المراس يتوقعون الكثير من الأشقاء ويطالبوهم بالكثير من الاستقلالية والنضج وغالبًا ما أسمع من أمهات عن الطفل السهل كابني الكبير أو الطفل الناضج في العائلة في حين أن الأم تقصد ابن ذو خمس أو ست سنوات. وعلى النقيض يتكلم الوالدان عن الطفل الصعب كما لو كان طفلاً رضعيًا بينما هو في السابعة أو الثامنة.
التفاعل بين الطفل والعائلة وكيف يبدو في الحياة الواقعية
دعنا نرى الآن التفاعل بين الطفل الصعب والعائلة في موقف في الحياة الحقيقة عشاء عائلي مثلاً.... سوف ترى كيف أن ملامح غضب البنت الصغيرة ذات الأربع سنوات ستسبب مشاكل للأب والأم والأخت الكبرى.
هذه هي عائلة يقدم فيها العشاء عادةً في نفس الوقت كل ليلة الساعة 6:30 ويحب الوالدان أن يستمتعوا بوجبة كاملة يقدم فيها الطبق الأساسي من اللحم ثم يلي ذلك البطاطس أو الخضراوات وبعد ذلك كوب من القهوة وأخيرًا حلوى، وبطبيعة الحال يقدم الطعام في غرفة الطعام ولأنها طفلة صعبة عاداتها غير منتظمة قد تكون غير جائعة كل ليلة الساعة 6:30 وتلك الليلة ليست استثناء وهي لا تريد أن تتوقف عن مشاهدة الكرتون وتأتي إلى المائدة لتأكل لا لأنها مهتمة بالطعام بل لأنها منغمسة في مشاهدة الكرتون وبسبب سوء التكيف لا يمكنها تغيير ما تحب أن تفعله.
ويعتقد الأب أن جهود الأم لكي تتحكم في الطفلة ليست بالحزم الكافي لذلك هو غالبًا ما يتدخل ويحدث تبادل من النقد من الأب للأم بخصوص التعامل مع الطفلة، يقول لها وهو يهز إصبعه "كوني حازمة، دعيها تعرف أنك جادة، لا يبدو عليك أنك ستفعلين أي شيء" ويضيف بينما تحاول الأم أن تبعد الطفلة عن الكرتون أنها لن تنجح معها وأخيرًا بتنهيدة ضخمة ينهض الأب عن كرسيه ويدخل ليحضر الطفلة ولكن تهديداته تفشل لذلك هو يطفيء الكرتون فتصرخ الطفلة ولكي يجعلها تتوقف عن الصراخ يضربها ثم يجرها إلى مائدة الطعام ويجبرها على الجلوس على مقعدها.
الطفلة غاضبة رافضة غير راضية تجري دموعها على خديها ومستمرة في البكاء وهذه زيادة ومبالغة في أسلوبها العادي السلبي. أختها الكبرى تضايقها بحركات وجهها فترى الأم ذلك وتوبخها في الحال، تقدم الشوربة فيبدأ كل شخص في الأكل ما عدا الطفلة الأصغر التي تتلوى في مقعدها وتبدأ في الخبط بالملاعق والشوك وخبط رجل المائدة فهي لا يمكنها الجلوس بهدوء ونظام فهي عندها مستوى عال من النشاط وهي أيضًا لن تمس أي نوع من الشوربة لأنها دائمًا مذاقها ساخن جدًا فهي دائمًا حساسة تجاه حرارة الطعام لأن لديها سهولة تأثر بالمؤثرات.
الطبق الأساسي هو رغيف لحم وهذا طعام غالبًا ما تستمتع به ولكن تلك الليلة تقول أن رائحته غريبة وهي لن تلمسه (سهولة التأثر) فالأم قد نفدت من عندها صلصلة الطماطم التي عادةً ما تستخدمها واستبدلتها بصلصلة اسباجتي لذلك فالطفلة لن تأكل لأنها التقطت هذا المذاق المختلف، فتبدأ في الغضب عندما يصر الوالدان على أن تأكل رغيفها ويحاول الأب السيطرة عليها فتتضايق الأم لأنها ترى أن وقت العشاء تحول إلى كارثة مرة أخرى، ولا تتحمل الأخت الكبرى صراخ الأب وتصبح البنت أكثر انطلاقًا في هذا السلوك السلبي وتتضح حدود المعركة بوضوح.
ويمكنك بسهولة أن ترى أن الطفلة لا تتفق مع العائلة لأن والديها يحاولان إجبارها على إتباع أسلوبهما بينما لديها طبع ذو أسلوب خاص، وعندما يحدث مثل هذا الصراع مع الأطفال الصغار يليه مشاكل أخرى. فمثلا الطفل العنيد يقع في مشاكل بخصوص الصراع على القوة مع والديه وهو يرفض في النهاية أن يأكل حتى عندما يكون جائعًا. ويكون من الصعب أن ندرك أن زيادة النقد والاتهام السلبي يقوي هذا السلوك السيء وهذا مبدأ هام.
والجلبة التي يحدثها الطفل بخصوص رائحة وطعم الطعام يأتي من حساسية حقيقية تجاههما ولكن الصراخ العالي يجعله يبالغ في ردود الأفعال التي يحدثها سلوكه، ورد الفعل هذا بدوره يقوي سلوكه والوالدان ببساطة لا يملكان الأدوات التي تمكنهما من التعامل مع هذا الطفل أو إيقاف هذه النماذج والأساليب المدمرة.
ضغوط أخرى على الوالدين
أشياء أخرى يمكن أن تؤثر على العائلة ويزيدها سوءًا وجود طفل صعب وهذا بدوره يؤثر على تعامل الوالدين مع الطفل وهذه العوامل تشمل:
1. الزواج المبكر:
إن توقعات نجاح الزواج خاصةً عندما يكون الزوجان صغيرين جدًا يكون مثار تساؤلات والمشاكل بينهما تصبح أسوأ بولادة طفل صعب، المشاكل المالية والشعور بأنك محبوس، فقدان الاستقلالية، قبل ذلك كانت عندك الفرصة لتعيش فعلاً وطالما أن الأطراف المشاركة في هذا الزواج غير ناضجة تمامًا لن يتكيفوا جيدًا كالكبار الناضجين، ولذلك نحن لا نرفض الزواج المبكر بل نحبذه ولكن لابد أن يكون الزوجين ناضجين، الزوج عنده عمل مستقر والآباء يقدمون النصيحة والدعم.
2. مشكلات شخصية:
مشكلة إدمان المخدرات التي كانت موجودة قبل مجيء الطفل وكانت تحت السيطرة يمكن أن تشتعل مرة أخرى بعد مجيئه. إذا كان الزوج لديه مشكلة إدمان المخدرات فغالبًا ما يساعد دعم وحب الزوجة على وضعها تحت السيطرة أما مع وجود طفل صعب سيكون من المستحيل أن تعطي الزوجة نفس الاهتمام لزوجها كما كان يحدث في الأوقات السابقة، لذلك عندما يفقد دعمها ربما يحيد عن الطريق السوي، ومن الواضح أن الزوجة التي تدمن المخدرات قد ترجع إلى تلك العادة تحت ضغط تربية طفل صعب، ولذلك لا ننصح مطلقًا بالزواج من مدمن أو مدمنة فعاجلاً أو آجلاً سوف يعود للمخدرات خصوصًا عند وجود ضغوط مادية أو عائلية وربما يعود بدون أي سبب إلا لمجرد كونه مدمن.
إن الوالد الذي عانى من مشكلة سابقة كالاكتئاب أو القلق ولكنه قد شفي يمكن أن ينتكس بعد وصول هذا الطفل الصعب، إن الضغط لا يمكن أن يتعايش ويتكيف معه. على العكس إن المشاكل الشخصية والزوجية تجعل الكبار أقل تأثرًا وزواجهم في أمان ويؤدون دورهم الأبوي جيدًا، وإذا كانت هذه المشاكل محدودة تأكد أن تحاول حلها ولا ترجع كل شيء يحدث في العائلة إلى صعوبة طبع الطفل.
3. مشاكل مع أهل الزوج أو الزوجة:
في بعض العائلات توجد مشكلات في عدم تقبل الزوج أو الزوجة فأهل الزوج والزوجة لا يحبون أو يستحسنون الزوج أو الزوجة وهذا يحدث شرخًا في الزواج لأن دعمهم لهذا الزواج ينسحب، ومع وجود هذا الطفل الصعب يمكن أن يجلب لوم أو نقد أكثر للزوج أو الزوجة غير المحبوبين من حماتها أو حماته وهذا يخلق مشاكل حقيقية لهذا الزواج خاصةً إذا كانت العائلتان تعيشان في مكان قريب نسبيًا.
4. الضغوط المالية أو الوظيفية:
المال هو أحد الأمور الأساسية في أي زواج وعندما يضيف الطفل الصعب ضغوطًا أكثر يصبح الضغط أكبر من تحمل الزوجين، من جانب الزوج حين يكون في وظيفة ذات طبيعة صعبة مثل الزوج الذي يجب أن يعمل لساعات طويلة أو ينتقل بعائلته من مكان لآخر أو يقلق كثيرًا بخصوص مستقبله الوظيفي أو يحتاج إلى جو منزلي هادئ وهذا لا يتأتي في منزل به طفل صعب. وماذا عن الأم العاملة وخاصة التي تعمل في وظيفة لها متطلبات خاصة تجد نفسها تعمل سبعة أيام وسبع ليال في الأسبوع. ولذلك لابد من الالتزام بقاعدة "من استطاع منكم الباءة فليتزوج".
الزوجان المثاليان
يوجد أيضًا مشاكل للأشخاص الذين لا يبدو أنهم يواجهون أي مشاكل، فكر في الزوجين اللذين عندهما كل شيء والحياة عندهما دائمًا مثيرة ممتعة، ناحجة مرضية والثمار السهلة تقع بهزة بسيطة للشجرة هذه هي حياتهما حتى وصول الطفل فوصول طفل صعب لمثل هذا الزواج يسبب ضغطًا مدمرًا.
إن الإحساس بالذنب واللوم ورد الفعل المركز من العائلة يضخم ويكبر من الإحساس "أن هذا شيء لم يحدث من قبل وأنه قد دمر كل شيء".
توقعات الأمومة
بالنسبة للأم التي تريد أن تكون أم مثالية والتي تستثمر كثير من تقدير الذات في ذلك يصبح الابن الصعب مشكلة صعبة في التعامل معها ليس فقط سلوكيًا ولكن أيضًا داخل نفسها ولذلك يتأثر ويعاني زواجها. وإذا عكسنا الأمر إن الأم الفاقدة للأمان التي عندها قليل من الثقة في قدرتها على أن تكون أمًا جيدة قد يدمرها عدم كفاءتها ونقص ثقتها وإحساسها بعدم الكفاءة سوف يؤثر على دورها كزوجة أيضًا. وطبعًا كل هذه المشاكل يمكن أن تؤثر على أي زواج بغض النظر أن الطفل صعب أم لا ولكن مع وجود طفل صعب تتضخم تلك المشاكل إلى حد كبير.
العائلة الكبيرة الممتدة
في العائلة الممتدة يمكن أن يكون اللوم مبالغ فيه، إن الاهتمام العادي بصحة وسلامة الحفيد يتجاوز حدوده المعقولة مع الطفل الصعب فتقول الجدة: "ماذا تفعل خطأ معه؟"
"عندما ربيتك لم يحدث ذلك أبدًا ربما تفعل شيئًا خطأً" ومرات عديدة يزداد هذا الانطباع تعقيدًا لأن بعض الأطفال صعبي المراس لا يتصرفون بسوء مع الجدات كما يفعلون مع الوالدين وهذا يعمق أسلوب اللوم تقول الجدة: "إنه جيد معي"، "لا تصرخي فيه" "لا تقس عليه".
إن الإحساس بعدم الكفاءة والإحساس بالذنب تجاه النقد من الوالدين يكون قوي جدًا على آباء الطفل الصعب، وحين نفكر في الأمر يجد الأجداد الأطفال النشيطين صعبين لأنهم يجدون صعوبة في الاعتناء بهم وفي كلتا الحالتين فإن الأسلوب العادي للدعم الذي يقدمه الأجداد يمكن أن يتآكل ويقل وهذه الخسارة تؤثر على سلامة العائلة.
ومن الواضح أنه كلما كان لدى العائلة عدة نظم للدعم قوية كلما كان ذلك أفضل وتحديد وإلقاء اللوم على وجود الطفل يمكن أن يحدث بين أعضاء العائلة البعيدين "أنه ليس مثل أحد منا في العائلة"، وهذا هو القول الشائع وغالبًا ما يشعر الأب والأم بالذنب على سماحهم بدخول تلك الجينات السيئة للعائلة والأم خصيصًا تراجع كل سلوكها، غذاءها، روتين حياتها، نشاطها أثناء الحمل، ماذا أخطأت فيه لتخرج للوجود مثل هذا الطفل المختلف الذي ليس له مثيل في العائلة. وكثير من الكبار يدخلون في صراع بائس حزين مع والديهم والضغط الذي يسبب وجود هذا الطفل الصعب يجعل مثل هذه الصراعات تطفو على السطح.
الأمهات العاملات
بوجه عام إن الأمهات العاملات ذوات الأطفال الصعبين يواجهن كثير من الإحساس بالذنب سواء أكانوا عاملات أم لا، والأم التي تعود إلى العمل وعندها طفل صغير يكون لديها عدة مشاعر مختلطة وهذه المشاعر تكون مبالغا فيها وصعب التعامل معها من ناحية والدة هذا الطفل الصعب.
القضية الرئيسية بالنسبة للأم العاملة هي نوعية الرعاية البديلة، التكيف مع مديرة المنزل وجليسة الأطفال، أو إمكانية الرعاية أثناء النهار وهذا شيء هام جدًا.
إذا كان الشخص الذي أخذته لرعاية الطفل متفاهمًا ومن السهل التواصل معه ستحل المشكلة بصورة جيدة، فالشخص المسئول عن الرعاية إذا كان جيدًا سيكون أكثر تقبلاً للطفل، فمثلاً الشخص الذي يعتني بالطفل أثناء النهار أو جليسة الأطفال منتظمة يمكن أن تكون غير منزعجة بخصوص أوقات الطعام غير المنتظمة أو أيضًا أوقات النوم ولا تهتم بالطفل عالي الصوت العنيف وبينما والدة الطفل تضايقها تلك الأشياء، ربما يكون هذا الشخص عنده نشاط أكثر وموضوعية لكي يتكيف مع تلك المشاكل فمشاعرك تجاه الطفل تكون أكثر إيجابية عندما ترجعين إلى المنزل بعد يوم بعيدًا عنه.
ومع ذلك تبدأ المشاكل بين الأم والشخص المسئول عن الرعاية إذا شعرت الأم بالغيرة من ذلك الشخص فهي تشعر أن هذا الشخص سيحل محلها في آداء دورها، ولا يريد الشخص المسئول أن يتدخل أي شخص فهو يدير الأمور بطريقته وهذه المشاكل تتضاعف مع الطفل الصعب، إن مديرة المنزل يمكن أن تقيم نظامًا للتعامل مع الطفل وهذا يجعل الأم تشعر بالغيرة، فإذا كانت الأم لا يمكنها التعامل مع طفلها فمن يستطيع ذلك، لماذا يقضي الشخص الآخر الوقت بسهولة معه؟ وتشعر مديرة المنزل بالاستياء إذا شعرت أن سلطتها مع الطفل تنتقص.
يمكن للأم أن تشعر بأنها تتنافس مع هذا الشخص بينما يمكن لهذا الشخص أن ينقل بعضًا من استياء الأم للطفل وإذا شعر الطفل بهذا الانفصال يمكن أن يسوء سلوكه. ولكن ليس جميع الأشخاص المسئولين عن الرعاية يمكن أن يتكيفوا مع الطفل الصعب خاصةً خلال الوقت الطويل، فإذا لم يكن هذا البديل جيدًا وإذا كان هذا الشخص لا يمكنه تقديم الرعاية الفردية المستمرة لطفلك أو حين يكون سلوك طفلك صعب بحيث لا يمكن لأي شخص أن يتعامل معه عندئذٍ لابد أن تتخذي خيار بائس وهو التخلي عن عملك لفترة أو تأجيل الرجوع للعمل وهذا يشكل صعوبة اقتصادية،وهذا ما يجعل الأم أكثر استياءًا من هذا الطفل المشكلة ولكن في بعض الأحوال يكون هذا هو الحل الوحيد.
الطلاق ونتائجه
عندما يكون هناك عدم اتفاق وعراك يؤدي إلى الانفصال والطلاق، هذا الصراع يكون عامل مساعد في هذه الدائرة الشريرة، الطلاق القاسي المرير له ضغط على الأطفال وتزداد صعوبته على الطفل الصعب، إن سلوك الطفل سيسوء بالتأكيد أثناء هذه الفترة وإحساس الوالدين بالذنب يضيف ضغطًا إضافيًا، ومن الناحية الأخرى أعتقد بشدة أنه على المدى الطويل سيسوء الأمر إذا استمر الوالدان في علاقة مشدودة تعيسة من أجل الطفل، وتنشأ مشاكل أخرى أثناء الزيارة بسبب اختلاف طريقة التعامل في بيئتين مختلفتين فيتكون داخل الطفل كمية من عدم الانسجام، والأطفال صعبي المراس يحتاجون إلى هذا الانسجام ونظام يومي أكثر من باقي الأطفال وعندما يستخدم في حالات الطلاق عدم الانسجام أو التوافق من أحد الوالدين لكي يقلل من أهمية الآخر فيصبح الطفل هو الضحية.
وعندما يحدث الطلاق تزداد مسئولية الأم ويغيب الدعم المفروض وجوده في الزواج الجيد ومن الواضح أن الأم الوحيدة العاملة لن تقدر على التخلي عن عملها، يجب أن تجد رعاية بديلة مناسبة أو ترضى بالموجود.
والتعب الشديد يمكن أن يعقد علاقتها بالطفل، كيف تتعامل مع نوبة غضب وأنت كنت في العمل لمدة ثمان ساعات ومازال أمامك التسوق وتحضير العشاء، إن الأمهات الوحيدات يكتشفن أن لديهن وقت قليل جدًا لأنفسهن ولذلك يصبحن مستاءات من الطفل وفي نفس الوقت تكون علاقتهن بأطفالهن صعبي المراس حميمة إلى النقطة التي تقول أنها انغماس تام.
إن زواج أحد الوالدين يدخل شخص بالغ آخر هام في حياة الطفل فتنشأ مرة أخرى مشاكل عدم التوافق والانسجام وتحتاج إلى حلول جديدة ويجب أن يناقش الوالدان مع نفسيهما المواضيع التي يخلقها الخلاف والعراك الزوجي على الأطفال والطلاق والأبوة والأمومة الوحيدة والعائلات الجديدة للأب والأم وعندما يكون الطفل ذو طبع صعب فيجب وضع هذا البعد في الاعتبار أيضًا.
رعاية طفل صعب يتيم أو من دار رعاية
هناك عدة أمور تدخل في موضوع الرعاية وتصبح ضخمة في حالة الطفل الصعب تمامًا كما في حالة الأم العاملة والوالد الوحيد، إن الطفل المأخوذ من دار رعاية يعتبر شخصًا غريبًا جينيًا عن الوالدين، إن التفاهم الفطري الذي نمارسه مع أطفالنا يغيب عندما يكون الطفل مأخوذًا من دار رعاية، وهذا لا يكون سيئًا بالضرورة، وربما يكون أسهل أن تعرف أن هذا ليس طفلك من دمك ولحمك وهكذا قدر كبير من الإحساس بالذنب المتعلق بالجينات والحمل والولادة يقل كثيرًا.
فأنت تقول لنفسك هو ليس جزءًا مني وهو ليس نتيجة شيء فعلته خطأ في الحمل فالبحث عن أسباب يؤدي إلى لعبة اللوم التي فيها كل والد يتهم الآخر في المساهمة في صنع تلك المشاكل لهذا الطفل.
ولكن إذا كانت هناك أشياء متناقضة أو مشابهة لما سبق في موضوع الرعاية سيتضخم هذا الشعور بوجود الطفل الصعب وربما يصبح هناك اتجاه لرفض لهذا الطفل، تنبع مشاعر قوية بوضوح على نمط أنه ليس حقيقةً طفلي، ويمكن أن نجد رد فعل آخر وهو الميل إلى تفسير أي تصرف إلى أصله الطبيعي حتى لو كانت نوبة غضب إلى الآثار النفسية للرعاية.
فأنت يجانبك الصواب في هذا التفسير حتى مع طفلك أنت إذا كان عندك هذا السلوك أو الاتجاه. ولا ننسى أن معظم اللقطاء ومن هم في دور الرعاية الاجتماعية هم أبناء لآباء لديهم اضطرابات في الشخصية وانتهازية لسرقة متع الحياة وجاءوا بأبناء ألقوهم في الطريق فمن المحتمل أن يكون هؤلاء الأطفال صعبين وعنيدين ومشاكسين. (ولكن ليس معنى ذلك أن نتخلى عنهم بل الواجب أن يتم رعايتهم في دور الرعاية تحت أيدي متخصصة حنونة).
الأماكن العامة
بعض الآباء يشعرون أنهم يمكنهم التعامل مع الطفل في المنزل وأحيانًا يجبرون على الاتصال بالعالم الخارجي، كثير من الآباء يشعرون بإحساس مبالغ فيه بمسئوليتهم، لذلك عندما يسيء الطفل التصرف يشعرون أنهم هم المسئولين ومع الطفل الصعب إحساسك بأنك مراقب يسبب لك الحرج والخجل.
المحال الكبرى والأسواق
توجد أماكن صعبة بالنسبة للطفل النشيط والمندفع الفاقد للتركيز وهو يريد أن يجري ويلمس كل شيء، هذه الرغبة + هذا المكان المزدحم الصاخب المليء بالمثيرات يمكن أن يجعل هذا الطفل همجيًا حتى ولو كان الطفل في عربته أو في عربة التسوق ستكون هناك مشاكل، هؤلاء الأطفال يحاولون جذب كل شيء في مدى البصر، إنهم يتكلمون غالبًا عن الأشياء التي يريدون شراءها ويتبع ذلك نوبة من الغضب أو الرفض.
هذا التناقض مع الطفل الذي يوجد في مواقف جديدة إذا أُخذ إلى محل مزدحم قبل أن يكون مستعدًا تحدث النوبة لأسباب عديدة، إذا كان الطفل عامةً غير مرتاح مع المواقف الجديدة تخيل كيف سيبدو له هذا المحل، فقبل كل شيء المداخل المزدحمة بالناس الذين يتادفعون إلى الداخل وبعد ذلك مستوى الصوت العالي لوجود الناس يتصايحون بخصوص طلباتهم وتسليم تلك الطلبات، وهذا المشهد يتضخم بالأضواء الساطعة وتداخل الألوان والأقمشة ومختلف السلع ويافطات الإعلانات.
وفي عطلة نهاية الأسبوع عندما يكون المحل مزدحمًا جدًا يصبح الناس إضافة إلى هذا الاختلاط والارتباك في غاية الإثارة والحساسية، حين يرتبط كل ذلك باهتمام الناس حين يرون طفلاً تعيسًا مرتبكًا يسألون ما الأمر "ما له" أو يعرضون عليه كعكة أو قطعة حلوى وتجد طفلك في النهاية متعلقًا بك ويصرخ.
وحين ترى المكان من خلال عيون طفلك ربما يساعدك على فهم حالته الصعبة الخطيرة، ولكن ماذا عن حالتك أنت فقبل كل شيء عائلتك يجب أن تُهدئ الطفل داخل المحل والمشهد الناتج عن ذلك الطفل المشتت، زائد النشاط، العنيف أو ذلك الطفل المنسحب البائس يكون محرج جدًا.
الكثير من الأمهات والآباء يصحبهم أطفال سهل قيادتهم والتحكم فيهم بينما طفلك يسبب لك مشهد مؤسف أمام الجميع.
ويظل طفلك يقاوم ويرفض محاولتك لتهدئته أو حتى يقبل الأشياء الحلوة التي تقدم له ليهدأ وستشعر أن كل شخص في المتجر يحملق فيك، ويكوِّن استنتاجًا عن كفاءتك كوالد، ما نوع هؤلاء الآباء أو الأمهات؟ وأنت تتخيل الناس يقولون عنك أنه لا يمكنه التحكم في طفله أو يقولون "الناس من هذا النوع لا يجب أن يسمح لهم بالتسوق في المحال الكبيرة".
والأسوأ من ذلك أن بعض الأشخاص يقولون فعلاً هذه الأشياء بصوت عال أو يقدمون لك النصائح.
المطاعم
وهنا لا يوجد ممر لكي تختبئ فيه فأنت هنا في مكان مفتوح في منتصف حجرة مليئة بالناس الذين يحاولون الاستمتاع بوجبة قد دفعوا ثمنها، وتدرك تمامًا أن طفلك ربما يدمر كل ذلك، إن الوالدين لطفل غير منتظم في عاداته يجدون الأكل خارج المنزل أمر جريء جدًا، تخيل وجبة في مطعم يحدث أثناءها أي من الأشياء الأتية:
1. طفلك لن يدخل إلى المطعم أبدًا حتى إذا ذهبت لمطعم به عربات أطفال صغيرة ليجلس فيها ويلعب أثناء تناولك الطعام، فإذا حاولت أن تدخل طفلك من الباب يصرخ (لا لا لا) ويحمر وجهك غضبًا وأنت تتراجع عن أنظار 50 طفل يتناولون الطعام بسعادة.
2. بعد أن كان طفلك يتطلع باشتياق إلى الخروج الآن يرفض أن يأكل ويقول أنه ليس جائعًا.
3. طفلك لا يمكنه أن يقرر ماذا يريد أن يأكل.
4. طفلك يعترض على منظر البيتزا المربعة لأنه معتاد على الشرائح المثلثة.
5. طفلك يرفض الجلوس في كرسيه ويتجول في أرجاء مطعم للأطعمة السريعة مضايقًا الأطفال الآخرين بمحاولته أخذ طعامهم.
6. طفلك يرمي طعامه أو يقلب مشروبه.
7. وإذا تصاعد الموقف يرفس المضيفة أو تنتابه نوبة غضب.
8. يسيء طفلك التصرف تمامًا لدرجة أنك تبدأ في الصراخ في المطعم وأنت مدرك أن كل شخص يحملق فيك.
ونفس الاستجابة أو رد الفعل ربما يحدث عندما يجرب أي شيء جديد وعلني لأول مرة أو في مرات تالية.
بعض الأطفال لا يعتادون على المواقف الجديدة وعادةً ما يتضايقون أو يثيرهم ذلك تمامًا أو كلا الحالتين.
مثلاً السيرك، عرض حي للأطفال أو حتى عرض للعرائس في المدرسة يمكن أن يستفز ردود أفعالهم، ولسوء الحظ ردود الأفعال هذه لا يمكن التنبؤ بها، فكل المواقف يمكن ألا تسبب ردود الأفعال هذه عندئذٍ نريد أن نعرف أيها يمكن أن يحدث ردود الأفعال السابقة.
معظم الأشياء التي يجدها معظم الأطفال رائعة ومثيرة يمكن أن تضايق هذا الطفل الصعب ولكن طالما تريد أن يشارك طفلك في عالم الأطفال فأنت تستمر في المحاولة لتجد الأشياء التي يستمتع بها وهذا سيكون امتحان محبط.
الجيران
دائمًا ما يحاول الوالدان إخفاء تصرفات الطفل الصعب الغريبة وغير المفهومة، ولكن الجيران سوف يراقبون عاداته الغريبة في اللبس، إن الطفل ربما يرتدي نفس الملابس لأيام أو يرتدي ملابس صيفية في عز الشتاء.
يسمع الجيران صرخات الأطفال العنيفين وربما يراقبون طبعهم، ربما يجدون الوالدين يسمحون بهذه التصرفات الغريبة وهذا يجعل العائلة كلها تبدو شاذة والوالدان يصبحان في حيرة لأنهما لا يمكنهما تفسير تصرف الطفل بعقلانية إلى الأشخاص الآخرين الذين يلاحظونها يوميًا.
إن سلوك الجيران نقطة مؤلمة لكل آباء الأطفال صعبي المراس.
المثيل.... القرين..... الزميل
ماذا يحدث بين الطفل وزملاء اللعب؟ بعض الأطفال على ما يرام والآخرين مشكلة.
إن الطفل النشط غير المنتظم، المستثار، الهائج ربما يواجه مشكلات، إنهم يواجهون مشاكل في التحكم في ردود أفعالهم الفورية ويخطفون ألعاب الأطفال الآخرون، وإذا كانوا يعانون من سوء التكيف لن يتشاركوا مع الآخرين بسهولة وهذا يؤدي إلى التصرف العنيف والضرب وحتى العض وهذه إحدى الأشياء المحزنة لأن الأم تجد أن العض تصرف بدائي عدواني، وأمهات هؤلاء الأطفال يكن محرجات جدًا والأمهات الأخريات ربما يقاطعن ذلك الطفل.
والطفل الذي عنده انسحاب طبيعي ربما يظل على حدود المجموعة لمدة طويلة وفيما بعد إذا وجد شيء ربما يتعلق بنشاط ما ويتجاهل باقي الأطفال، والطفلة التي تعاني من ضعف في استقبال المؤثرات الحسية التي دائمًا ترتدي نفس القميص أو ترفض ارتداء الملابس الشتوية الدافئة يمكن أن يضايقها زملاءها.
إن الألعاب التي تحتاج إلى شخصين “One to One” يمكن أن تكون أفضل لأن الطفل النشط لن يستثار تمامًا والطفل الخجول لن تضايقه أو تهدده تلك اللعبة ولكن المشاركة بالدور مازالت ستسبب مشاكل.
الملاعب
إذا أحب الطفل النشط الملعب فالنتيجة ستكون أفضل، فإذا جرى الطفل بعنف هناك وينفس عن بعض الطاقة هذا سيكون مقبولاً ولكنه يبدأ في العراك مع الأطفال الآخرين على ألعابهم أو نشاطهم، وإن فقدان السيطرة والتحكم سيجلب الضرب والرفس ورمي الرمال، إن الطفل فائق النشاط والمنفعل يمكن أن يخطف الألعاب من الأطفال الآخرين ويرفض التخلي عنها، أما الطفل الذي يكون منسجمًا عادةً ولديه ضعف في استقبال المؤثرات الحسية ربما يبكي أو تصيبه نوبة عند أخذه للملعب، وأخيرًا يعتاد عليه ويرفض تمامًا عندئذٍ الرجوع للمنزل.
إن أمهات هؤلاء الأطفال يجدن أن مثل هذه التصرفات محرجة تمامًا مثل تصرفات ذلك الطفل الذي يجري بعنف وهمجية.
جماعات اللعب والحضانة
إن كثير من أمهات الأطفال صعبي المراس يجدن أن هؤلاء الأطفال يحسنون التصرف عندما تكون الأمهات بعيدًا عنهم وذلك لغياب نموذج الدائرة الشريرة مع المدرس مثلاً فإذا لاحظت أن طفلك أحسن سلوكًا في المدرسة هذا هو التفسير وكما تعلم أن المشاكل تبدأ عندما يصل إلى البيت.
إن تكيف الطفل الصعب مع الحضانة يعتمد على كيف أن موقف المدرسة يؤثر على طباعهم ومزاجهم وهذا يعتمد على الأسماء المحددة لنوعية الشخصية التي يتكون فيها الطفل، بعض الأطفال ليس عندهم مشاكل والآخرين يعانون من أنواع مختلفة من المشاكل.
الطفل فائق النشاط والمشتت:
إن المشاكل تشمل الأفعال، ردود الفعل التلقائية، الاندفاع (يثور– يضرب)، مشاكل بخصوص الاستماع والانتباه في المدرسة أو الوقوف في طابور واتباع التعليمات. إنه أمر غريب إن هؤلاء الأطفال يكون آداءهم جيدً في اختبارات القبول بالمدرسة لأنهم غالبًا “Out Going” ويكونون على ما يرام في الألعاب التي تحتاج شخصين.
- الطفل الذي يعاني من ضعف استقبال المؤثرات الحسية: الحساسية للضوء الساطع، الأصوات العالية الناتجة عن الفصل الكبير العدد كل ذلك يمكن أن يؤدي إلى مشاكل سلوكية.
- الطفل الخجول سيء التصرف: توجد مشاكل عند تركه الأم كل يوم، مشاكل انتقال وتغيير النظام اليومي ومشاكل المشاركة، هؤلاء الأطفال لا يكون آداءهم جيدًا في اختبارات القبول بالمدراس لأنهم يكونون خائفين ومتعلقين بالأم.
- الطفل العنيد: سيكون عنيدًا ومجادلاً ويقول مدرسيه إنه دائمًا يريد أن ينفذ الأمور على هواه.
- الطفل العنيف: سيضع ضغوطًا زائدة على المدرسين لأن صوته عالي ومشتت ونتيجة كل هذه الأنواع السلوكية في المدرسة فإن المدرسين يبدؤون في التلميح للوالدين عن وجود مشاكل نفسية أو نشاط زائد وسيؤدي بالضرورة إلى قلق الوالدين، ويتم استدعاء الوالدين إلى اجتماعات مع المدرسين عندئذٍ يشعرون بالغضب من طفلهما لهذا السلوك السيء وهذا ما يجعل سلوك الطفل أسوأ.
أطباء الأطفال
إن أول طبيب قابلته مع رضيعك الصعب هو طبيب الأطفال فبعد إلغاء تشخيص المغص أو اضطرابات معوية فعادةً ما يتوقف المغص عند 3 أو 4 شهور فيقول الطبيب هذا طفل طبيعي تمامًا يجب أن تتعلمي كيف تتعايشين معه. فبعض الأطباء لا يفهمون تمامًا مفهوم الطبع وغير متخصصين في هذه المساحة أو المجال فهم لا يعرفون أي شيء زيادة لكي يقولوه لكِ. فهم يرون أن الطفل طبيعي ولا يرون أي أسباب لسلوكه، وفي الحقيقة فيما عدا الطفل فائق النشاط لا يرى الطبيب سلوك الطفل ولكنك مسئول عن علاقة الطفل بالطبيب أيضًا فالأمهات غالبًا ما يخفن من الحكم عليهن من طبيب الأطفال فهن لا يردن أن يبدون سيئات ولذلك لا يكن صريحات وصادقات بخصوص سلوك الطفل كما ينبغي أن يكن، وإذا لم يتمكن الطبيب من أن يرى بنفسه هذا السلوك وأنت لا تصفينه له بالتفصيل فإنه سيستنتج أنك أنت المشكلة.
وإذا تقبل الطبيب وصفك وتكلم معك عن سلوك طفلك الصعب المولود به فعندئذٍ هو يعرف شيء عن الطبع وسيكون قادرًا على تقديم نصيحة بناءة، وإذا لم يفهم ذلك ربما يستنتج أن الطفل يتفاعل مع موقف أسري سيء.
ومشكلة أخرى بالنسبة لطبيب الأطفال المشغول حتى ذلك الطبيب الذي يفهم الطبع يفتقد الوقت فإذا لم تستطع الأم أن تأخذ ميعاد خاص بها فلن يستطيع الطبيب أو الأم أن يناقشا تمامًا سلوك الطفل وماذا يجب فعله، وفي هذا الفصل والذي سبقه ناقشنا التأثير الصادم للطفل الصعب على البيئة من والده ووالدته إلى أشقائه إلى باقي العائلة، ورفقاء اللعب، مدرسيه، الجيران والأطباء.
إن آباء الطفل الصعب جدًا لا يمكنهم التكيف مع الطفل في المنزل ولا يمكنهم غالبًا التكيف مع الطفل في العالم الخارجي، فسلوك الطفل يبدو أنه يؤثر على كل شيء في حياتهم، وفي بحثهم عن حلول وإجابات سمعوا القول (تعايشوا مع المشكلة) أو(إنكم قلقون زيادة، إنكم تضايقون الطفل) أو(في الحقيقة لا يجب أن تتعاملوا مع الطفل بهذه الطريقة، إنكم تزيدون الأمر سوءًا وتفعلون ذلك بطريقة خاطئة تدمرون ابنكم) لذلك يصبحون خائفين – خجلى – شاعرين بالذنب وغاضبين، فلا يوجد آباء يحبون أن يعتقدوا أنه هناك شيء خطير خطأ فيهم أو في ابنهم وفي حالة الطفل الصعب ببساطة هذا ليس حقيقيًا. ولكن هل هو فائق النشاط؟
عندما أسأل الآباء ماذا يعني مصطلح فائق النشاط بالنسبة لهم يجيبون بكلام سلبي لا معنى له، مدمر هي الإجابة الشائعة يليها مشوش، غير اجتماعي، قلق، غير منتبه، غير قادر على التعلم ببساطة سيء.
هذا الاضطراب يعكس نقص الاتفاق على تشخيص فائق النشاط في المجال المتخصص وتنوع المصطلحات المستخدمة يجعلها تتداخل مع مصطلح فائق النشاط في المجال الأدبي المتخصص وهي تشمل مرض عضوي وخلل بسيط في وظائف المخ ومتلازمة فرط النشاط، صعوبات التعلم، تلف بسيط في المخ، صعوبات القراءة، متلازمة قلة الانتباه وفرط النشاط، ولأن المتخصصين أصبحوا معتادين على هذا المصطلح الأخير وهو فرط النشاط وقلة الانتباه أفردنا له بابًا خاصًا بعنوان "فرط النشاط وقلة الانتباه" يمكنك الرجوع إليه في الموقع.
مشاكل التشخيص
إن تشخيص فائق النشاط مشكلة في أطفال ما قبل المدرسة، فمجموعات متنوعة من المتخصصين مثل أطباء الأطفال، المعلمين، الأطباء النفسيين، أطباء الأعصاب، علماء النفس التربويون والمعالجين من ذوي الاعتقادات المختلفة استخدموا مصطلحات عديدة لتحديد هذا الاضطراب ولتمييزه عن الطبيعي من ناحية وعن الاضطرابات الخطيرة من ناحية أخرى.
والمؤشر أو المقياس التشخيصي لمتلازمة قلة الانتباه أصبح بسيطًا ومفهومًا نسبيًا ومع ذلك فهذا يعتمد على التشخيص الذي يقدمه والدي الطفل ومدرسيه وهذا لأنهم متعرضون له تمامًا ولا يوجد اختبار لقياس زيادة النشاط.
وتوجد وجهات نظر مختلفة لفرط النشاط في البلاد الأخرى، ففي بعض الدراسات القديمة اعتبروا ما بين 10% إلى 20% من كل الأطفال في سن المدرسة فائقي النشاط أما التقديرات الحالية المعتمدة على مؤشرات أكثر حزمًا تتراوح ما بين 3% إلى 5% من الأطفال الصغار.
والاتجاه بين المتخصصين ذوي الخبرة خاصةً في مجال طب المجتمع يتجه إلى التحفظ الشديد عند التشخيص وهذا أمر إيجابي بالتأكيد ولكن المتخصصين كمجموعة لهم طريقة يتبعونها قبل أن يوافقوا على ماهية فرط النشاط عند الأطفال الصغار.
وكما عرفت أن وجهة نظري في الأشخاص العاديين الطبيعيين عريضة وواسعة، فأنا أعتقد أن مدى نماذج السلوك تقع بين حدود المدى الطبيعي والعادي لذلك يتزايد حذري في تعاملي مع تشخيص الاضطراب في الأطفال الصغار.
إن كلمة فائق النشاط تستخدم بطريقتين: إحداها بأن تنظر إليها ببساطة كصفة تصف حدود نشاط الشخص، إذا استخدمت هذه الطريقة بدون نبرات عاطفية زيادة لن يحمل معنى خاص سوى مستوى نشاط عال والاستعمال الشائع لهذا المصطلح كتشخيص هذا يشير إلى أمر غير طبيعي وفورًا يقودنا إلى وجهات نظر متعارضة بشدة.
المراجـــــــــــع
- مخاوف الأطفال – للأستاذ الدكتور ب . ب وولمان
- ترجمة الأستاذ الدكتور محمد عبد الظاهر الطيب أستاذ الصحة النفسية جامعة طنطا.
- مقالات د. منال الدغار: طبيب نفساني
- مقالات د. محمد حسين: طبيب نفساني
- محاضرات أ.د حنان حسين؛ أستاذ الطب النفسي.. جامعة عين شمس
- The Difficult Child; Stanley Turecki;M.D. with Leslie Tonner
- The Complete Dr. Salk, an A-to-Z guide to raising your child,Dr.Lee Salk
- Kristen Zolten, M.A. and Nicholas Long, PhD, Department of Pediatrics, University of Arkansas for Medical Sciences
ويتبع >>>>>>: نوبات الغضب
واقرأ أيضاً:
كيف نربي طفلاً منظمًا؟ (2) / الطفل العصبي / كيف تصنعين طفلاً يحمل هم دينه؟