إما أن يتعاون العرب أو جميعهم إلى عطب, تلك حقيقة دامغة أثبتتها مسيرة قرن من الزمان, وأكدتها متواليات الويلات والخيبات والانكسارات المتفاقمة في بلاد العرب أوطاني, والتي أسهمت ثروات العرب في تأجيج نيرانها وسحق أجيالها.
فالعرب ما تعاونوا مع بعضهم, وفشلت جامعتهم العربية فشلا كبيرا في الحفاظ على الحد الأدنى من العمل العربي التعاوني المشترك, وما وقع على العرب من قهر وظلم وحروب بسبب عدم تعاونهم مع بعضهم, بل أنهم تعاونوا وبقوة مع أعدائهم ونفذوا برامجهم المرسومة ضد العرب. فما أصاب العراق وليبيا وسوريا واليمن كان نتيجة مروعة لتعاون العرب مع أعداء العرب للنيل من العرب.
ولا يمكن لقوة أن تحقق مطامحها في دولة أخرى إن لم يتعاون البعض من أبناء تلك الدولة معها, وهذا ينطبق على العرب عموما, فلا يمكن لقوة أن تحقق مصالحها في أرض العرب إلا بتعاون بعض العرب معها, والأدلة كثيرة ومتكررة, ولا يزال بعض العرب يتعاونون مع أعداء العرب للنيل من العرب.
وبعد مسيرة الانحرافات المتواصلة والإمعان بالغباء والسفه السياسي والسلوك الغفلاوي, على العرب أن يستفيقوا من سرابات الضلال والبهتان ويفكروا بمصالحهم ومصيرهم المشترك, فلا أحد يفرّق بين عربي وعربي, لكن الجميع يسعى لاستخدام العربي ضد العربي لتحقيق مصالحه وتطلعاته وطموحاته.
وعلى العرب أن ينفضوا غبار التراكمات المريرة ويتفاعلوا بروح إيجابية, وإرادة واعية تضع نصب رؤيتها المصالح الوطنية والعربية, فما يصيب أية دولة عربية يؤثر بالدول العربية الأخرى, فهزيمة دولة تعني هزيمة أمة, وانتصار دولة يعني انتصار أمة, فلا يمكن فصل الدول العربية مصيريا عن بعضها, فالذي أصاب العراق أثر على الوجود العربي بأكمله, وكذلك ما تحقق في ليبيا وسوريا واليمن, ولهذا فإن معادلة الوجود العربي متوازنة, وأي إخلال في عناصرها المتفاعلة يتسبب باضطرابات كبيرة في تفاعلاتها ونتائجها.
ومن هنا فإن الوقت قد حان لكي يكون العرب مع العرب, وأن يفكر كل مواطن بمصالحه الوطنية أولا, وباجتماع المصالح الوطنية لجميع الدول العربية, يحقق العرب مصالحهم وينطلقون بقوة واقتدار في عصر يطالبهم بالمشاركة الحضارية الإيجابية الطيبة. ولهذا فمن الواجب إسناد أي تقارب عربي عربي, والحث على تطويره والارتقاء به إلى مستويات متقدمة من التفاعلات النافعة للمواطنين, وعلى العرب أن يتجاوزوا الممنوعات والخطوط الحمراء ويؤمنون بضرورة الحياة معا بأمن وسلام, لكي تتنعم الناس بالقدرة على العطاء السعيد الجزيل.
فإن لم يتعاون العرب ويدركوا وجودهم فإن العطب مصيرهم, فهل سيستنهض العرب همهمهم ويؤمنون بضرورة ألفتهم؟!!
واقرأ أيضاً:
مرآة آثام القرون!!/ أبوة الأخطار!!/ الاستهلاكية الفكرية!!/ النفس الأمّارة بالسوء منبع السوء!!/ البحث عن المفقود!!/ الأصغرُ المتفاعلُ أكبرٌ متفائلُ!!/ الإدراك الديمقراطي!!/ لكل فضيحة واعظ أثيم!!/ العمود الفقري العربي المكسور؟!!/ تحيا مصر وتبتْ يدا مَن يعاديها؟!!/ هل تحولت هويتنا إلى قضية؟!!/ اكسروا الأقلام فالمشاريع على ما يُرام!!/ أولياء أمور العرب لا يقرؤون!!