1- جدول الجنس الزوجي
الغاية من هذه السلسة من المقالات القصيرة إلقاء بعض الضوء على السلوك الجنسي الاجتماعي من وجهة نظر طبنفسية. السلوك الجنسي يخضع أحياناً لدراسات ميدانية ومن خلالها يمكن للإنسان مراقبة سلوكه الجنسي مع شريكته والعمل على تفادي الأزمات النفسية والزوجية.
يسأل الكثير من المتزوجين عن معدل ممارسة الجنس بين الأزواج. أحدث الدراسات تشير إلى أن متوسط معدل ممارسة الجنس بين الزوج وزوجته هو 3 مرات أسبوعياً في البداية ويميل هذا الرقم الى الانخفاض تدريجيا مع تقدم العمر ومدة الزواج وبالتالي يقبل الكثير بان ممارسة الجنس مرة واحدة أسبوعيا او حتى اقل من ذلك هو الاصح إذا تم إحصاء جميع الأزواج1.
ولكن يميل بعض الرجال والنساء إلى تضخيم هذا الرقم في حديثهم مع الأصدقاء وبالتالي يبدأ المستمع في مقارنة سلوكه مع مضيفه ويستنتج بأن حياته الجنسية دون المستوى المقبول.
انخفاض معدل ممارسة الجنس نتيجة حتمية لضغوط الحياة ومشاكلها اليومية بالإضافة إلى رعاية الأطفال. هذه الضغوط تؤدي إلى غياب العفوية في ممارسة الجنس أحياناً وتدريجيا يكتشف الزوج وزوجته بأن هناك مكانا واحدة ووقتا محددا لممارسته. يتصور بعض الأزواج بأن هذه عادة مكتسبة سببها الفتور الجنسي من طرف واحد أو من الطرفين. الكثير من الرجال يعتقد بأن زوجته لا تمارس الجنس معه إلا من أجل تأدية واجبها الزوجي وتتظاهر بوصولها مرحلة الإرجاز لتضمن سكوته وتجنب غضبه.
على ضوء ما تقدم أعلاه يمكن استنتاج ما يلي:
لا توجد وصفة طبية جنسية لعدد ممارسة الجنس أسبوعياً.
يستعين بعض الأزواج بصورة تلقائية أو غير تلقائية إلى استحداث جدول زمني لممارسة الجنس. هذا الأمر ليس بالغريب في العالم الحديث الذي يتميز بجدولة كل فعاليات الإنسان من عمل وتغذية وفعاليات رياضية وبالطبع متابعة الإنترنت. مع ولادة الأطفال والرعاية بهم وضغوط الحياة الاقتصادية والتنافس الاجتماعي الذي لا نهاية له تزداد عدد الفعاليات البشرية التي يتم جدولتها وتقليص الزمن المطلوب لإدائها وإحدى هذه الفعاليات هي الحياة الجنسية بين الزوج وزوجه.
واحد من كل خمسة أزواج يقر بأن جدول الجنس الأسبوعي (أو حتى الشهري) هو الوسيلة الوحيدة لضمان ممارسة الجنس. ما يقارب واحد من كل ثلاثة أزواج يقر بأنه بحاجة إلى مثل هذا الجدول بين الحين والآخر، ولكن ما يقارب النصف منهم يعترف أيضاً بأن الجدول الزمني يجرد الحياة الجنسية من المتعة والمرح2. يكاد يكون يوم الجمعة أو السبت هو موعد ممارسة الجنس في العالم الغربي ويتصدر يوم الخميس بقية أيام الأسبوع في العالم العربي.
ليس من غير المألوف الشكوى من جدولة الجنس أحياناً في الرجال وأقل من ذلك في النساء الذين يشكون من أعراض نفسية طفيفة وتوتر وقلق لا يحتاج دوماً إلى علاج عقاري. هذه الشكوى تعكس قلقاً مترسخاً في داخل أعماق نفس المريض أو المريضة بفقدان جاذبيتهم أو جودة أدائهم الجنسي وبالتالي تم استحداث الجدول الزمني لتجنب المشاكل. بعبارة أخرى متى وصل الرجل أو المرأة الى مرحلة عدم الشعور بالأمان في الحياة الزوجية أو متى ما وصل الإنسان إلى هذه المرحلة في جميع مجالات الحياة يبدأ اللجوء إلى استحداث الجداول الزمنية ومحاولة الالتزام بها للسيطرة على محيطه.
الجنس بين الأزواج هو بصراحة أفضل باروميتر لقياس جودة الحياة الزوجية.
طبيعة ونوعية العلاقة الزوجية هي التي تحدد طبيعة ونوعية اتحادهم الجنسي. هذا الاتصال الجسدي بين الرجل والمرأة أشبه بطبقات من الحماية الذاتية للإنسان ضد جميع مشاكل الحياة في ذلك الوقت. يشعر الرجل أو المرأة أحيانا بالضعف وتعرضه للاستغلال في الحياة ولكنه حين يكون عاريا وفي حضن زوجه يشعر بالأمان والقوة وأن هناك من يعينه نفسيا ويصل هذا الشعور يصل ذروته مع وجود ارتياح متبادل خلال تلك اللحظات.
متى ما بدأ مقياس هذا الباروميتر بالانخفاض بسبب قلة الفعالية الجنسية أو استحداث جدول زمني صارم للسيطرة على تذبذب المقياس يمكن أن تستنج بأن هناك قضايا معلقة متعددة بين الزوجين لم يتم حسمها بسبب الفشل في الاتصال المعرفي والعاطفي بينهما. ولكن حسم هذه المشاكل في الغالبية العظمى من الحالات لا يتطلب أكثر من أن يبادر الزوج بالحديث مع زوجه والتعبير عن مشاعره وكذلك عليه أن يدرك بأنه أيضاً يجب عليه أن يطلب من زوجه الحديث واستعداده هو للاستماع إليها.
في الوقت الذي يحرص الطبيب أو المعالج النفسي على الاستماع لمريضه في هذه القضايا فعليه كذلك أن يشجع المريض بالحضور في المستقبل مع زوجه للحديث سوية في جلسة قادمة. هذا أفضل بكثير وقد يكشف عن قضايا معلقة لم يصرح بها المراجع.
ولكن قبل أن تبدأ بإطلاق المواعظ واستحداث خطة علاجية لا تتردد في أن تسأل المراجع إن كانت هناك امرأة أخرى في حياته. هذا السر أحياناً لا يتم الكشف عنه إلا في خلال جلسات علاج نفسي ولا يتطوع المراجع بالإفصاح عنه في الجلسة الأولى ولن يفعل ذلك إن لم توجه السؤال له. عند ذاك تستنج بأن المشكلة الأولى والأخيرة هي فقدان المراجع السيطرة على حياته الاجتماعية واستحداث توازن بين مسؤولياته العائلية وتلبية احتياجات المرأة الجديدة.
المصادر:
1- Mitchell KR, Mercer CH, Ploubidis GB, Jones KG, Datta J, Field N, Copas AJ, Tanton C, Erens B, Sonnenberg P, Clifton S, Macdowall W, Phelps A, Johnson AM, Wellings K. Sexual function in Great Britain: findings from the National Surveys of Sexual Attitudes and Lifestyles (Natsal). Lancet. 2013; 382: 1817-1829
2- Peck S (2014). Who doesn’t schedule their sex life? Daily Telegraph. London
واقرأ أيضاً:
العادة السرية وموقع مجانين / المجدلية والطب النفسي تعليقا على الزنا مشاركة / غرام الأطباء أيروس(2) / أ.ر.ق النساء: الرغبة الجنسية قاصرة النشاط في النساء