تقدم لخطبة فتاة جميلة, وفعلا تمت الخطبة وكان سعيدا جدا في البداية, ولكن بعد فترة بدأ ينشغل طول الوقت بحالة الانتصاب, وصار تركيزه طول الوقت على العضو الذكري وهل هو في حالة جيدة أم لا وهل سينجح في العلاقة بزوجته حين يتزوج أم يصيبه الفشل, وبدأ يلتقط حكايات العجز الجنسي التي حدثت في العائلة وفي البلد الذي يعيش فيه ويستمع لحكايات الربط والسحر ويدخل على مواقع الإنترنت ليقرأ عن الضعف الجنسي وأنواعه ومراحله .
ثم بدأ رحلة العلاج لدى أطباء الذكورة وأجريت له فحوصات تخص القدرة على الانتصاب ثم حقن مادة البابافيرين لاختبار سلامة الدورة الدموية للقضيب ثم عمل أشعات دوبلر لنفس الغرض, وأعطي بعض المنشطات الجنسية لتجعل القضيب أكثر قابلية للانتصاب على الرغم من أنه غير متزوج .
في هذه الفترة كانت علاقته بخطيبته الجميلة تضطرب لأنها كانت تشعر أثناء زيارته لها أنه مشغول بشيء ما يفصله عنها وأنه مهموم طول الوقت وأنه غير متفاعل معها على أي مستوى من مستويات التفاعل فاشتكت لأمها وبدت تساورهما الظنون : أتكون هذه الخطبة على غير هواه؟.... أتكون قد تمت بضغط من أسرته؟... أيكون مشدودا لعلاقة عاطفية أخرى؟.... وكثير من اللاحتمالات السلبية المزعجة. صارحته بمخاوفها وراح هو ينفي كل هذه الاحتمالات ويؤكد لها حبه وتعلقه بها ولكنه لم يستطع مصارحتها بما يشعر به فعلا, واستمر يكمل مشوار علاجه الذي لا ينتهي ولا يصل لشيء .
في النهاية ملّ منه أطباء الذكورة وصارحوه بأنه لا يوجد أي اضطراب جنسي عضوي لديه وأن كل الاختبارات سليمة, وأن عليه أن يلجأ لطبيب نفسي يساعده. لم يكن مقتنعا بهذا الأمر فهو لا يشكو من أي اضطرابات نفسية وحياته تسير بشكل جيد باستثناء انشغاله بهذا الموضوع, ولكن الأمور تصاعدت وفوجئ بخطيبته ترد له شبكته وتعلن فسخ الخطبة فانزعج في البداية لكنه بعد ذلك شعر براحة غريبة وكأن كابوسا انزاح من فوق صدره.. لم يكن الكابوس خطيبته بطبيعة الحال فقد كان يحبها ويتمنى أن يكمل حياته معها ولكن كان الكابوس هو ذلك الهاجس الذي تملكه لعدة شهور وهو هاجس الضعف الجنسي.
لقد صار العضو الذكري الخاص به هو محور اهتمامه وانشغاله طول الوقت يطمئن عليه وعلى قدرته وسلامته وطوله وسمكه ويقارن ذلك بما رآه وما سمعه وما قرأعنه لدرجة أنه أصبح لا يركز في عمله أو علاقاته بين الناس أو عبادته أو هواياته, وأصبح يرى أن الحياة لا تساوي شيئا وأنها بلا طعم فهو لن يستطيع الزواج أو الاستمتاع بحياته وأن محاولات علاجه قد فشلت .
كان هذا نموذجا لحالة "الضعف الجنسي الوسواسي", حيث تطرأ فكرة القدرة الجنسية على الشخص في ظروف خطبة أو زواج أو بعد فشل فيهما لأي سبب من الأسباب فيتوجه بكل كيانه نحو الانشغال الوسواسي الملح والدائم بعضوه الذكري, ومن المعروف أن هذا الانشغال يسبب حالة من القلق النفسي وهذا القلق النفسي يؤثر على قدرة العضو على الانتصاب فيزداد القلق ويتضاعف, وهكذا يدخل الشخص في دائرة مغلقة, وحين يتجه للفحوصات العضوية يثبت أنه سليم عضويا وبدلا من أن يطمئن فإنه يزداد قلقا واضطرابا,
إذ ما هو تفسير ضعفه الجنسي إذا كان سليم عضويا كما يقول الأطباء, وهنا يبدأ في الاعتقاد أن ثمة قوى غيبية تصارعه وتؤثر في قدرته الجنسية كالربط أو السحر أو الجن... فيتجه إلى من يفكون الربط ومن يبطلون السحر ومن يخرجون الجن فيوحون إليه بوجود قوى خفية تؤثر فيه ويؤكدون هذا المعتقد لديه فيزداد قلقا واضطرابا, إذ كيف به يواجه هذه القوى الخفية الجبارة التي لا يملك وسائل إدراكها أو السيطرة عليها؟, وهنا يسلم نفسه لم يدّعون أنهم قادرين على ذلك ومع هذا تتدهور الحالة أكثر وأكثر ويدخل في حالة يأس وإحباط وتظهر عليه علامات الاكتئاب فينقص وزنه بشكل ملحوظ ويفقد شهيته للطعام ويضطرب نومه وتضعف اهتماماته المعتادة ويفقد الإحساس بالحياة ويبدأ التفكير في الانتحار ولا يمنعه منه إلا بقية من خوف من الله.
وغالبا ما تفشل محاولات الإقناع العادية لهذا الشخص بأن ما يعانيه هو نوع من الوسواس القهري حول الوظيفة الجنسية وحول العضو الذكري بشكل خاص, وهنا لابد من التعامل مع هذا المريض كما نتعامل مع حلات الوسواس القهري من حيث استخدام العلاج الدوائي المعتاد في حالات الوسواس (مجموعة أدوية مانعات استرداد السيروتونين وغيرها) مع برنامج علاج سلوكي يقلل من انشغال المريض بعضوه الذكري وتوزيه اهتماماته على مساحات متنوعه من نشاطاته اليومية,
وأن نشرح له فكرة أن النشاط الجنسي يتبع الجهاز العصبي اللاإرادي وأن الانشغال بأي وظيفة تتبع هذا الجهاز تؤدي إلى اضطرابها وأننا نساعده كي يرفع تركيزه الواعي عن هذه الوظيفة بهذا الشكل الوسواسي لكي تعود إلى نشاطها الطبيعي مرة أخرى, وهذا يستلزم أيضا أن يكف عن زيارات الأطباء المتكررة وأن يكف عن عمل الفحوصات والأشعات وأن يكف عن القراءة في موضوعات الضعف الجنسي وغيرها, ويتوقف عن الشكوى للأهل وأيضا يتوقف الأهل عن بث مزيد من قلقهم نحوه, وبهذا يخرج المريض من دائرة القلق الوسواسي ويبدأ رحلته نحو التعافي .
واقرأ أيضًا:
نفسجنسي PsychoSexual: شكل / حجم العضو/ نفسجنسي PsychoSexual: ضعف الانتصاب/ المسئولية الدينية لمريض الوسواس القهري