عالم اليوم وجود بخرائط معلومة ترسم جغرافية المستقبل ومواقيت أحداثه وتوالداتها وما ستؤول إليه تفاعلاتها وما هي النتائج الناجمة عنها، وكيف يتم الاستثمار فيها للوصول إلى غايات مطلوبة وأهداف محسوبة. وهناك مجتمعات صغيرة تمكنت من الإمساك بإرادة قِوى كبرى وسخرتها وفقا لمشيئتها ومنطلقاتها المستقبلية، فأخذت ترسم لها خرائط الأحداث والتغيرات على رُقع تفاعلية ذات عقد أو عدة عقود من الامتداد والاتساع والتأثير المتوالد الخلاق.
وتجدنا اليوم في محنة الهيمنة الخرائطية على مصير الأمم والشعوب والثروات، فكل ما يجري محسوب ومقدّر بدقة متناهية ووفقا لأبحاث ودراسات وتجارب وتقنيات، وآليات ذات فعالية عالية في تحقيق الأهداف والمشاريع وبرمجتها لكي تأتي بالنتائج المرغوبة. والذين يتحدثون عن الخطأ والصدفة وغيرها إنما هم من معشر الجهلة المتورطين بصناعة الويلات وارتكاب الخطايا والآثام وتوليد الآلام. فالذي يجري يتم رسمه من قبل بعض العقول التي تمكنت من القِوى الفاعلة في الأرض، فسخرتها لمصالحها وإرادتها المتفقة ومعتقداتها وتصوراتها الداعية للدمار والخراب، والإهلاك السافر للموجودات المتعارضة مع تيار تدفقها نحو تحقيق مبتغاها ورؤاها.
والواضح أن المنطقة العربية هي الهدف الأول والميدان الذي ستُرتكب فيه الفظائع والجرائم البشعة بحق الإنسانية، وأن الحرب القادمة لن تكون في موضع آخر غير المنطقة العربية، وأن إيران لن تكون ساحة لها وإنما طرفا فيها، أما العرب فإن ديارهم كافة ستكون ميادين للخراب وتجربة أحدث أسلحة الدمار الشامل وربما الأسلحة النووية، ذلك أن العرب منقسمون ومتجاهلون وقابعون، ومعظمهم يلهث وراء الطامع فيه والذي يفترسه بوحشية وعدوانية، بل إن بعضهم يتوسلون بأعدائهم لكي يأسروهم ويأخذوا أموالهم وخيراتهم ويمتهنوا شعوبهم، من أجل بقائهم في كراسي السلطة الذليلة.
وهكذا فإن العرب لا يقرؤون الخرائط وإنما ينفذونها باندفاعية غير مسبوقة، وبعماء وأجيج عاطفي تتحكم به القوى المُفترسة للذات العربية وما يتصل بها من سمات ومميزات، بعد أن صار الدين القنبلة الأكثر تدميرا وامتلاكا وإهلاكا للعرب.
فهل من تبصر بالخرائط وتدبّر بالمكائد وتفاعل مترابط وتعاضد!!
واقرأ أيضاً:
قيمة العقل في الإسلام! ماذا جرى؟ مشاركة / تحديد اللامحدود والعقل المصفود!! / الكرة المصرية والإرادة العربية!! / الكراسي العربية الغبية!! / التاه - ريخ؟!! / الحريق والطريق!! / العقل والدين!! / الأزموية!!