الفلسطيني أياً كان تواجده في أي مكان من أماكن اللجوء والتشرد البعيدة والقريبة مهموم بهمه الشخصي المعيشي اليومي والبحث في المستقبل الغامض، اللاجئ في لبنان والعراق والأردن وسوريا يبحث عن الأمن الشخصي والهم الداخلي والمعيشي والخوف من القادم ويحلم بالعودة، وكذلك الفلسطيني الموجود في غزة والضفة وفي فلسطين التاريخية، وكلُ أصبحت له قضيته وهمه الشخصي اليومي المعيشي المرهق، ويُحاول الدفاع عن نفسه وقضيته الشخصية منفرداً من دون سند ومن دون الحد الأدنى من الوحدة والتضامن الجمعي، والانقسام المقيت فرَّق شملهم وشتت جهودهم، وما وصلوا إليه من فقدان الثقة بما يُسمى القيادة ومنظمة التحرير المُهشمة والتي أُصيبت بداء العجز والخرف، بعد فشلها في توحيد الفلسطينيين والدفاع عنهم وتمثيلهم بشكل حقيقي.
ومع ذلك لم تغب عن بال الفلسـطيني قضيتـه الأسـاس وهي فلسـطين، واللجوء وحق العودة والحريـة والحق في تقرير المصير وتكوين دولـة، وأنـه ينتمي إلى شـعب شُـرِدَ من وطنـه بالقوة والقتل، ودولـة الاحتلال أُقيمت على أنقاض بيتـه وذاكرتـه وهويتـه...
وفي زحمة تلك الأحداث اليومية وانشغال الفلسطينيين بهمومهم الحياتية اليومية، تدور معارك جانبية يخوضها الفلسطينيون كلُ في مكان تواجده، ومن دون أي تضامن جمعي فلسطيني، وهناك معركة حقيقية يخوضها الفلسطينيين من عرب 48 ! بالرغم من التخويف والترهيب والقمع، وهي ليست معركة لي الأذرع، بل هي معركة الدفاع عن الهوية والتاريخ والذاكرة والحقوق.
ربما لا يعلم كثير من الفلسـطينيين عن حجم المعاناة التي يعيشـها أشـقائهم من عرب 48، والمعركـة التي تدور أحداثها المسـتمرة في فلسـطين التاريخيـة، منذ النكبـة في العام 1948، بينهم، وبين دولـة الاحتلال التي فشـلت عبر السـنوات الماضيـة، وتحاول الآن بكل قوة شـطب الذاكرة والهويـة والتاريخ للعرب الفلسـطينيين، عن طريق فرض ما يُسـمى "الخدمـة الوطنيـة" بديلاً للخدمـة العسـكريـة؛ بمعنى تجنيد الشـباب العرب في الجيـش الإسـرائيلي..!! والتي يتم تسـويقها على أنها "خدمـة مدنيـة" على الشـباب الفلسـطينيين من عرب 48، ومحاولـة دولـة الاحتلال تشـويـه الهويـة القوميـة للفلسـطينيين، وتمرير مشـاريعها بالإقرار بما يُسـمى "الولاء للدولـة اليهوديـة"، وحرمان الفلسـطينيين من حقوقهم السـياسـيـة والمدنيـة الشـرعيـة ومطالبهم القوميـة التي كفلتها مبادئ حقوق الإنسـان والمواثيق الدوليـة.
فالتحريض على عرب 48 وإرهابهم مستمر... خاصة من رئيس حكومة الاحتلال (بنيامين نتنياهو) وبإجماع قوى اليمين المتطرف، في وسيلة للتأثير وإقناع الرأي العام في دولة الاحتلال، ومن خلال ربط مسألة إلزام اليهود المتدينين "الحريديم" بالتجنيد، وبفرض "الخدمة الوطنية" على الشباب العرب، بحجة ضرورة توزيع الأعباء على الجميع..!!
الفلسـطينيون في الداخل لم ينتظروا الخطر الداهم والمسـتمر ضدهم ومخططات ومشـاريع "الأسـرلـة" التي تُحاول دولـة الاحتلال فرضها وتمريرها ضدهم؛ فهم يتصدون لها ويُحاربونها ويُحاولون بكل ما يملكون من قوة وإرادة، وهم بذلك يخوضون معاركهم وحدهم من دون أي تضامن فلسـطيني حقيقي...!!!
الفلسـطينيون يجب أن تكون معركتهم واحدة، بدءً من معركـة إنهاء الاحتلال وحق العودة وتقرير المصير والحريـة، ومعركـة تهويد القدس، ومحاربـة الاسـتيطان وجدار الفصل العنصري، ومعركة العدوان والقتل والاعتقالات اليوميـة، ومعركـة فرض الحصار على قطاع غزة، ومعركـة فلسـطيني الداخل عرب 48 ضد العنصريـة والتهميـش والتمييز وعدم المسـاواة في الحقوق والحصول عليها، ومعركـة "الخدمـة الوطنيـة" الإسـرائيليـة الإجباريـة على الشـباب العرب هي معركـة كل الفلسـطينيين...!!!
14/07/2012
واقرأ أيضًا:
إسرائيل تبرئ نفسها / الطريق إلى غزة / حروب غزة التي بدأت / نعم غزة: من الحاجة إلى سماح! / هنا غزة / هنا غزة... من يحتاج من؟ / ذكرى النكبة: النكبة نكبات تتجدد يومياً