نحن متسرعون وغير عادلين مع أنفسنا، نبحث عن فضيحة وشماتة وهزيمة ونصر، نهرب من واقعنا والظواهر الاجتماعية التي تفتك بمجتمعنا، ونبحث في الدول ومصالحها، نحن مجتمع محافظ يخاف من كل شيء حتى من الفرح، ورغبتنا في أن يكون العالم العرب والمسـلمين على شـاكلتنا، وكأننا غير مُدركين ما يدور حولنا، والمصالح التي تحكم تلك الدول بنا، والإعتقاد أنها جمعيات خيريـة وتُقدم لنا الدعم من أجل سـواد عيوننا..!!
تركيا دولة علمانية ويحكمها حزب "إسلامي" وتوظف قيادتها الدين لصالحها، النظام السياسي فيها ديموقراطي والحزب الحاكم يحكم وفقاً للنظام والدستور، وتبحث عن مصالحها ولم تُعلن يوم أنها خارج حلف (الناتو)، وتسعى كي تكون عضو فاعل في الإتحاد الأوروبي، ولم تقطع علاقتها (بإسرائيل)، وتربطهما علاقات أمنية واقتصادية وسياحية.
تلقت "حركة حماس" خبر الإتفاق بين تركيا و(إسرائيل) بحزن وأنه خبر غير سعيد، فهم يُعولون كثيراً عليها، مع أنني لم أرَ أي موقف سياسي حقيقي لتركيا تجاه "حماس"، ربما أسطول الحرية مرمرة، حتى أثناء العدوان الإسرائيلي على القطاع الذي استمر 51 يوماً، والدعم المادي للجمعيات الخيرية والجامعة الإسلامية توقف منذ عامين وتُعاني أزمة مالية حادة، لكن تركيا تسمح بنشاط للحركة وللقيادي صالح العاروري بالإقامة، وقبول الطلاب الفلسطينيين للدراسة فيها.
وسائل الإعلام الإسرائيلية تلقت الخبر بفرح؛ فهم يُدركون دور تركيا وطبيعة العلاقة بين البلدين، ولم تصل حد القطيعة، وإن بدت خلال الخمس سنوات ونصف الماضية شكلاً عدائياً، (إسرائيل) وبعض الشامتين تلقى الخبر بسعادة وشماتة في "حماس"، وأبرزوا بند في الإتفاق بعدم السماح للعاروري دخول تركيا وفرض قيود على نشاط الحركة.
نبحث في نسـج علاقات مع دول عديدة ونُدرك أنها إسـتبداديـة ورجعيـة وتتآمر على قضيتنا، نُحاول وصل حبال الود والوصل معها، نُعمق علاقتنا مع روسـيا ضد أمريكا التي نخطب ودها ونثق فيها، وفي يدها أوراق الحل والعقد، روسـيا تُقاتل مع سـوريا التي أصبحت عدواً بعد أن كانت حليف اسـتراتيجي ودولـة مركزيـة من دول المقاومـة والممانعـة..!!
نبحث في تجديد العلاقـة مع إيران ونخسـر تركيا وسـوريا، ونُبدل من تحالفاتنا ونُغازل السـعوديـة ونتقرب منها، واليمن الذي كان حضناً دافئاً لم يعُد ذي صلـة بالنسـبـة لنا، ونخسـر مصر في قضيـة ليسـت قضيتنا وهي عُمقنا التاريخي والسـياسـي، ونكسـب قطر ونُقيم فيها، ونطلب ود دول خليجيـة جديدة، ونخسـر علاقتنا مع الأردن والإمارات، ونسـتمر في علاقتنا بجارتنا (إسـرائيل) ونخاف تحديد نوع العلاقـة معها، نُجرب المجرب برغم مسـيرتنا الطويلـة والمريرة مع محيطنا العربي، ولم نحسـم علاقتنا الداخليـة وتجديد شـكل علاقتنا بمحيطنا حسـب مصالحنا فنحن بحاجـة للجميع..!!
نُغيّب حاضرنا ونهرب من نقاش واقعنا وما جاء في تقرير المركز الفلسطيني للديموقراطية وحل النزاعات و 700 حالة تحرش جنسي بالأطفال في قطاع غزة خلال العامين 2014 و2015، والواقع الإجتماعي والتحرش والإعتداءات الجنسية ليست مخفية؛ فالنساء والأطفال والفتيات يتعرضن للتحرش الجنسي في البيوت والشوارع والعمل والجامعات والمواصلات العامة.
هي ظاهرة ليست حُكراً على فئة بعينها، الفقراء والأغنياء على حد سواء، نخشى طرح هذه الظواهر بجرأة وشفافية خشية وخجلاً، الجميع يخاف البوح والتوعية، وكيف نُحصن مجتمعنا والبحث في أسبابها وقدرتنا على علاجها من دون تحميل طرف المسؤولية، وليس الإختباء خلف الحرام والحلال. جميعنا يتحمل المسؤولية والسلطة الحاكمة عليها المسؤولية الأولى لوضع البرامج والخطط والتوعية والتثقيف والتشجيع على حرية التعبير، ليست هذه الظاهرة الوحيدة التي تُفسخ نسيج مجتمعنا، هؤلاء أطفال ضحية الخوف والخجل، أو حاجات أخرى نفسية وفسيولوجية يُعاني منها حتى المتحرشين.
واقرأ أيضًا على مجانين:
هنا غزة... من يحتاج من؟/ ذكرى النكبة: النكبة نكبات تتجدد يومياً/ هنا القدس...!/ فتوى يهودية بإقامة معسكرات إبادة للفلسطينيين/ عرفات ينهض من قبره