يجلس وحيدا ينفث دخان سيجارته في الهواء يرتشف القهوة .. تكاد عيناه تدمع حين يتذكر أبناءه الذين تركوه بعدما قضى حياته في خدمتهم تركوه من أجل عاهرة.
تمر من جانبه تلك الفتاة الجميلة برائحتها المغرية ومشيتها المعوجة: مرحبا وطن ..
_أهلا سُلطة تفضلي ..
-مالي أراك حزينا .. يا وطن؟
_طمنيني عن أبنائي يا سُلطة..
-أما زلت تسأل عنهم بعد أن تخلوا عنك من أجلي؟
_سلطة .. جاوبيني بصراحة لقد سمعت أنك خالفت بينهم..
-بصراحة لم أخلف بينهم لقد استيقظت يوما لأجدهم يتقاتلون وحين سألت عن السبب أخبرني أخي منصب أنهم يتقاتلون من أجلي .. بعد أن عرض عليهم الزواج بي وأغراهم وقال لهم أن عندي كرسي وفاتورة هاتف وسيارة حديثة وبدل سفر وتعليم وعلاج وامتيازات كثيرة فقتل بعضهم بعضا وتفرقوا.
تمر بجانبهم تلك الرائعة فتاة بمنتهى الأدب كان وطن يتمناها زوجة لأحد أبنائه: السلام عليكم..
_وعليكم السلام .. أهلا كرامة تفضلي..
*لا أريد إزعاجكم يبدو أنكما تتحدثان بحديث خاص..
_ليس خاصا تفضلي واشربي القهوة قصتنا أصبحت على كل لسان وتقولين حديث خاص وكأنك لا علم لك بما حصل.
*بصرآحة القصة وصلت لكل العرب يقولون أن أبناءك تركوك يا وطن وذهبوا إلى أحضان العاهرة سُلطة..
-تستشيط سلطة غضبا: كرامة احترمي نفسك لا تشتميني..
*لست أنا إنهم العرب يقولون أن أبناء وطن الخمسة .. طماع وغشاش ونصاب وسارق وخائن قد تركوا وطن وذهبوا إلى العاهرة سلطة .. وأن وطن فقد أبنائه الآخرين ولا يعرف مكانهم..
_لو أجد بقية أبنائي سيخفف هذا عني .. لعل الله يعوضني.
كرامة تبتسم .. قائلة يبدو أن كلامي لم يعجبك يا سلطة، سأذهب يا وطن وسأعود لأشرب القهوة بعد قليل .. وفي يدي مفاجأة لك.
ذهبت كرامة .. وعادت بعد نصف ساعة..
لقد جاءك ضيوف..
_من الضيوف؟
*إنهم أبناؤك يا وطن مناضل وثائر ومقاوم وشهيد وجريح وأسير.
قفزت دموع الفرحة من عيني وطن .. أين كنتم يا أبنائي؟؟
لقد كنا ندافع عنك يا أبي نحن لا نتخلى عنك .. وسمعنا ما فعله إخوتنا وذهبنا لنلقن منصب درسا وأخته العاهرة سُلطة وتبرأنا من خائن وسارق وطماع وغشاش ونصاب..
وجاءت كرامة وأخبرتنا أنك تبحث عنا وأعادتنا كرامة وأرشدتنا لمكانك .
احتضن الوطن أبناءه أسير وثائر وشهيد وجريح ومناضل وابتسم..
وذهب إلى تاريخ ليتبرأ رسميا من خائن وإخوته .. وسجلهم التاريخ في صفحة العار.
وعاش وطن وأبناؤه بسلام.
واقرأ أيضاً:
عِندَ السقوطْ ! / رسائلُ إلى ريم / وجوهٌ شتى !! / مَعْـشوقَةُ الأحزانِ !!/ أعظَـمُ منْ حبٍّ !/ عفوا يا سيدتي!