فنقول عربستان أي موطن العرب وباكستان أي موطن الباكستانيين.
وداء "ستان" أخذ ينتشر في الأرض ويعبر عن نفسه بتفاعلات متنوعة تهدف إلى تحقيق أكبر عدد من الضحايا البشرية, وتوفير النبيذ الأحمر الذي تنزفه العروق الحية لكي تشربه الأرض وتبقى في حالة ثمول شديد ودوران أبيد.
فليس من الغرابة أن نتحدث في هذا الموضوع, الذي يُعبَّر عنه بأساليب تمويهية وتضليلية, لكنها تهدف إلى إعداد الناس للوصول إلى حقيقة وواقع يُجبَرون عليه, برغم ما فيهم من مفردات ومعاني لا تقره وترضاه, وذلك يكون بتوفير الضربات الانفعالية ذات التأثير العاطفي الشديد جدا.
وكأننا أمام واقع جديد يكون الوطن الواحد فيه أجزاء ستان, فهكذا كما يبدو, يُراد لوطن يسمى العراق أن يكون لأنه نفطستان. وكما ترون فإن دولة فلسطين المنتظرة تحولت قبل ولادتها إلى تحريرستان وحماسستان, وربما في طريقها إلى عالم ستان الجديد العديد من الدول التي يمكن تقطيع أوصالها بسهولة.
ويبدو أن الأمم المتحدة سيتضاعف عدد أعضائها وفقا لقانون "ستان" الذي يحل المشاكل بمشاكل أعظم, فيشغل الأمم المتحدة ليل نهار ويوفر لها أسباب الديمومة والبقاء الخالد.
وستان داء فيروسي خطير أخذ يصيب البشرية, ويتغلغل في خلايا وجودها وقيمها ومعتقداتها وبيوتها وأوطانها فيجعلها تتشظى, أو يحصل فيها انشطار أميبي متسارع وربما سرطان عصي على التوقف والعلاج, إلا باستخدام الإشعاع المنبعث من السلاح النووي الذي أخذ يتململ ونفذ صبره, وهو يكمن في مرابضه على مدى نصف قرن أو يزيد, ويرغب بالتعبير عن دوره وشراسته, مثل أي شيء يأتي إلى سطح الأرض ويبتكره عقل بشري مدفوع بالنوايا الخبيثة السوداء.
فالأرض ترغب أن ترى فعل ما فوقها بل أنها في غاية الشوق لكل جديد, خصوصا الذي يطعمها بالأجساد ويسقيها بالدماء والدموع, ويوفر لها طاقة الدوران اللازمة لتفاعلها وقيمتها في هذا الكون المجهول الأبعاد.
الأرض كائن حي يحارب ما عليه من المخلوقات ويساهم في زيادة عددها من أجل أن يحصل على وجباته الدسمة على مدار اللحظات, فلا يمكن للأرض أن تبقى تدور من غير صرخات ولادة ودموع حزن ووداع, ولحم يندس في أفواهها التي يصنعها البشر الذي ستأكله ذات يوم, فكل ما فوقها من ملكها وفريستها اللذيذة الطازجة.
فالأرض تقرر مصيرنا ونحن لا نقرر مصيرها, وهي التي تسعى بنا إلى حيث تريد ونحن المقيدون بسجنها وثقل جاذبيتها وعنفوان دورانها وسطوتها القاهرة. وسياسة "ستان" ذات تعبيرات حضارية وديمقراطية معاصرة في بداية قرن المآسي الجديد لتأكيد مبدأ التمزيق والسيادة, ولكن بأسلوب معقد ومتطور ينطلي على الضحايا والمساكين, الذين يتم أسرهم في معتقلات جهلستان وتضليلستان وخداعستان وبهتانستان.
فنحن نعيش في زمن تختزل الأوطان فيه إلى مَواطن لكي يتم القضاء عليها واستغلالها وتفتيت قدراتها وامتلاك ومصادرة ما فيها, وذلك لأنها بعد أن سقطت ضحية لأنياب "ستان" وتم تقطيعها إلى أوصال, سيكون من السهل على الحيتان الكبيرة سرطها بمتعة وراحة ولذة, والتي ربما ستصاب بمرض التخمة واضطراب الهضم بسبب شراهتها ونهمها الشديدين ووفرة عالم "ستان" من حولها.
مقص "ستان" القاسي الدامي الرهيب سيمضي في تقطيع أجساد البشرية وتحويلها إلى معسكرات متضادة مع بعضها, وفي حرب داحستان وغبراء ستان المعاصرة , والتي سيكون عمرها بالقرون وليس بالعقود والأعوام.
ولكي يتم تجنب الحروب الكونية المرعبة, لابد للبشر أن ينشغل بآلاف الحروب البشعة ما بين "ستان" و"ستان" ويبني حضارة حروبستان, وبذلك تتحقق السعادة البشرية وتجني شركات الدمار العالمي أعظم الأرباح, وتبيع ما تنتجه من وسائل الخراب والفتك لهؤلاء المصابين بطاعونستان.
وهناك العديد من البلدان التي يمكن تسميتها مثلا "لطمستان" و"أحزان ستان" و"طغيانستان" و"ظلمستان" و"فقرستان" و"جوعستان" و"كرهستان" و"فساد ستان" وهلم جرا. ولكن يعز علينا أن نجد بلدانا يمكن تسميتها "أفراحستان" و"عدلستان" و"إخوانستان" أو "سلامستان" لأن ذلك لا يتفق وطبيعة النزعات البشرية التي تتحكم بها أمارة السوء التي فيها.
ويمكنك عزيزي القارئ أن تضيف "ستان" إلى ما تشاء من المفردات لتصنع مفردة مركبة ذات دلالات ومعاني جديدة, وما أروع أن يكون عالمنا المعاصر "سعيدستان" ولكن هيهات وهيهات أن يتحقق معنى الإنسان.
واقرأ أيضاً:
التفنكرية!! / المنشغلون بسعادتهم وتعاستهم!! / وداعا للرصاص!! / القوي لا يأكل القوي!! / يريدون ولا نريد؟!! / الشر والخير مصلحة؟!! / الجهل والغباء والدين الوباء!!