السذاجة تتصل بقلة الخبرة والمعرفة والتجربة, ولهذا يكون الساذجون أهدافا سهلة, وأوساطا لتمرير إرادة الآخرين ذوي الخبرات والمعارف العملية. والديمقراطية في مجتمعاتنا توحّلت في أطيان السذاجة, وتأطّرت بالبهتان والضلال, وبمفردات السوء الفاعلة في نفوسٍ إستنقعت بأوعية البغضاء والعدوان. وبسبب ذلك تشوّهت وتحولت إلى حالة مغايرة لطبيعتها وجوهرها, وما تهدف إليه وتسعى لتحقيقه في حياة المجتمعات. فالسذاجة جعلت الديمقراطية أفظع وسائل تدمير الدول وتمزيق المجتمعات, وتفعيل آليات الشرور والعدوان ما بين الإنسان والإنسان.
وبسببها تم حشر الأحزاب الدينية في السياسة, وتطويق الخناق على الحرية في الرأي والمعتقد, والإنغلاق في زوايا طائفية وفئوية حادة ظلماء. فعندما يكون الدماغ ساذجا يسهل تمرير الأباطيل والأضاليل, وتتيسر السبل لإستعباد البشر, وأخذه إلى مهاوي الإتلاف النفسي والفكري والروحي والبدني.
ويساهم في مشاريع الأسذجة (صناعة المجتمعات الساذجة), الكثير من أصحاب الأقلام والأجندات السياسية والفئوية والتحزبية, والذين ينفذون مصالح الآخرين الذين منحوهم وكالات سلطوية وكرسوية, لتقديم الخدمات وفق أرباح وعطاءات مجزية. لكن الواقع المعاصر يخبرنا بأن البشر لا يمكن وضعه في زنزانة إعتقادية أو فئوية, لأن وسائل التواصل الإجتماعي والمعرفي تخترق الحواجز, وتبدد ظلمات السذاجة وتدحر البهتان, فما عاد ذوي العاهات الفكرية والنفسية والسلوكية بقادرين على إستعباد الناس مهما يتوهمون, وحتى لو إتخذوا من القوة والتوحش سبيلا للسيطرة على مصيرهم, لأن الأنوار العالمية تمتلك قدرات فائقة لإزاحة عتمة التضليل ومحق حندس التجهيل.
وستنتصر مجتمعاتنا على عواصف السذاجة, ولسوف تبلغ سن رشدها وخبرتها الديمقراطية والحضارية المعاصرة, وستهزم المعوقات والقوى المناهضة لمجد الحياة.
واقرأ أيضاً:
طه حسين الروح التي أثمرت!!/ الانسكاب الحضاري!!/ لا يصح إلا الصحيح!!/ لنحاور أنفسنا قبل أن نتحاور؟!!/ أوعية الشعوب المثقوبة!/ تُجّار اليأس!!/ بلاد الأرقام أوطاني؟!!