شاهدت لك: هل تشجع الدراما العربية على الخيانة الزوجية؟
ناقشت الدراما العربية موضوع الخيانة الزوجية من جوانب مختلفة في مناسبات متعددة برؤى متنوعة، لكنها اتفقت على العديد من النقاط رغم اختلاف القصص والتوجهات والظروف الاجتماعية والاقتصادية.
سأناقش اليوم فيلم المستحيل قصة المرحوم الدكتور مصطفى محمود كنموذج لصورة متكررة في الدراما.
الأبطال الرئيسيون في الفيلم ثلاثة:
1- كمال الشناوي المتزوج من كريمة مختار زواج تقليدي يبدو أنه من اختيار الأب كأغلب اختيارات حياته، ويعيش حياة روتينية رتيبة ومملة حتى في أنواع الطعام (ملوخية يوم الأربعاء)، يقرر فجأة (لم يحدد المؤلف مدة الزواج) التمرد ورفض هذه الحياة والبحث عن هوية جديدة، هل أزمة السبع سنوات أو أزمة منتصف العمر. لا ندري.
2- نادية لطفي متزوجة من صلاح منصور زوج أختها التي توفيت بالسرطان وكان عاشقا لأختها لدرجة أنه أحضر لنادية ليلة الزفاف عطر أختها المفضل وطلب منها أن تستخدمه مما جعلها تنفر منه ويحدث لها اضطراب التحول كلما اقترب منها، بل وحاولت الانتحار هروبا من عشرته.
3- سناء جميل المطلقة اللعوب العدوانية على الرجال لعنف زوجها معها، وهي صديقة قديمة لكريمة مختار، صادف دخولها في حياة الشناوي مع بداية أزمته فانخرطا في علاقة جسدية لفترة، يعقبها رفض الشناوي لها بعد أن أحبته.
صادف انتحار نادية عزوفه عن سناء وهنا تتوطد علاقة الشناوي بنادية وتتحول إلى علاقة عاطفية متبادلة تجعله يجهز شقة ليعيشا فيها معا، قبل أن يتراجعا فجأة زاعمين أن طرفي العلاقة (كريمة وصلاح) لا ذنب لهما، ولا يجوز الغدر بهما، ويعود كل منهما إلى حياته التي يرفضها ويكتفي فقط الشناوي برفض ملوخية الأربعاء، وكأن المؤلف يقول أننا نغير فقط التافه من حياتنا ولا نلجأ إلى تغيير مضمونها الأهم.
لو نظرنا إلى الفيلم كنموذج لغيره من الدراما بنظرة تحليلية عميقة سنجد:
1- يسود علاقتي الزواج بين شخصيات الفيلم نمط الطفل المقيد حسب مدرسة إريك بيرن (التكيف والرضا بالواقع، عدم محاولة تغييره، الخوف من التغيير، العناد للإحساس بأنه موجود، الروتين).
2- وجود طرف سلبي في العلاقة نأخذه كمبرر للتغيير رغم وجوده من البداية ولا يسبب لنا المعاناة (فكريمة مختار زوجة سليطة اللسان مع الشغالة والبائعين، كثيرة الصراخ والشكوى، مملة) وصلاح منصور (أهانها ليلة الزفاف، ترفضه جنسيا، مشغول بعمله).
3- سناء جميل تعيش نمط الطفل الحر المتمرد السلبي (لهو / سكر / علاقات) دون تحقيق نجاح ايجابي رغم عملها كمحامي (لم يركز عليه المؤلف وظهر في لقطة وحيدة)، دون مسؤولية مجتمعية أو دينية برغم تعرضها للإيذاء البدني كمبرر أيضا لحياتها، وكأن التغيير لابد أن يكون سلبيا.
4- أزمة منتصف العمر لدى الأبطال لم تأخذ حقها من المناقشة الموضوعية العلمية، ويظهر أنها لم تكن على خاطر صناع الفيلم تماما.
5- الرسالة الواضحة في الفيلم أن الاختيار رفاهية يجب على المصريين عدم ممارستها فهل هذا إسقاط سياسي على الواقع وقتها (الستينات). فالفيلم يرى أن التمسك بحياتك ولو كانت غير مشبعة أفضل من التمرد والبحث عن المجهول.
6- المرأة في الدراما العربية هي من تأخذ قرار الانفصال أو الاستمرار، بينما الرجل منقاد لرغباته ويريد استمرارها، فنادية لطفي هي من قررت الابتعاد، وسناء جميل عندما عاد إليها ثانية رفضته أيضا.
7- الفيلم انتهي بالقرار دون أن يعطي مساحة لأبطالة لاختبار قدرتهم على تنفيذه وكأنه يخاف أن يفشلوا في هذا وهو غالب في الدراما، ورغم أن اختيارهما ضد رغبتهما مع وجود الحب الذي سيجعلهما غالبا سينكسان في عهدهما ولكن هذا سيكون ضد رسالة الفيلم وهو استمر في حياة غير مشبعة لأنه من المستحيل أن تبدأ من جديد.
واقرأ أيضًا:
ماذا يخسر الأهلي بالضربات الترجيحية (نظرة نفسية)؟ / موهوبون ذهبوا للنسيان: رؤية نفسية / لماذا يتدلل نجوم ومشاهير العرب: رؤية نفسية؟ / شاهدت لك فيلم أعراض جانبية !