هل تُقدم (إسرائيل) على حماقة من هذا النوع؟ هل تُغامر بأزمة دبلوماسية مع الأردن؟؟ أم تضع إسفيناً جديداً في علاقاتها المتأزمة أصلاً مع حليفتها السابقة تركيا؟؟ هل تُغامر باستحداث إشكالية مع لبنان أو قطر؟ وهل يمكن أن تتحدى الجارة مصر التي رعت الاتفاق؟ وهل تضمن حينها ردات الفعل العربية والدولية؟؟
أسئلة كثيرة لم نكن يوماً غافلين عنها، لكنها خرجت اليوم من السر للعلن، ومن حديث النفس للتحذير العلني، بعد تصريحات نُسِبت للأسيرة المحررة أحلام التميمي، والتي قالت فيها أن (إسرائيل) اتفقت مع عصابة مافيا روسية لاغتيال الأسرى الأربعين المبعدين ضمن صفقة "الوفاء للأحرار".
ربما لا يتسع المجال هنا للدخول في التركيبة النفسية للكيان الصهيوني وقادته، أو التوغل في أعماق تجاربنا السابقة معهم، أو الغوص في تحليلات الواقع ومآلات التأزم الإقليمي الحالي للولوج منه إلى الاستراتيجيات المحتملة لدى الصهاينة للخروج منه. كل ما سنفعله هنا هو إضاءة بعض الأنوار وإثارة بعض التساؤلات حول أفكار متناثرة علّها توضح بعض النقاط الغامضة أو المتخفية.
ـ هل ما زال إطلاق الرصاص المدوّي والفاضح لمسـتعمليـه والدال على الجاني هو الوسـيلـة الوحيدة للاغتيال؟؟ أم أن "التطوير والتحديث" دخل منذ عشـرات السـنين هذا المجال ليترك الرصاص مكانه ودوره للسـموم المختلفـة وغيرها من الأدوات؟
ـ ألم تُقدم (إسرائيل) على محاولة اغتيال خالد مشعل رئيس المكتب السياسي الحالي لحركة "حماس" في عمان في ظل اتفاق "وادي عربة"؟؟ ألم تكد تنجح في مسعاها ودون أن تتهم بذلك ودون إراقة نقطة دم واحدة، لولا قدر الله تعالى ثم شجاعة الحارس الشخصي له؟؟
ـ هل تُسارع قيادات العدو الصهيوني ـ كدنا ننسى تسميته الحقيقية من كثر تردادنا "الببغائي" لاسم (إسرائيل) ـ دوماً إلى تبني الاغتيالات التي يقوم بها جهاز (الموساد)؟؟ وهل تُلقي بالاً أو تُعطي اهتماماً لغضب الدول العربية التي تُنفذ عمليات الاغتيال على أرضها؟؟ (غضب الدول العربية من عدمه وسقف ردات فعلها موضوع آخر لا مجال له هنا) هل يشك أحد منا أن (الموساد) كان وراء اغتيال محمود المبحوح في دبي دون أن يشعر الصهاينة بلذة بالغة وهم يتبنون العملية؟؟
ـ هل منعت قوة تركيا الإقليمية وكونها من حلفاء ما يُسمى بدولة (إسرائيل) ـ سابقاً طبعاً ـ القوات العسكرية البحرية من مهاجمة سفينة مرمرة الزرقاء وقتل تسعة مواطنين أتراك بدم بارد؟؟ وهل منعتهم الأزمة الدبلوماسية التي تسبب بها هذا الحادث من إرسال طائرة استطلاع للتجسس على إيران فوق الأراضي التركية (أسقطها الأتراك دون ضجة إعلامية)؟؟ أو هل أعاق ذلك تنسيقهم المستمر مع حزب العمال الكردستاني في تفجيراته داخل المدن التركية المختلفة؟؟
ـ هل سـيتهم أحدٌ الصهاينـةَ إن أودى حادث سـير "غير مقصود" (لا سـمح الله) بحياة أحد الأسـرى المحررين؟؟ أو هل سـتتجـه أصابع الاتهام إليهم إن أدى انفجار قنبلـة (لا قدر الله) في إحدى المدن التركيـة إلى مقتل أحدهم إلى جانب بعض المواطنين الأتراك وتبنى حزب العمال الأمر؟؟
ـ هل ستواجه دولة الكيان فعلاً ردود فعل غاضبة وتُحاسب وتُعاقب على فعلها حتى لو لم تتبنه؟؟ أم أن ما اعتدنا عليه منذ وعد بلفور وحتى الآن سيستمر في المحافل الدولية؟
ـ ما الذي تملكه راعية الصفقة مصر أو تستطيع فعله ـ أو تريد فعله إن شئت ـ في حال حدوث شيء كهذا؟؟ ألم تعتقل قوات الاحتلال العديد من الأسرى المحررين في الضفة دون أدنى رد فعل يوحي بشيء من الغضب أو حتى العتب؟؟
كل هذه الأسئلة نطرحها في ظل المعطيات التي نراها يومياً واعتدنا عليها في التعامل الصهيوني المستعلي على المنطقة والصلف مع العالم. فما هي حدود ما يمكن أن يفكر فيه الصهاينة أو يُنفذوه في حال تغيّرت "قواعد اللعبة"؟ ماذا الذي يمكن توقعه في ظل طبول الحرب التي تُقرع منذ فترة ويعلو صوتها شيئاً فشيئاً؟؟
قبل أيام قال لي أحد الأسرى المحررين: "الصهاينـة لن ينظروا إلينا يوماً إلا بعين العدو، وعقيدتهم لا تسـمح لهم إلا بالثأر والانتقام، فهم لن يسـتطيعوا نسـيان دماء جنودهم". هذه عقيدة الصهاينة في الصراع، فهل تسمعها وتعيها الفصائل، ومن هو أهم وأبقى: الشعب؟؟
واقرأ أيضاً:
عيد الأسرى المبارك/ تسكنني أحلام التميمي/ شكراً (غينغرتش) وقاحتك مطلوبة/ خضر عدنان.. رجل يهزم إرهاب دولة/ ما أقوى حلفاء إسرائيل!