كتاب "دكتور لا مؤاخذة" ...بقلم د. شادي خيري حكيم كتاب يأخذك لجولة ترى منها الطب وأهله من جانب آخر .. قد تكون قرأت في أدب الأطباء .. ووجدت من بين سطورهم بعض المعلومات عن الطب وأهله.. وقرأت للأطباء أيضا في الأدب البعيد عن الطب.. لكن ها هنا تختلف الرؤية.. خمسون زاوية ورؤية مختلفة..
هو كتاب يصنف من الأدب الساخر .. طبيب شاب يحكي عن يوميات ومواقف تعرض لها في مهنته ....بالعامية المصرية الفريدة ... ليس باليسير أن تغير مشهد العناية المركزة ..من مشهدها المهيب إلى الساخر .. وتحويل صورة مريض الغيبوبة مثلا أو الجلطة أو غيرهم بكل ما تحمله هذه الحالات من معاناة إلى ابتسامة .. وأن تصنع الضحك من المرض... عمل عبقري وصعب ..
تناول كاتبنا .. الحوار المسموع وحوار الخواطر .. وأكثر ما أبدع فيه هو حوار الخواطر .. أن تقرأ محادثة .. غير مسموعة .. بكل تلك الأفكار والخواطر التي تتردد على ذهنك .. ولا تستطيع النطق بها في كثير من الأحيان ..أقل ما يقال هو إبداع قلم .. وأنا عشقتها حقا ... وتحولت المشاهد من كتابات بين يديك.. إلى مقاطع سينمائية .. غاية في الروعة .. والإبداع .
أيضا تنوعت الشخصيات التي لعبت البطولة في كل مشهد .. سواء من زملاء المهنة أو المرضى أو غيرهم .. وتنوعهم.. أثرى الكتاب لا شك.. فأنت لا ترى المهنة من زاوية طبيب ومريض.. لكن ترى الطبيب من كل الزوايا.. ومع مختلف الطبقات.. حتى حينما يكون الطبيب ذاته مريض ..
نتقد كاتبنا الأفارقة .. ونحن منهم في الحقيقة .. نختلف عنهم بعض الشيء ولكن هو هو نفس العرق .. ولن أحكم على التعامل مع الجنسيات الأخرى غيرنا .. فأنا لم أتعامل مع أجانب إلا قليلا ..
يكتب الكاتب من مشهد إلى آخر لمحات سياسية .. هنا وهناك .. مواقف وانتقادات .. أضافت للكتاب بدون شك .. ونوعت من زواياه المعتادة .. وإن لم يكن الساخر سياسي .. فمن يكون إذا؟؟
الكتاب رؤية ساخرة .. لوضع مهنة مهمة جدا في حياتنا جميعا .. وتلعب دورا ولها يد في كل بيت .. لو نظرنا له لوجدنا أنه ضحك كالبكاء .. أنظر إلى الطبيب في العمل الحكومي والخاص وما بينهم من أعمال متقطعة هنا وهناك... والدخل المحدود مقابل تكاليف التعليم الباهظ... انظر إلى تعامله مع أمراض قد تسبب له العدوى بسهولة.. من الاحتكاك بالمرضى بشكل مباشر.. دون بدل عدوى لائق.. دعنا من ذلك .. مساعد الطبيب غير المؤهل للعمل داخل المستشفيات أو حتى التعامل مع أساسيات تلك المهنة .. وظهور المعاهد الخاصة للتمريض .. والمسؤولية الأولى والأخيرة عليه.. فهو باختصار.. الطبيب ..
عمل الطبيب لساعات طويلة وتحت ضغط دون النظر لحالته الإنسانية والبدنية .. أماكن للعمل غير مجهزة بأقل الإمكانيات .. نظرة المريض لطبيب وزيادة الضغط عليه .. سواء من المريض أو أهله ... حتى وجبات الطعام المقدمة وأماكن الراحة.. وحدث ولا حرج عن مرحلة امتياز الأطباء .. مأساة حقيقة ..
ينتهى كل مشهد بمجموعة ( هشتاج #) .. وكأن كاتبنا يقول هذه ..هي خلاصة المشاهد .. جمعتها لكم ..كتحلية بعد وجبة دسمة .. واستخدام الهشتاج يعيد الذاكرة بنا إلى بدايات الكتاب ..
نادرا ما تقرأ المقدمات ..لكن مع هذا الكتاب لن تترك حرفا دون قراءة .. ستقرأه .. من الجلدة للجلدة ..
الكتاب رائع في مجملة ... ويصلح كهدية لمحبي القراءة ولمعالجة ضغوط الحياة بالضحك .. ستضحك من قلبك .. وعلى ضمانتي .. وستدعو لصاحب القلم بالمزيد من الإبداع .. ولن تندم قط على وقتك مع هذا الرائع .. على الرغم من شوقي أن أنهي الكتاب .. على الرغم أني كنت على أمل أن يبقى معي اكثر .. وأن تزداد المشاهد أكثر .. لن تقرأه مرة وتتركه .. سيصبح صديقا لك مقرب .. وقد يكون مجاورا لك عند النوم .. لتأخذ جرعة ضحك قبل أن تذهب لعالم الخيال ...
واقرأ أيضاً:
ليلة سفر، رؤية نقدية/ بالأمس حلمت بك/ مسافر على الرصيف - كتابة نقدية/ اللحية والنقاب.... وسياسة الهروب من العقاب/ إن كنتِ أنثى .. فلا تبالي... أنت ِ مجرد عدم..