جاءني صديق خمسيني متزوج منذ أكثر من عشرين عاما، يعاني من فتور في علاقته الزوجية العاطفية والحميمية، مدعيا أنه متفاعل مع زوجته في الأمور العامة ويستأنس معها ويناقشها، لكنه لا ينجذب للحديث معها ولا يشتاق إليها إذا خرج من المنزل أو غابت هي عنه. ويرى صديقي أن حياته فاشلة ولا يمنع انهيارها إلا عشرة السنين فقط، رغم أنه لا ينكر حب زوجته له واهتمامها به ورغبتها في إسعاده، لكن مرت حياتهما بفترة أخيرة من المشكلات التي عصفت بحبها من قلبه وبرغبته فيها من نفسه وأصبح لا يستمتع معها استمتاعه السابق رغم أنه يجاهد أن لا يخبرها بهذا. وسألني هل ينفصل عنها ويكتفي بذكرياته الحلوة معها، أم يستمر في حياة مملة من وجهة نظره ولا ينتظر منها انفراجة.
كعادتنا الأطباء النفسيين لا نعطي من يستشيرنا حلاً بل نناقش معه مميزات وعيوب بدائله ونحاول معه أن نبحث عن بديل ثالث قد يكون غائبا عنه.
من وجهة نظري أرى أن الأزواج والزوجات العرب يهدرون معظم طاقتهم في تجنب خسارة شريك الحياة لا المحافظة عليه وإسعاده، فالزوجات مثلا يهدرن جل وقتهن في منع الزوج من المغامرات العاطفية من خلال مراقبة جواله وحساباته الإليكترونية والتدخل في علاقاته بالجنس الآخر وربما تهديد من تقترب من زوجها، وتنسى في هذا التوقيت أن هذا لن يمنع الزوج بل سيجعله أكثر حرصاً على إخفاء ما يدينه فقط، فلو بذلت الزوجة نفس هذا الجهد في زيادة تعلق زوجها بها دون الاهتمام بما يفعل من خلف ظهرها لنجحت في جذبه وقضت على تمرده وحافظت على سعادتهما.
والزوج دائما ما يبحث عن سعادته الشخصية وتأخذ أولوية في حياته، ويرى أن من حقه الاستمتاع بوقته مع من يحب أو من يهوى، لكنه يبذل نفس الجهد في إخفاء هذا لأنه يعلم أن المجتمع حوله سيرفض ذلك أو أنه سيواجه بالعقبات والمشكلات، فيؤثر الخطأ على الصواب، والهروب بديلا عن المواجهة، فتتفاقم المشكلات وتتعمق الجراح ويصلا في النهاية إلي الفشل إما بالصمت الزواجي والاستمرار في علاقة غير مشبعة، أو الصدام الذي يعقبه طلاق أو تقبل للأمر الواقع بعد أن ضاعت طاقة الطرفيين ودخلا في مراحل الاكتئاب.
صديقي يعيش ما سردته سابقا، ووصل إلي مرحلة الطلاق الصامت، فهل يجدي الآن المصارحة والمكاشفة، هل سيتفهم كلا الطرفيين احتياج الآخر ويلبيه؟
المجتمع الغربي أكثر وعيا ورغبة في الحياة والاستمتاع من المجتمع الشرقي، فهو يؤدي ما عليه ويأخذ ما يرغبه دون هلع من مواقف اجتماعية أو شخصية، ناجحون في إدارة خلافاتهم لأنهم يحترمون المشاعر، ولا يستجدون من الآخر الحياة بلا متعة.
صديقي في حيرة وأنا معه، هل يترك زوجته التي يرى أنها بلا عيب سوى أن مشاعره تجاهها أصبحت سلبية؟ هل يستمر في علاقة غير مشبعة بدعوى الإنسانية والعشرة والمجتمع والأولاد وعوامل متعددة أخرجها مجتمع يعشق لعبة الضحية؟ أم يبحث عن متعته سراً؟ أم جهراً؟ هل سيفيده العلاج الزواجي؟
أسئلة حائرة، تدور في فلك لا نهائي، هل الفرد أهم أم الأسرة؟
عجز صديقي عن إيجاد بديل يريحه وعجزت أنا عن مساعدته، فهل هناك من يلبي النداء؟
واقرأ أيضًا:
اضطراب ضعف الانتباه والنشاط الزائد بين الأطفال / المشهد المصري في ضوء تحليل تفكير الأطراف المختلفة / المشهد المصري من منظور نفسي / كيف تؤكد ذاتك؟
التعليق: مساء النور
من فضلكم أنا مخطوبة وعندي مشكلة بدي أطرحها هنا عندكم وبما أنني جديدة ما عرفت بأي قسم أطرح المشكلة من فضلك دلني لو هنا أو فين
وشكرا...،