أعزائي الآباء والأمهات؛
مر المصريون خلال عامين بصورة متواصلة بالكرب ودرجة عالية من التوتر. إن مجرد عدم الاستقرار في الحياة اليومية وعدم معرفة ما يمكن توقعه خلال اليوم القادم هو شيء مجهد وجدانياً لأي إنسان. لقد قمنا ببراعة بتطوير آليات للتغلب على ذلك وأصبحنا متحكمين في استخدام آليات الدفاع. لكن اهتمامي يخص كل الأطفال الذين هم وسط كل هذه الضغوط. بصفة شخصية ومن خلال طالبي الاستشارات الأسرية، فقد لاحظت زيادة دراماتيكية لثلاث مشكلات تحديداً: القلق والرهاب والاكتئاب، وكل هذا نتيجة التعرض للتحديات التي نعاني منها.
وكما نشعر جميعاً فإن الأيام القادمة ربما تضغط علينا بصورة أكبر. لذا فلأعرض عليكم بعض أمثلة لما لا يجب أن نعرض الطفل له.
إجراءات وقائية وما يجب تجنبه:
1. تجنب التلفظ بعبارات معممة يائسة مثل "مصر ستغرق" "لا أستطيع العيش هكذا" "حياتنا مريعة" "ليس هناك مستقبل" وهكذا. هذا النوع من العبارات يتم أخذه بشكل جدي من جانب الأطفال ويمكن أن يسبب لهم بالفعل الخوف أو القلق أو الاكتئاب.
2. عندما تتناقشون نقاشا سياسيا مع العائلة أو الأصدقاء، يجب أن تتأكدوا أن الأطفال في غرفة أخرى وأنهم لا يستمعون لذلك. كذلك الأمر عند مشاهدة برنامج تلفزيوني سياسي أو مشاهدة الأخبار بالتلفزيون.
3. مارس روتينك اليومي وحياتك بشكل ثابت على قدر المستطاع. فعندما تلغي نشاط يومي لطفلك، ستلاحظ تغيرا فوريا في سلوكه. إن الأطفال يحتاجون روتينا يوميا مستقرا يتكرر كل يوم، والذي يساعدهم على الإحساس بمزيد من الأمان؛ لأنهم بذلك يعرفون ما سيأتي وماذا يمكن توقعه.
4. "الأشخاص السيئون". إنه من الملاحظ انقسام المصريين إلى فئات مختلفة والتي يتم الحكم عليها بشكل كبير وذلك يعلِّم طفلك أن يكون عنصريا أو أن يشعر بالرعب من أي تنوع. إنه من الأفضل أن تناقش الأفعال وليس ما يبدو عليه الأشخاص، هذا إن كان طفلك كبيراً بما يكفي. إنني أفضل تأجيل ذلك حتى سن الثامنة على الأقل.
5. عندما تتحدث عن الأفعال السيئة للأشخاص ساعد طفلك على أن يفكر في كيفية إرشادنا لهؤلاء الأشخاص لتلاقي أفعالهم الخاطئة. هذا سيعطيه دورا إيجابيا سيساعده على الشعور بالسيطرة وبالتالي تجنب الشعور بالخوف والتهديد.
6. أيتها الأمهات، من فضلكن تجنبن البكاء أمام الأطفال. فإن ذلك يشعرهن بالذعر ويشعرهن أن الحماية ليست قوية بما يكفي فيؤدي بهم إلى الخوف والرهاب.
7. أيها الآباء، من فضلكم تجنبوا السب والعراك ونوبات الغضب أمام الأطفال. يمكنكم إعطاء الأطفال القوة بجعلهم يشعرون أنكم أقوياء ولكن دون اندفاع. ومن الجهة الأخرى إذا رأوكم تمارسون الرياضة وتخفيف الوزن سيشعرون بمزيد من الأمان.
8. إذا كنت تمتلك أي نوع من الأسلحة فمن فضلك احتفظ بها بعيدا في مكان مغلق وتأكد من أنه آمن. إذا كان طفلك كبيرا بما يكفي فوضح له أنك ستصيب أو ستطلق النار للحصول على الأمان أو أنك ستستهدف الأرجل وليس الجسد لأنك تريد أن توقفهم وليس أن تقتلهم. (لا تذكر أيا من ذلك إذا لم يكن هناك احتمالية للخطر.)
9. خطط لوقت لعب يومي للعائلة لتلهو سويا حتى لو كان فقط الرقص سويا لمدة عشر دقائق أو أن تلعبوا الغميضة. الصلاة مع العائلة هي أيضاً علاج سحري قوي.
10. قم بالعمل على تعزيز سعادتك وكيفية تخفف من الضغوط لتكون قادرا على التعامل مع طفلك بهدوء وحب.
اعمل دائما على تحويل أي موقف سلبي إلى موقف إيجابي. على سبيل المثال: الانتظار لمدة طويلة في طابور للحصول على البنزين، غنِ مع طفلك أو العبوا لعبة "ألوان السيارات" وعندما تنقطع الكهرباء علمهم أن يهرعوا إلى البطاريات لأنك ستلعب معهم لعبة "الظل".
وأخيراً تذكر دائماً أن ذلك من أجلك ومن أجل أطفالك كي تكونوا بخير. ستكون الخاسر إذا خضعت للضغط ومن ثم ستبدأ معاناة أطفالك.
خلق الإنسان وبصفة خاصة الأطفال في غاية المرونة، لذا فأنا متأكدة أننا سنعبر هذا الوقت بنجاح. إنني فقط آمل أن نستطيع تجنب - فيما بعد - احتمالات معاناة الطفل.
أطيب التمنيات لمصر ولكل أطفال المصريين والأطفال الذين يعيشون حالياً بمصر.
د. منى يسري، نقلا عن موقع مركز التعليم الإبداعي (The Creative Learning Center “CLC”)
واقرأ أيضًا:
تغطية الإعلام للأحداث السياسية والتأثير النفسي على الأطفال